المعرض المهني طراقيع صيف

المعرض المهني طراقيع صيف

في البداية لم أكن أرغب في أن أذهب لمعرض قطر المهني لسبب بسيط جداً وهو فشله في حل مشكلة البطالة بين المواطنين التي وصلت على حد علمي، لأكثر من 000. 7 مواطن. ولم أذهب إلى المعرض لمشاهدة عروض الجهات الحكومية والخاصة الهزيلة لحل مشكلة البطالة. ولكني ذهبت لمشاهدة أعمال الشركة غير القطرية لتنظيم المعرض المسمى جوازاً بالقطري، كأن الشركات القطرية ليست بالمستوى المطلوب. لقد ذهبت لمشاهدة الشركة التي تطلب من الجهات القطرية المشاركة في المعرض، حسب ما ورد في الصحف المحلية، دفعت تأمينا قيمته مليون ريال قطري متناسية أنها تستغل أرضاً قطرية وتشارك في المعرض جهات قطرية حكومية وخاصة لصالح، كما يقال، توظيف القطريين، بل وتطلب الشركة من المشاركين عدم جلب أي مستلزمات، بل عليهم إلزامياً الشراء من الشركة ما يحتاجونه وبمبالغ عالية، فمثلاً تأجير الرف بقيمة 30 دولاراً علماً أن قيمة شرائه لا تتعدى 8 دولارات، وزجاجة الماء المحلية تباع إلزامياً بمبلغ 1.5 دولار وهي تباع خارج المعرض بمبلغ لا يتجاوز 14 سنتاً أمريكياً، أما بقية المواد فحدث ولا حرج (انظر جريدة الشرق 3/4/2012). وهنا نتساءل عن دور إدارة حماية المستهلك التي تشاهد الاحتكار والإجبار وتقصم ظهر المخالفين من التجار القطريين وتمر على مثل هذه الشركات الوافدة برداً وسلاماً.

وعندما دخلت موقع المعرض سمعت صوت طرقعة قوية فربطت بين المعرض المهني وطراقيع الصيف. وكما تعلمون، فإننا في قطر عندما تتلبد السماء بالغيوم ويصاحب هذا الأمر أصوات الرعد وأنوار البرق ولا ينتج من ذلك مطر أو إذا سقط المطر فإنه يتبخر قبل أو بمجرد وصوله للأرض، ولا يستفيد منه الإنسان أو الحيوان، وهذه الحالة الجوية غير المستقرة نسميها بطراقيع صيف. إن معرض قطر المهني، والذي أصبح منذ 2008 مركزا مستقلاً، لا تخرج عنه سوى طراقيع صيف. ولنستعرض معاً إنجازات هذا المعرض. فقد أعلنت جهة رسمية، ونشر في جريدة الشرق بتاريخ 3/4/2012، انه تم خلال المعرض الماضي:

• قبول 124ر2 طلب توظيف في 90 جهة حكومية من أصل 402ر34 طلب. (بنسبة لا تتجاوز 6 %)

• قبول 434 طلباً للحصول على فرص تعليم ومنح من أصل 516ر8 طلباً. (بنسبة لا تتجاوز 5 %)

• قبول 768ر1 طلباً للحصول على فرص تدريب من أصل 819ر4 طلباً (بنسبة لا تتجاوز 37 %)

• عدد طلبات التطوير 518ر6 طلباً قُبل منها 287ر1 طلباً، بواقع 19.7 % فقط

والملاحظ أن جميع التصريحات كانت تركز على كلمة "طلبات" وليس "توظيف" هذا يقودنا للتساؤل هل جميع "طلبات" التوظيف تم "توظيف" أصحابها؟ وهل الرقم هو نتيجة التعيين من خلال المعرض؟ أو أن بعض المسؤولين بالجهات الحكومية، بغرض إقناع ولي الأمر بأنهم ملتزمون بسياسة التقطير، قاموا بإضافة جميع من تم تعيينهم خلال الفترة كأنه من نتاج المعرض؟

إن ما يحدث في المعرض، من وجهة نظري الخاصة، هو مهزلة بكل ما تعنيه الكلمة. فالكثير من المواطنين، ممن أصابهم الإحباط من كثرة الوعود بسياسة التقطير وتفضيل المواطنين على غيرهم من الفئات الأخرى، ذهبوا إلى المعرض على أمل أن تقبلهم إحدى الجهات المشاركة ويستقروا في وظيفة تقيهم الفقر وذل السؤال. والمشكلة أنه بعد أن يقدم المواطن السيرة الذاتية لتلك الجهات تذهب طلباتهم، كما رأيت، كرمكم الله، في الزبالة. ووقفت أسأل إحدى العارضات: لماذا تقومين بهذا الفعل الشائن بحق إخوانك وأخواتك؟ ردت: بأن الجهة التي تمثلها تقدم فرصاً تدريبية وليست توظيفية ولهذا كل من يقدم طلبات توظيف نتسلم منه الطلب ونطيب خاطره وينتهي الطلب في سلة المهملات. وتركتني الموظفة لاستقبال طلب تعيين لمواطنة وتعلو وجهها ابتسامة كبيرة. وغادرت الموقع وأنا أردد ما ردده سمو الأمير المفدى حفظه الله في أزمة غزة: حسبي الله ونعم الوكيل. وبعد ذلك توجهت إلى جهة حكومية وصادفت أحد المسؤولين فقلت له: ممكن تعطيني فكرة عن عدد المواطنين الذين سوف تستوعبهم جهتكم؟ قال بالحرف الواحد: نحن مهمتنا تسلم الطلبات فقط لأن الجهة التي تقوم باستحداث الوظائف لم توفر لنا ولا وظيفة واحدة حتى الآن، ولمعلوماتك الخاصة أن طلبات المعرض الماضي لا تزال في الحفظ والصون في المخازن. هززت رأسي وأنا مغادر معرض قطر المهني مقدماً الياء على النون.

إن سمو الأمير المفدى حفظه الله، منذ أن كان ولياً للعهد وحتى يومنا الحاضر، مهتم بكل ما يؤدي إلى تخفيف مشاكل المواطنين في بحثهم عن الوظيفة المناسبة. كما انني لا أشك في النوايا الصادقة لسمو ولي العهد الأمين حفظه الله وأنه مهتم شخصياً بتوظيف وتطوير الشباب القطري وإيجاد الفرص الوظيفية لهم وما يدل على ذلك رعايته الكريمة لهذا المعرض وطلبه المستمر برفع النتائج التي حققها المعرض لشعبه القطري. ولا أشك في العمل الدؤوب لسمو الشيخة موزا بنت ناصر حفظها الله لرفع مستوى الوعي المهني لدى الشباب ويكفيها فخراً أنها خلف إنشاء المدينة التعليمية وتطوير التعليم العام. ولكن لو أن هذه النوايا الصادقة للقيادة الرشيدة قابلها اهتمام حقيقي من المسؤولين في تنفيذها لما أصبح لدينا ولا قطري بدون عمل في مجتمع لا تصل نسبة المواطنين العاملين 5 % من مجموع العمالة.

وفي الختام نقول إنه ليحز في قلبي أن استمع لمواطن قطري في برنامج "صباح الخير وطني الحبيب" يقول على الأثير: استروا علي يا عباد الله.. أريد وظيفة ولو حتى "فراش". وأعتقد لو استغلت الأموال القطرية، التي صرفت على المعرض بتنظيم غير قطري، في توظيف المواطنين لأصبح الآلاف منهم ينعمون بالوظائف المناسبة. ويعجبني نهج وزارة الداخلية في عروضها العديدة والحقيقية لفرص العمل للشباب القطري طيلة أيام السنة وليس فقط أيام المعرض.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع