تطوير المناطق الصناعية

تطوير المناطق الصناعية

قرّر مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 28 /10 /2009 دراسة إنشاء شركة مساهمة قطرية لإدارة وتطوير المناطق الصناعية والمناطق الاقتصادية في دولة قطر وبناء عليه فقد صدر قرار من رئيس مجلس الوزراء (قرار رقم (10) لسنة 2009 بتشكيل وتحديد أسماء أعضاء اللجنة). ولقد استبشرنا خيراً بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (8) لسنة 2011 بإلغاء ذلك القرار. ولكن، وكما علمنا من بعض المصادر، فإن الاستعدادات لا تزال تجري على قدم وساق لإنشاء هذه الشركة المساهمة.

إن تجاربنا مع المناطق الصناعية في قطر، وكما لا يخفى على الجميع، ليست جيّدة ففي بعضها التشدّد القوي جدّاً وفي البعض الآخر نجد التسيب هو سيد الوضع. وعلاج المناطق الصناعية، مع الاحترام والتقدير لقرار مجلس الوزراء، لا يأتي من خلال إنشاء شركة مساهمة لأن أهداف أي شركة، كما هو معروف، تختلف عن أهداف الدولة. فالشركة تسعى بكلِّ ما أوتيت لتحقيق الربحية من عملياتها والحصول على امتياز حصري لها (مثل الكثير من الشركات المحتكرة للعمليات). أما الدولة فإن المناطق الصناعية تعتبر من الحوافز الممنوحة للمجتمع ليستطيع على الأقل منافسة المنتجات الوافدة إلى الأسواق المحلّية والحدّ من الارتفاع الجنوني للأسعار وتوفير أراضٍ مناسبة لتطوير الأعمال والقضاء على المتاجرة الصورية غير الشرعية لأملاك الدولة (بعض الأراضي المملوكة للحكومة تباع بين الناس بأكثر من 10 ملايين ريال قطري).

إن الحلَّ الأساس للمناطق الصناعية، من وجهة نظري، ليس إنشاء شركة مساهمة بل إنشاء هيئة عامة للمناطق الصناعية تتبع مجلس الوزراء الموقّر. وتقوم هذه الهيئة على:

• وضع سياسة عامة لإنشاء وتطوير المناطق الصناعية في الدولة.

• تقديم الاقتراحات والخطط بشأن إنشاء وتطوير وإدارة أي منطقة صناعية.

• قبول واستلام الطلبات الخاصة بإنشاء المناطق الصناعية من المستثمرين.

• الإشراف على إقامة المرافق العامة التي تتطلبها المناطق الصناعية.

• إعداد الخطط والبرامج الخاصة لتطوير المناطق الصناعية الحرّة.

• منح المستثمرين، الذين لا توجد لديهم أراضٍ خاصة، عقود تأجير أراضي مناسبة لإنشاء مناطق صناعية.

وللهيئة رفع توصياتها لمجلس الوزراء بإصدار قرار تخصيص أي مكان مناسب من قطر ليكون منطقة صناعية. ويحدّد قرار المجلس موقع المنطقة ومساحتها وحدودها حسب الخريطة المعدّة لذلك ونشاطها وإعداد وسائل مراقبتها بشكل يفي بالمطلوب. وفي حال قرّر مجلس الوزراء رفض أي طلب يكون القرار مسبّباً، وفي حال الموافقة فإن لمجلس الهيئة منح امتياز تطوير المنطقة الصناعية للمستثمر أو لغيره على أن يكون الوضع القانوني للمطوّر كشركة قطرية مساهمة أو خاصة أو مختلطة مسجّلة في قطر ويشترط في المطوّر أن يكون مقتدراً مالياً وفنياً. وتحدّد الهيئة بدورها مع المستثمر شروط عقد الامتياز ومدّته والمخطط الرئيس والمواصفات العامة للأبنية والبنية التحتية وكيفية تشغيلها ونوعية النشاطات وأداء الخدمات فيها وفقاً للأنظمة والتعليمات الخاصة بعقد الامتياز، وتخضع المنطقة الصناعية لمراقبة وإشراف الهيئة من أجل التحقّق من تنفيذ عقد الامتياز بالشروط المتّفق عليها بين الهيئة والمستثمر، ولها أن تقترح على مجلس الوزراء إصدار القوانين أو أي سلطات لمزاولة عملها وفرض السيطرة على المستثمرين والمطوّرين والمؤجّرين. وحتى لا تكون هذه الهيئة عالة على ميزانية الدولة فإننا نقترح أن تكون لهذه الهيئة موارد مالية من رسوم منح التراخيص للمناطق الصناعية وتأجير الأراضي للغير والغرامات المالية. وللمستثمر بالتفويض والتنسيق مع الهيئة الحق في أن يروّج بالدعاية لمنطقته الصناعية بقصد جلب المستثمرين وأصحاب الأعمال وان يتعاقد مع أيٍّ من الشركات العامة أو الخاصة بقصد القيام بأعمال الدعاية.

إن إنشاء هيئة عامة للمناطق الصناعية مهم جدّاً لأنها ستقوم بفتح المجال لكلِّ مستثمر يجد في نفسه القدرة على استثمار أراضيه أو أمواله لصالحه وصالح المجتمع. ومن أمثلة هؤلاء الأشخاص ما قام بعمله أحد المواطنين في أرضه بمنطقة النجمة (في نهاية السبعينيات من القرن الماضي) أو ما يقوم بعمله الآن مواطن آخر في مزرعته بمنطقة السيلية، حيث قاما بانتهاز فرص عدم وجود أراضٍ حكومية فأنشآ ما نطلق عليه في علم الاقتصاد بالمنطقة الصناعية التلقائية.

وفي الختام فإن إنشاء شركة مساهمة، مع أن المستفيدين من أسهمها قد يصل إلى الآلاف من المواطنين، إلا أنه ليس هو القرار السليم لأنها ستحرم عدداً من المبدعين والمبتكرين وأصحاب رؤوس الأموال من العمل الخلّاق ومن التنافس الشريف الذي سيعود بالفائدة على المجتمع، وستحرم عدداً أكبر من المواطنين من الحصول على السلع والخدمات بسعر مناسب.

جهة حكومية وكما تخلت في السابق عن مبنى المسنين بالكورنيش وتمّ تحويله لفندق (..) تفكّر الآن بتحويل مبنى في منطقة الدفنة أطلق عليه مسمى "مجلس المسنين" إلى استعمالات أخرى. قلنا ما زدتم رواتب المسنين غصينا بقهرنا، قلنا ما أكرمتوهم وميزتموهم مثل الدول الأخرى سكتنا على مضض، والآن ماذا نقول لرب العالمين عندما يسألنا ماذا عملتم بوصيتي في قوله "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" العنكبوت:8 أو بقوله " وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ" الإسراء:23. إن شاء الله ما نقول لربنا "قلوبنا غلف".. ومنا إلى تلك الجهة

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع