جمعية المحامين القطرية

جمعية المحامين القطرية

عُقد بأحد فنادق الدوحة بتاريخ 20 /10 /2012 مؤتمر للمحامين في قطر بعنوان "نحو الارتقاء بمهنة المحاماة في قطر" ركّزت الجلسة الأولى على "هيكلة مهنة القانون" أما الجلسة الثانية فقد تناولت "قواعد سلوكيات وانضباط المحامين". والمؤتمر من تنظيم كلّ من وزارة العدل وجمعية المحامين والقضاة الأمريكيين وكلية القانون بجامعة قطر. وفي جلسة الافتتاح أكّد سعادة وزير العدل حرص سمو أمير البلاد المفدى واهتمامه على بناء دولة المؤسّسات والقانون. وأضاف: أن إقامة مثل هذه المؤتمرات يثري الحياة القانونية ويحلّق بها في آفاق عالمية رحبة ويحقّق التواصل العلمي بين رجالات القانون على اختلاف انتماءاتهم بما يحقّقه ذلك من تبادل للخبرات القضائية والقانونية وإيجاد الوسائل لزيادة التفاعل والترابط بين مخلتف الدول وذلك لضمان الوصول إلى أفضل الحلول القانونية ومعالجة ما قد يعتري النظم والقوانين من أوجه قصور أو ضعف ويكفل الارتقاء بمستويات العدالة. حتى هذه اللحظة وأنا مؤيّد سعادته في خطابه، ولكنه عندما ذكر دور جمعية المحامين القطرية في تطوير مهنة المحاماة بدأ الخلاف يدبّ بيننا، وكنت أتمنى أن يتجاوز تلك الفقرة من خطابه ولا يقرؤها مطلقاً. والسبب في ذلك هو ما حدث في هذا المؤتمر من أمور غير سليمة وغير حضارية. فقد حضرت مجموعة من أعضاء جمعية المحامين والقضاة الأمريكيين متكبّدين عناء السفر عبر القارات والمحيطات للالتقاء بزملائهم في المهنة من قطر وماذا وجدوا؟ غياباً كاملاً من مجلس الإدارة والأعضاء المنتسبين لجمعية المحامين القطرية (ما عدا محامٍ واحد فقط). مع العلم أن الجمعية قد سجّلت رسمياً بموجب قرار وزير شؤون الخدمة المدنية والإسكان رقم (8) لسنة 2006 وذكر نظامها الأساسي بالمادة (2) بأن من وسائل تحقيق أهدافها هو توطيد وتوثيق التعاون بين المحامين في الدولة والمنظّمات والجمعيات والاتّحادات المهنية المماثلة في الدول الأخرى. إن ما حدث هو أمر غير مستغرب من الجمعية، حيث أقرّ الكثير من المنتسبين للجمعية، بأنه يعود إلى الأداء المحبط لها، بل المحامون لا يفضّلون الانضمام للجمعية. في حين ذكر آخرون أن الجمعية شهدت تدهوراً كبيراً والبعض يرجع ذلك إلى إخفاقها في تحقيق الأهداف التي وضعت لها. أما أحد المحامين فقد ذكر أن الجمعية قد تخلّفت عن الكثير من المشاركات سواء على المستوى المحلّي أو الإقليمي أو العربي (انظر الراية 5 /8 /2012).

وبعد أن عرفنا أسباب تقصير الجمعية في حضور المؤتمر نأتي لوضع المحامين القطريين الذين لم يكن لهم حضور في نفس المؤتمر. ولقد ذكرت إحصائيات جهاز الإحصاء لعام 2010 أن المحامين القطريين يصل عددهم 117 محامياً، بمن في ذلك مَن هم تحت التدريب. وأعتقد، وهذا رأيي الشخصي، أن جهاز الإحصاء، وللأسف، أخطأ في عدد المحامين الإجمالي. فالعدد، حسب وجهة نظري، لا يصل إلى 20 محامياً جاداً أما بقية الأعداد فكان من المفترض أن يقوم جهاز الإحصاء بنقلهم إلى إحصائيات التجار. فلذلك ليس بغريب أن نجد تصريحات الكثير منهم تنادي بإغلاق المكاتب الأجنبية ويجب عدم منح التراخيص لها لأنها سحبت البساط من تحت أقدام المحامين القطريين (وأنا أريد أن أعرف ما هو نوع البساط المسحوب)، في حين يصرخ البعض الآخر بأن "المحامين المتجولين" يحتكرون 50 % من القضايا، ويجب حظرهم ومنعهم من مزاولة المهنة. إن نفس هؤلاء المحامين يقرّ بقلة عدد المحامين القطريين وأن قلة عددهم تؤدي إلى عدم حضورهم جلسات المحكمة الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى شطب الكثير من الدعاوى أو تأجيلها، مما ينعكس سلباً على مصالح أصحاب الدعاوى. أما البعض الآخر فيشير إلى أن مهنة المحاماة ليست تلك المهنة الجاذبة، بل أصبحت مرهقة ومملّة، خصوصًا مع تزايد أعداد المحاكم المختلفة (انظر الراية 13 /9 /2011).

فيا أهل الخير، وبحسب قولكم، إن أعدادكم قليلة، وعدد القضايا في تزايد مستمر، وأنكم ترون أن مهنة المحاماة مرهقة ومملّة، فما هي الأسباب التي تدعوكم إلى المطالبة المستمرّة باقتصار المهنة عليكم. إن هذه المطالبة ليس لها هدف، حسب وجهة نظري، سوى تأكيد احتكار المهنة عليكم. إن المحامين يعلمون علم اليقين أن عملية الاحتكار تخدم المحتكر حيث يقوم بفرض شروط تقديم خدماته للغير، الأمر الذي سيؤدي، في نهاية الأمر، إلى إرهاق أصحاب الدعاوى.

ومن هذا المكان فإننا نطالب وزارة الشؤون الاجتماعية بمساءلة جمعية المحامين القطرية عما تمّ تحقيقه من أهدافها المحدّدة بالمادة (2) من عقد التأسيس ونظامها الأساسي. ويجب أن لا تلتفت الوزارة إلى مطالبة الجمعية بالدعم المالي الذي أصبح شماعة تعلّق عليها اخفاقاتها المستمرّة. أما من الجهة الأخرى فإن على وزارة العدل أن تنظر بجدية إلى أخذ موافقة مجلس الوزراء الموقّر في إيقاف العمل المؤقت لقانون المحاماة رقم (23) لسنة 2006 وبالأخص المواد (3) و(13) وذلك حتى وصول عدد المحامين إلى عدد يتناسب مع عدد ونوع القضايا المعروضة على الجهات المختلفة. وكذلك نطالب الوزارة بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء بتطوير نظام خاص للتأكّد اليومي من الحضور الشخصي للمحامين القطريين بهدف تحديد المحامين الجادين لدعمهم وتسهيل أمورهم وتكريمهم، وإيقاف تراخيص المحامين الذين يتّخذون من المحاماة تجارة وليس مهنة.

وفي الختام فإننا نؤكّد أن مهنة المحاماة من المهن الصعبة ذات التزامات أخلاقية وعملية، ولأنها أمانة ومسؤولية فإنه يجب أن تؤدّى على أكمل وجه بالحضور والمتابعة والتدريب المستمر.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع