النمو والتنمية .. والمواطن

النمو والتنمية.. والمواطن

وأنا أتصفح الاحصائيات "القديمة" التى ينشرها جهاز الاحصاء القطرى وبعض مصادر المعلومات الدولية الحديثة، وجدت أنه من غير الطبيعى أن تكون نتائج النمو والتنمية وبالا على الوطن والمواطنين وأن تصل أعداد المواطنين بسبب هذا الاندفاع الى أقل من 20 % من جملة عدد السكان. وانه أيضاً من غير الطبيعى أن تصل أعداد العمالة القطرية الى أقل من 5 % من جملة أعداد العمالة فى قطر. وهذا يطرح أسئلة عديدة لا نعرف أجوبتها: لمن تتم عملية النمو والتنمية فى البلاد؟ ما هو دور المواطنين فى النمو والتنمية؟ هل هناك من يريد تغييب المواطنين عن السطح؟ وغيرها الكثير..

عندما نتحدث عن النمو والتنمية فى أى مكان فى العالم فاننا نركز بشكل أساسى على النتائج المترتبة من النمو والتنمية والتى يجب أن تصب، فى المقام الأول والأخير، فى مصلحة المواطنين. وتنعكس أهمية التنمية بأنها تؤدى الى نتائج ملموسة يستطيع المواطن أن يقيسها أو على الأقل يشعر بها. ولنناقش ما ذكر من نتائج النمو والتنمية على الوطن والمواطن.

أولاً: زيادة الدخل الحقيقى وبالتالى تحسين معيشة المواطنين: ولا يختلف اثنان عن زيادة الدخل القومى للوطن ولكنه وللأسف لا يزال أحادى المصدر أى من الهايدروكربونات وفى ذلك خطر كبير على البلاد والعباد. وفى نفس الوقت فان زيادة الدخل لم تساهم فى تحسين معيشة المواطنين ولولا الزيادة التى أمر بها سمو نائب الأمير حفظه الله لوجدنا الكثير من المواطنين، والعياذ بالله، تحت خط الفقر.

ثانياً: توفير فرص عمل للمواطنين: وهذا الأمر لا يزال بعيداً عن أرض الواقع لأن تزايد أعداد العمالة الوافدة التى تقبل بالعمل فى أوضاع غير سوية أو بأجور متدنية تعمل على اعاقة برامج تنمية الموارد البشرية المواطنة بل تعمل على عدم حصول المواطن على العمل المناسب ولهذا فانه ليس بمستغرب قيام الجهات الحكومية وغيرها بتوظيف الوافد وتفضيله على القطرى بحجة واهية اشاعتها العمالة الوافدة، وصدقها المسئول القطري، لغرض ما فى نفسه، بأن المواطن كسول وغير منتج مما نتج عنه وجود نسبة من البطالة بين المواطنين.

ثالثاً: تحقيق الأمن القومى للدولة: ان الأمن الداخلي، والحمد لله، مستتب. ولكن فى هذا المقام فاننا نرغب فى معرفة الاجابات على أسئلة الفريق ضاحى بن خلفان، القائد العام لشرطة دبي، عندما قال "أيها القوم: أسواقنا بيد من؟ محلاتنا بيد من؟ بضائعنا عند من؟ العوائد المالية الناتجة عن هذا الاقتصاد، تذهب الى حسابات من؟ مساحات الأسواق، يحتكرها من؟" وعندما نستطيع الاجابة على هذه الأسئلة نستطيع أن نعرف هل حققنا الأمن القومى للدولة أم لا يزال المشوار طويلا جداً.

رابعاً: تقليل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين طبقات المجتمع: ولأول مرة أعرف أن القطريين كلهم ليسوا أبناء تسعة. فالكثير من المواطنين، ولسنوات طويلة، لا يزال يبحث عن الوظيفة المناسبة فى حين أن غيره (بعضهم وللأسف من غير المواطنين) تأتى له عقود العمل بالمنزل ليختار من بينها ما يناسبه وبالراتب المناسب. ولا يزال المواطن يبحث عن الأرض التى سيبنى عليها بيته ويعانى من الانتظار لوعود قد لا تتحقق فى حين أن هناك مساحات كبيرة من أراضى البر والبحر والتى هى أصلاً ملك للشعب تمنح "للبعض" بل وعليها سندات ملكية. والقائمة طويلة جداً تثبت أن القطريين كلهم ليسوا أبناء تسعة.

خامساً: توفير السلع والخدمات المطلوبة بالأسعار المناسبة: الحمد لله أسواقنا عامرة بالسلع والخدمات لكنها ليست من نتاج عملنا بل كلها مستوردة من جميع أنحاء العالم. ولكننا نجد أن الحكومة قامت برفع رسومها وطرد الشركات التجارية من مقارها ومن سكن موظفيها مما رفع الأسعار على المواطن البسيط. فأصبحت السلعة موجودة ولكنها مرهقة للمواطنين، مما جعل غير المواطنين يتكاتفون مع بعضهم البعض. فعلى سبيل المثال قمت بتغيير زيت السيارة والفلتر وطلب منى العامل 20 ريالا كأجرة فى حين طلب من غير المواطن لنفس العمل 5 ريالات لسبب بسيط، وكما قال ذلك العامل "هو أن الحكومة القطرية هى التى ترفع الأسعار وبما أنك قطرى فأنت مستفيد من هذه العملية".

سادساً: تحسين المستوى الصحى والتعليمى والثقافي: وهنا يتوقف الكلام عن المستويات التى وصلنا لها فى الخدمات الصحية والتعليمية ويكفى فتح الراديو على برنامج وطنى الحبيب.. صباح الخير لنعرف تلك المستويات. أما المستويات الثقافية فقد أصبح المواطن، ببركات القائمين على الثقافة، يعرف أسماء المطربين والمطربات، العرب منهم والأجانب، أكثر مما يعرفه عن بلاده وعن رجالات قطر الذين طوروا ودافعوا عن هذا الوطن.

وفى الختام نقول ان الغاية التى يعمل من أجلها النمو والتنمية هو توفير حياة كريمة لكل مواطن وهذا الهدف لا يتحقق الا من خلال منظومة متكاملة يتضافر فيها النمو الاقتصادى مع التنمية الاجتماعية الشاملة، لأن النمو الاقتصادى يصبح فارغاً من مضمونه اذا لم يشعر المواطن بأثره فى حياته، واذا لم يشارك المواطن فى صنع القرار.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع