سمو الشيخة و"اللقاء المفتوح"

سمو الشيخة و "اللقاء المفتوح"

هل يتساءل أي إنسان عن أسباب زيارة ولي الأمر أو من في حكمه إلى أي جهة من الجهات في البلاد؟ إن ولي الأمر، وكما تعلمون، لديه إطلاع كامل ودائم عن الجهات الحكومية العاملة حيث يقوم الوزير والأجهزة الأخرى، كل حسب تخصصه، بنقل الصورة إلى سموه. ولكن من ينقل أخبار تلك الجهات، وحسب وجهة نظري، ربما ينقلها بطريقة قد تحقق غرضاً ما في نفسه. ولهذا تأتي زيارة ولي الأمر إلى موقع أي جهة لرغبته في سماع الجوانب الخفية والحقيقية من العاملين والمستفيدين أنفسهم رغبة من سموه في تطوير العمل للأفضل. ولكننا، وللأسف، نجد أن الجهات تتسابق في إبراز الجوانب المشرقة من عملها، وتقوم، في نفس الوقت، بطمس الحقائق مما يعوق التطور المطلوب. وهذا ما حدث في صباح يوم الأحد 29/4/2012 عندما قامت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر حفظها الله بزيارة جامعة قطر. فالزيارة لم يعرف عنها المجتمع الجامعي سوى في اليوم التالي ومن خلال الصحف المحلية. وجاء في الأخبار المنشورة، بأن سموها ناقشت، في لقاء مفتوح مع أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية والطلبة نظمته الجامعة بمبنى كلية التربية، أهمية دور جامعة قطر كجامعة وطنية. والزيارة، في حد ذاتها، لم تكن مفاجأة لأننا عرفنا عن سموها حبها لمتابعة كل الأعمال، صغيرها وكبيرها، بشكل شخصي. ولكن المفاجأة هو إدعاء الجامعة بأن اللقاء المفتوح مع أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية والطلبة في حكم المطلق، في حين أن اللقاء قد تم مع البعض ممن اختارتهم الجامعة، أو تم اختيارهم من جهات أخرى لا نعلمها، لأغراض، أعتقد شخصياً، بأنها لتأييد النهج الذي تقوم به الجامعة. ولأن "الحضور منتقى" فهو لم ينقل الصورة الحقيقية لسموها بأن الجامعة قد قامت بتحويل المئات من موظفي الجامعة القطريين والعشرات من أعضاء الهيئة التدريسية القطريين إلى التقاعد المبكر القسري وتم إستبدالهم بأعداد أكبر من غير القطريين. (لمزيد من المعلومات انظر احصائيات جهاز الاحصاء). أما الطلبة القطريون فهم ليسوا بأحسن حالا، فقد وضعت أمامهم العراقيل المتنوعة قبل أن يتقدموا للجامعة وأيضاً خلال تقدمهم العلمي. فلذلك تجد أن نسبة الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية والموظفون في الجامعة من القطريين نسبة قليلة لا تجعل من الجامعة أن تكون جامعة وطنية.

أما القضية الأخرى فإن "الحضور المنتقى" لم ينقل الصورة الحقيقية لسموها عن كيفية قيام الجامعة، وبتفكير خلاق ومبتكر، بتحوير قرار المجلس الأعلى للتعليم بتعريب لغة التدريس وإلغاء البرنامج التأسيسي إلى أن يكون مجرد حبراً على ورق. إن قرار المجلس الأعلى للتعليم، والذي أفرح كل المواطنين والمقيمين، كان واضحاً كل الوضوح بإلغاء البرنامج التأسيسي واحتساب مقررات التأسيسي المكتسبة ضمن متطلبات الجامعة. أما الجامعة فلم تكن واضحة في هذا الأمر حيث أقرت آلية لتنفيذ قرارات المجلس الأعلى للتعليم بشكل مبهم ويخالف في بعض جوانبه قرارات المجلس. (انظر آلية تنفيذ قرار المجلس الأعلى للتعليم التي صدرت من الجامعة)

أما دعوة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر على ضرورة فتح قنوات الاتصال بين هيئة التدريس والطلاب والعمل على تفهم احتياجاتهم وحل مشاكلهم الأكاديمية التي تعرقل مسيرتهم العلمية في الجامعة، فهي دعوة صادقة لأن سموها كانت، في فترة سابقة، احدى طالبات جامعة قطر، وتعرف ما يمر به الطالب من قضايا وأمور متنوعة. ولكن، وللأسف مرة أخرى، فإن "الحضور المنتقى" لم يذكر لسموها بأن القواعد المنظمة لحساب المعدل التراكمي، والتي لم تكن مطبقة في أيام سموها، تجعل تحسين المعدل ضرباً من ضروب الخيال، مما يعرض الطلبة للفصل من الجامعة بسبب ضعف المعدل. حتى إننا نجد أن لجنة شئون الطلاب لا توافق على اعتذار بعض الطلبة إذا كان صاحبه منذراً ولو كان هذا الطالب يتلقى العلاج السريري بالمستشفى، وذلك لضمان فصل الطالب من الجامعة. والنتيجة من ذلك كله أن نسبة عدد الطلبة القطريين إلى الإجمالي بدأت، في السنوات الأخيرة، في الضمور. والمشكلة أن الطالب المسكين لا يستطيع رفع قضية على الجامعة بسبب أخطاء الإرشاد أو أخطاء نظام القبول والتسجيل وحساب المقررات لأن دليل الجامعة ينص على أن يتحمل الطالب وحده، ولا شريك له، كل الأخطاء التي تحدث.

إن "اللقاء المفتوح"، وكما عرفت عنه لاحقاً، خطط له بعناية كبيرة وهذا الأمر لا غبار عليه لمكانة سموها في الدولة وفي قلوبنا. ولكن من المعيب أن يذكر موقع الجامعة الرسمي بأن "جامعة قطر مجتمع علمي وفكري سمته الحوار المفتوح وحرية تبادل الأفكار والمناظرات البناءة". وفي نفس الوقت يغلف موضوع زيارة سموها لهذا الصرح الأكاديمي بسرية كاملة، خوفاً من "حرية تبادل الأفكار والمناظرات البناءة" ويتم الإعلان على صفحات الجرائد بأنه "لقاء مفتوح".

ان زيارة سمو الشيخة موزا بنت ناصر للجامعة هي بادرة طيبة تحمل الكثير من الرقي والتحضر ومن شخصية طيبة تحمل الكثير من المحبة والخير للوطن والمواطنين، وأتمنى ألا تكون آثار هذه الزيارة الطيبة قد انتهت بمجرد مغادرة سموها مبنى الحرم الجامعي. وأتمنى، في نفس الوقت، أن يبادر مكتب سموها، بعد هذه الزيارة، لإنشاء لجنة تطويرية لفتح حوار مع المجتمع الجامعي، بعيداً عن الوجوه التقليدية وخبرائهم الأجانب، للإطلاع على تطلعات وأفكار وآمال المجتمع الجامعي وأن يقوم بمتابعة تنفيذ ما قد يصل إليه من توصيات حقيقية من خلال مكتب سموها وبالتنسيق مع مجلس الأمناء، مما سينتج عنه، كما أراه، قفزة نوعية ممتازة في الاداء الجامعي.

وفي الختام اقول، ومع أنني في خلاف مستمر مع نهج الجامعة وسياستها وطريقة تنفيذ خططها التطويرية، إلا إنني شخصياً لا أرضى أن يقوم أحد أعضاء الهيئة التدريسية بالتعرض لإدارة الجامعة ممثلةً برئيسة الجامعة في "اللقاء المفتوح" ولو بكلمات أتت بشكل مزحة، فهي تظل، أولاً وأخيراً، أختا كريمة وزميلة فاضلة نكن لها كل احترام وتقدير.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع