تصريحات نارية لهيئة التقاعد

تصريحات نارية لهيئة التقاعد

لقد أسعدني خروج هيئة التقاعد عن صمتها فيما يخص قانون التقاعد الجديد، ولكن هذه السعادة تبددت، عندما حاولنا أن نستشف من التصريحات، التي نشرت بتاريخ 26/4/2012 في جميع صحف قطر، ولو بادرة أمل، في تحسين أوضاع المتقاعدين. ولكن كل محاولاتنا باءت بالفشل الذريع والسبب في ذلك حرص هيئة التقاعد على عدم تقديم إجابات شافية لما يدور في أذهان المتقاعدين، وكانت كل كلمة، في تصريح رئيس الهيئة، قد انتقيت بفن وحرفية بالغة. وإليكم بعض مما ورد في التصريح:

أولاً: لقد رفعت الهيئة 40 تعديلاً في القانون الحالي من شأنها تحسين أوضاع المتقاعدين. ونحن نقول ما هي هذه التعديلات؟ ونقول أيضاً ان وزارة العدل اقترحت، ووزارة العمل أبدت وجهة نظرها، ووزارة المالية والاقتصاد أدلت بدلوها، وغيرها الكثير. ولكن جميع من اشترك في هذا الأمر من وزراء وخبراء ومستشارين ومديرين هم من الموظفين الذين يتسلمون رواتبهم كاملة من الحكومة (مضافا عليها بدل السكن والعلاوات المتنوعة.. الخ)، وللأسف، لم يتم سؤال أي واحد من المتقاعدين عن أوضاعهم المأساوية، التي يعلن أصحابها ما يعانونه مع إشراقة كل صباح في برنامج "وطني الحبيب صباح الخير" إن الذي يمر به المتقاعد من تهميش ونقص في السيولة وغيرها من الأمور هي غير تلك التي يمر بها الموظف الحكومي. وقال الشاعر في هذا الموضوع:

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ** ولا الصبابة الا من يعانيها

ولا يسهر الليل إلا من به الما ** ولاتحرق النار الا رجل واطيها

لا تسلكن طريقا لست تعرفها ** بلا دليل فتغوى في نواحيها

ثانياً: من ضمن مقترحات الهيئة منع التقاعد المبكر وعدم تقليل سنوات الخدمة أو خفض سن التقاعد، وأن سن الستين عاما سن مناسبة للعمل وخفضها أمر غير ممكن. ونحن نقول كيف ستطبق الهيئة كلمة "خفضها أمر غير ممكن". إن الحكومة ماضية في تنفيذ التقاعد الإجباري على المواطنين، وذلك بناءً على توصية أصحاب العيون الخضر والزرق، وأن الخطط القادمة، كما عرفنا وسمعنا من كبار المسؤولين، سوف تؤدي إلى خروج مزيد من المواطنين إلى التقاعد المبكر وهم بأعمار صغيرة. إن الهيئة، وكما صرح رئيسها، هي جهة تنفيذية تعنى بتنفيذ القانون، ولا تملك تغيير القانون فعليها، في هذه الحالة، السمع والطاعة وأن الذي أجبرهم على تقديم مثل هذا الاقتراح هو ليس رغبة من الهيئة في إعطاء ميزة أكبر للموظف القطري، بل خوفهم من الخطر الذي يهدد صندوق التقاعد من التقاعد المبكر.

ثالثاً: صرحت الهيئة بأنه لا يمكن إحالة الموظف للتقاعد بإلغاء الوظيفة، أو إحالته للتقاعد المبكر، بدون عذر قانوني. ونحن نقول بأن العذر القانوني لإحالة الموظف للتقاعد بكل أنواعه موجود ومذكور بشكل واضح في البنود (3) و(5) و(6) و(9) من المادة (159) بقانون رقم (8) لسنة 2009 بشأن قانون الموارد البشرية. بالإضافة إلى كل ما ذكر بالفصل العاشر من نفس القانون. إنه ليحز في النفس أن تذكر الهيئة في تصريحها أن 50 % من المتقاعدين هم من الحالات التي واجه أصحابها التقاعد المبكر أو ما يعرف بالتقاعد القسري.

رابعأ: تؤكد الهيئة في تصريحها أن الجهات العليا مهتمة بمصلحة المواطن. ونحن نعرف ذلك، والعارف لا يعرف إلا إن كان هناك شك في ذلك. إن مواقف الجهات العليا مشرفة، وهي تسعى دائماً إلى فعل الخير. ولكن هناك فئة تقف حائلاً أمام وصول المعلومة الصحيحة للجهات العليا لتتمكن من اتخاذ القرار السليم لصالح الوطن والمواطن وكل هدف هذه الفئة ألا يصل الخير إلى أهل البلد "..حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم.."، ولقد تعوذ رب العالمين من تلك الفئة بقوله "وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ" الفلق: 5، وإن تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون التقاعد لأكثر من عشر سنوات ما هو إلا نتاج عمل تلك الفئة.

أما جريدة الشرق، ومن مبدأ الشفافية مقرونة بذكاء منقطع النظير، قد كشفت المستور ووجهت قذائف قاتلة لما ادعي بأنها إنجازات تحسب لهيئة التقاعد حيث أوردت في نفس التاريخ تحقيقين صحفيين أحدهما مع مواطنين متقاعدين والآخر مع قانونيين قطريين. ووجدنا أن المتقاعدين أكدوا ضرورة مراعاة الغلاء، فراتب الموظف يزيد كل سنة لمواجهة أعباء المعيشة وزيادة الأسعار في حين أن معاش المتقاعد "مكانك سر" كأن الذي يواجهه الموظف غير الذي يواجهه المتقاعد. وطالب عدد من المواطنين المتقاعدين بضرورة إعادة علاوة بدل السكن التى تعتبر جزءاً اساسياً من راتب المواطن، حيث انها تساهم فى تخفيف الاعباء المالية التى اصبحت ترهق ميزانية المتقاعد بسبب غلاء المعيشة. ويتساءلون هل الموظف مسموح له بالسكن أما المتقاعد يسكن في الشارع؟ بل وصل الأمر لعدم قناعة المتقاعدين بأن هذه الهيئة الحكومية، التي لا يوجد في مجلس إدارتها أي متقاعد يمثلهم، والتي يتسلم موظفوها رواتبهم من الحكومة قادرة على مناطحة الجهات الحكومية الأخرى لتحقيق الضمان الاجتماعي لهم ولهذا فإنهم يطالبون بإنشاء جمعية للمتقاعدين تهدف الى حماية حقوقهم والعمل على تحقيق رغباتهم وايصال مطالبهم بشكل مباشر لولي الأمر بقصد توفير افضل السبل لتحيسن اوضاعهم المادية والاجتماعية.

أما المحامون القطريون، على الجانب الآخر، فهم يطالبون ليس بتغيير القانون مرة واحدة كل عدة سنوات بل يرون أهمية المراجعة المستمرة للتشريعات التي لها علاقة بالمتقاعدين بسبب التغير المستمر لنمط الحياة العصرية.

وفي الختام أقول انه أعجبني كيف قامت الهيئة بتغيير مسمى "الجمعية" الدولية للضمان الاجتماعي ISSA إلى "الرابطة" الدولية للضمان الاجتماعي (انظر موقع الجمعية الرسمي على http://www.issa.int/ara). واعتبر ذلك، حسب ما أراه، ذكاء منهم حتى لا يفتحوا عيون المواطنين للمطالبة بإنشاء جمعية للمتقاعدين تسحب منهم دورهم في ما أطلقوا عليه "العمل على تحسين أوضاع المتقاعدين".

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع