هيئة الرقابة الإدارية والشفافية

هيئة الرقابة الإدارية والشفافية...

عندما كتبت مقالة "بوركت من أمير" التي نشرت بتاريخ 6/11/2011 وذكرت في المقالة بأننا لا نشك مطلقاً بأن سمو الأمير المفدى يحاول قدر استطاعته خلق أنظمة إدارية تتيح الشفافية المطلقة وانتقال المعلومة الصحيحة بشكل واضح وسريع ولا تسمح بحجب أي معلومة عن الجميع ويعاونه في ذلك كل من سمو ولي العهد الأمين ومعالي رئيس مجلس الوزراء. وتعرضنا إلى وجود (بعض) المسئولين العابدين للمركزية والذين ائتمنهم ولي الأمر على البلاد والعباد ينقلون لولي الأمر أن وضع البلاد والعباد كله أكثر من تمام بل تراهم يتعاونون فيما بينهم لإبراز الوجه المشرق لإنجازاتهم في خدمة المواطنين والمقيمين، ويحاولون بكل طاقة خلق حاجز أو سور كبير بين ولي الأمر وشعبه حتى لا يصل صوت الشعب لسموه.

ولم تمض سوى أيام قليلة حتى أصدر سموه بتاريخ 29/11/2011م القرار الأميري رقم (75) لسنة 2011 بإنشاء هيئة الرقابة الإدارية والشفافية التي تهدف إلى تحقيق الرقابة والشفافية ونزاهة الوظيفة العامة، ومكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله. والذي أعجبني في القرار الأميري أن صوت المواطن سوف يصل إلى سمو الأمير المفدى من خلال قيام الهيئة ببحث الشكاوى التي يقدمها الأفراد عن مخالفة القوانين أو الإهمال في أداء واجبات الوظيفة أو العمل، بل أضافت هذه الفقرة أهمية قيام المواطنين بتوصيل مقترحاتهم فيما يتراءى لهم أو يلمسونه بقصد تحسين الخدمات وانتظام سير العمل وسرعة إنجازه. أما الفقرة المهمة الأخرى فإن على الهيئة بحث ودراسة ما تنشره الصحافة، وغيرها من وسائل الإعلام، من شكاوى أو تحقيقات، تتناول نواحي الإهمال أو القصور أو سوء الإدارة أو الاستغلال، وهذه الفقرة نصت صراحة على حماية وسائل الاعلام فيما قد تتعرض له في هذا الشأن. وحتى يعطي سمو الأمير المفدى مصداقية وقوة لعمل الهيئة فقد قرر تبعيتها مباشرة لسموه، لكن القرار الأميري في المادة (13) أورد شروطاً لمن يعين عضواً بالهيئة ولنا فيها رأي خاص بنا. وأول شرط هو "أن يكون قطري الجنسية، فإن لم يوجد جاز تعيين غير القطريين". وكنا نتمنى أن لا يكون هناك جواز بتعيين غير القطري وذلك لأن عمل الهيئة عمل حساس ولا يجوز لغير القطريين الإطلاع عليه وأن ولاء القطري أولاً وأخيراً لقطر وليس لجهات أخرى وكان من المفترض أن يقرأ الشرط الأول كما يلي: "أن يكون قطري الجنسية، فإن لم يوجد جاز تكليف غير قطريين لمهام محددة ولمدة تنتهي بالانتهاء من القضية موضوع البحث". أما صلاحيات الهيئة (مادة (14)) فهي عديدة ولكن أخطرها هو استدعاء من يرى سماع أقوالهم، وطلب وقف أو إبعاد الموظف مؤقتاً عن العمل أو الوظيفة. وخطورتها تنبع من خبرات المجتمع من الممارسات السابقة حيث وجدنا العديد من الحالات التي تم إقصاء أصحابها من وظائفهم وتم تحويلهم إلى القضاء وبعد مداولات امتدت لسنوات وجدنا أن القضاء برأ ساحتهم من كل تهمة نسبت إليهم. نحن لا نختلف مع سعادة الرئيس بأن الهيئة رقابية، وهي لا تتخذ الأحكام (انظر مقابلة رئيس الهيئة في جريدة الشرق 3/1/2012) ولكن يبقى السؤال هو كيف ستتصرف الهيئة مع من قد يبرأ بعد المداولات وما الأسس التي سيتم بها التعويض عن جرائم الهيئة في حق من سيتم حجزهم في الأسر لفترات طويلة للتحقيق معهم وممن ستدمر سمعتهم في المجتمع بسبب هذا الفعل وممن سيفصل من وظيفته أو منصبه بسبب غيابه عن العمل وممن سيتعرض إلى ضغوط نفسية قد تؤدي إلى احتراق فيوزات المخ لديه.

وحاولت أن أعرف من سيراقب الهيئة في عملها ولم أجد في نص القرار الأميري أية إشارة إلى ذلك ولكني وجدت أن سعادة رئيس الهيئة في المقابلة الصحفية يقول: أن الملفات والوثائق ستراقب من النيابة العامة، أما المحاكم فهي التي ستراقب عمل الهيئة. وهذا الأمر سيجعل من الهيئة هي الخصم والحكم لأن جميع المنتسبين لكل تلك الأطراف هم من موظفي الحكومة، والمشكلة الأخرى كيف سيراقب الأدنى من ناحية الهيكل الوظيفي عمل الهيئة التي يرأسها شخص بدرجة رئيس مجلس الوزراء؟ ومن سيراقب النيابة العامة أو المحاكم بشكل حيادي؟

إن هيئة الرقابة الإدارية والشفافية هي هيئة حكوميـة رسمية مستقلة معنية بالنزاهـة العامة ومكافحة الفسـاد وأتمنى أن تسعى إلى تفعيل دورها في خلق رقابة حقيقية على المناقصات وبالأخص تلك المناقصات التي تمنح للبعض بطريقة الترسية أو التوجيه مما يحرم منها الشركات القطرية الجادة التي لا يقترن اسمها باسم شخصية هامة. وفي نفس الوقت أن تقوم الهيئة بمراقبة ما يجري في عملية المزايدات التي ترسى على البعض بدون وجه حق. فالهيئة يجب أن تحقق مبدأ الشفافية والمحاسبة في كل مشتريات القطاع الحكومي.

وفي الختام نقول بأن رغبة سمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد الأمين هي محاربة الفساد ووضع الأمور في نصابها وسماع صوت المواطن، وعلى هذه الأسس نطلب من الجميع التعاون، حسب القانون، مع الهيئة لتكون قطر في صدارة الدول العشر الأولى عالميا في مجال الشفافية ولكن على أساس "لا ضرر ولا ضرار".

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع