قطر وتسديد الديون المتعثرة

قطر وتسديد الديون المتعثرة

تناقلت وكالات الأنباء الخليجية والعالمية بتاريخ 21 /5/ 2012 خبر إصدار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قراراً رئاسياً بمعالجة وتسوية كافة القروض الشخصية المتعثرة للمواطنين ممن تقل مديونيتهم عن خمسة ملايين درهم. ووفقاً للقرار فإنه سيتعين على المستفيدين من البرنامج إعادة تسديد (ركزوا على كلمة إعادة تسديد) هذه المبالغ وفق آلية ميسرة من خلال خصم ما يوازي ربع الراتب الشهري للمدين مع تعهد المستفيد بعدم الاقتراض مرة أخرى إلى أن تتم معالجة الدين. وبحسب المصادر الإماراتية فإنه سوف تتم تسوية هذه الديون بالتنسيق مع البنوك والجهات الدائنة. وكانت الإمارات قد أسست، في فترة سابقة، صندوقاً خاصاً لتسوية المديونيات المتعثرة للمواطنين من ذوي الدخل المحدود برأسمال قدره عشرة مليارات درهم. أما طريقة معالجة أوضاع الإماراتيين المتعثرين فهي لم تخرج عما اقترحناه في إحدى المقالات السابقة. وتبدأ عملية التنفيذ بإعداد كشف المتعثرين من قبل المصرف المركزي الإماراتي يتضمن أسماء المواطنين وحجم مديونياتهم تمهيداً لإجراء التسويات البنكية مع الجهات والبنوك الدائنة. ويقوم الصندوق بتقسيم المواطنين إلى خمس فئات من ناحية أولوية التسوية. والفئات هي:

1 - الموقوفون على ذمة قضايا مديونيات متعثرة.

2 - من صدرت بحقهم أحكام قضائية.

3 - من تنظر المحاكم قضايا مرفوعة عليهم.

4 - من فتحت بلاغات بشأنهم في مراكز الشرطة في الدولة.

5 - بقية المتعثرين في السداد.

وبشرط أن يكون طالب التسوية على رأس عمله ولديه راتب أو دخل ثابت بمن فيهم المتقاعدون. أما العاطلون عن العمل فإنه يتعين عليهم البحث عن عمل لاستكمال شروط إجراء تسوية القرض المتعثر.

إن مواطني الإمارات مثلهم مثل مواطني الدول الخليجية الأخرى ومنها دولة قطر يعانون من الاستدانة المفرطة، حيث لجأ عدد كبير من المواطنين إلى الاستدانة بشكل كبير مستفيدين من سهولة الإقراض في فترة ما قبل الأزمة المالية العالمية التي تفجرت في خريف 2008، بهدف الاستثمار بأسواق المال أو العقارات التي انهارت بعد الأزمة. ولقد كتبنا من قبل عن الديون المتعثرة التي يعاني من المواطن القطري (انظر الشرق بتاريخ 30 /5/ 2010 و7/ 11 /2010 و14 /11/ 2010 و11/12 / 2010 و26 /12/ 2010 و13/3 / 2011) وذكرنا العديد من النتائج السلبية على الفرد والمجتمع من جراء تلك الديون المتعثرة وطرحنا في بعض المقالات طرق العلاج المناسبة. وكنا نعتقد بأن كبار المسؤولين بالدولة سوف يهبون لمساعدة إخوانهم القطريين، وذلك بتأييد فكرة تسديد الديون المتعثرة عند ولي الأمر - حفظه الله - ولكن هيهات هيهات. إن كل ما يطرحه كبار المسؤولين على ولي الأمر أنهم في حاجة إلى مزرعة أو شاليه على البحر أو أرض ليقوموا ببنائها كمجمعات سكنية أو أبراج أو كل ما سبق. والمشكلة أن الأمر ياليته يقف عند ذلك بل نجد بعضهم يقف عائقاً أمام أي مقترح لصالح أهل قطر بالتهويل والنصح الشديد لولي الأمر بأن ما حدث هو مما جناه المواطن على نفسه وأن تسديد الديون سينتج عنها زيادة السيولة في السوق، التي بدورها ستؤدي إلى زيادة نسبة التضخم وأن زيادة التضخم ستقود إلى تدخل البنك الدولي لإعادة تقييم الملاءة الاقتصادية لدولة قطر عالمياً إلى غيره من الأمور العظام الجسام كأن دولة قطر والعالم أجمع سينتهي بمجرد تكريم المواطن القطري بتسديد ما عليه من ديون متعثرة سببتها الأزمة المالية العالمية. ألا يعلم هؤلاء المسؤولون، هداهم الله، أن ضخ الأموال في الداخل، بشكل مباشر وغير مباشر، ستعمل على نمو السوق المحلي ويعمق استقرار المجتمع وفي نفس الوقت فإنها تدعم قدرة البنوك على توفير مزيد من التمويل لقطاعات الأعمال في السوق المحلية، الأمر الذي يعزز النمو الاقتصادي الكلي في الدولة. والأهم من ذلك كله هو حفظ ماء الوجه للمواطن أمام أهله ومجتمعه.

أما كبار المسؤولين في الإمارات، على الجانب الآخر، فالوضع مختلف لأن الشيخ خليفة بن زايد لم يصدر أمر معالجة وتسوية كافة القروض الشخصية المتعثرة للمواطنين إلا بناءً على توصية من البطانة الصالحة التي أشارت عليه بإنشاء صندوق لمعالجة ديون المواطنين المتعثرة. ولأن الصندوق يدار من قبل الإماراتيين ويرأسه سعادة السيد أحمد بن جمعة الزعابي نائب وزير شؤون الرئاسة فهو، أي الصندوق، الذي اقترح طريقة سداد الديون. وقد بدأ الصندوق في مرحلته الأولى (في يناير 2012) بمعالجة أوضاع المواطنين المتعثرين في تسديد القروض التي تقل عن مليون درهم. وهو الآن، بعد إنجاز المرحلة الأولى بنجاح، في المرحلة الثانية. وليعلم كبار المسؤولين في قطر أن ما دفع حتى الآن وما سوف يدفع في المستقبل لأهل الإمارات من قبل حكومتهم لن يعتبر هدراً لأن تلك الأموال المستخدمة في تسديد الديون المتعثرة سوف ترجع لخزانة الدولة كاملة بدون نقصان وعلى أقساط مريحة للمواطن وبدون فوائد.

إن حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى - حفظه الله - يعلم ما هي النتائج المترتبة على المواطنين من جراء الديون المتعثرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والأمني وعلى الخطط الإنمائية التي رسمها سموه لقطر 2030 ونحن نعلم، بحكم التأريخ ومواقف سموه الإنسانية السابقة مع شعوب العالم، أنه لو وصلت لسمو أميرنا المفدى، العربي والمسلم، كافة المعلومات لما تأخر في الفزعة لمواطنيه الذين هو منهم وهم منه.

ونقول، قبل الختام، بارك الله لنا في أميرنا المفدى وولي عهده الأمين وبارك الله لأهل الإمارات برئيسهم وهدى الله كبار المسؤولين عندنا في قطر لتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

وفي الختام نعزي كل من له شهيد في حادث مجمع فلاجيو ونشكر وزارة الداخلية التي تفاعلت مع الأزمة بالدقائق والثواني مما قلص عدد الضحايا ونقول إن ما حدث في فلاجيو ممكن حدوثه في مجمع حول المواقف إلى محلات تجارية وقلص عدد المداخل والمخارج إلى أقل من النصف.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع