وزارة العمل والرد على وزارة العدل

وزارة العمل والرد على وزارة العدل

اتصل بي العديد من الأشخاص قائلين إنني لم أترجم الواقع المرير الذي تمارسه وزارة العمل على الشركات ومالكيها، وكيف أنها تعتبر معوقا حقيقيا، تريد أن تجر جميع من يتعامل معها إلى ما يشبه الحكم العسكري، حيث تقوم بفرض ما تريد، وعلى الجميع السمع والطاعة دون اعتراض. وقلت، لكل من اتصل بي أو راسلني، ان المقال يركز في المقام الأول والأخير على التأكد من قيام الوزارة بتحقيق اختصاصاتها التي حددها المرسوم الأميري، وليس ممارسات أفرادها. وذكرت للكل أن الوزارة تبنت إستراتيجية تؤكد على عملية التقطير وبناء كوادر وطنية في عدد من التخصّصات التي يحتاج إليها سوق العمل في الدولة، وزيادة فرص مشاركة القطريين إلى أقصى حد ممكن في عملية التنمية الاقتصادية في الدولة "انظر موقع الوزارة على الإنترنت". ولكن عندما وصلنا لمرحلة تطبيق تلك الإستراتيجية وجدنا الوزارة، وقبل العمل بالإستراتيجية، ترمي بالحمل على غيرها بقولها ان المساندة القوية من طرف كل المؤسسات تبقى الضمان الوحيد لنجاح هذه الإستراتيجية. وأضافت الإستراتيجية أن عدد السكان القطريين لا يكفي لمواكبة النمو الاقتصادي المتزايد في البلد، ناهيك عن ضعف ارتباط مخرجات التربية والتعليم من جهة بمتطلبات سوق العمل من جهة أخرى. والمشكلة الأكبر والأعظم أن الإستراتيجية ذكرت بالنص: إن قطاعات العمل المتنامية لن تخلق فرص عمل للقطريين، إما لأنهم لا يرغبون فيها، أو ليست لديهم الكفاءة المطلوبة.. وهذا يطرح، من طرفنا، تساؤلا كبيرا موجها للوزارة هو: إذا كانت الإستراتيجية من بدايتها تؤكد أنها لن تخلق فرص عمل للقطريين، فلماذا إذن يتم تبنيها والعمل على أساسها؟ أليس من الأفضل توجيه الموارد البشرية والمادية لعمل آخر ذي فائدة أكبر للمجتمع؟ أليس من الأفضل الحصول على وظائف مناسبة لعدد لا يتجاوز 6000 عاطل من المواطنين، في حين أن غير القطريين في القطاع الحكومي، ومن له صلة به، يتجاوز عددهم 000ر120 موظف؟.

إن بناء أي خطة إستراتيجية يحتم تحقيق أهداف معينة وفق مسار زمني وعملي مدروس، وأن تتبنى خطة عمل قابلة للتطبيق تتألف من مرحلتين مكملتين لبعضهما البعض، الأولى قصيرة الأجل والأخرى طويلة الأجل ومتجددة ومستمرة. وأن تركز على عدد من القيم والمبادئ يتم مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار. ولضمان نجاح أي إستراتيجية عمل وتطبيقاتها لابد لنا من تحديد الأسس والمحاور الرئيسية التي يمكن أن تسير عليها، ولابد من أن تحدث هذه الأسس والمحاور تغييراً جذرياً في نظم العمل الحالية. أو بمعنى آخر لابد أن تكون خلاقة ويعتريها الإلهام والمرونة في التطبيق من أجل الحصول على أفضل النتائج بأسرع وقت ممكن لتضييق فجوة العرض والطلب في قوة العمل التي نراها تتسع يوما بعد يوم.

نحن لا نختلف، مع الوزارة، بأن عدد المواطنين قليل، وأنه لابد من تضافر جهود كافة المؤسسات والجهات المختلفة، رسمية وغير رسمية، لضمان نجاح تطبيق الإستراتيجية. لأنه بدون ذلك تصبح الإستراتيجية بلا معنى. ولكن قلة العدد يجب أن ينظر إليها كمحفز لخلق إستراتيجية قوية للاستغلال الأمثل لعدد المواطنين القليل. ولكن يجب أن لا ننسى أن التخطيط شيء والتنفيذ شيء آخر. فالتنفيذ يحتاج إلى التشريعات الملزمة لمجابهة المشاكل القائمة وتحدياتها، ويحتاج أيضاً إلى الإرادة وبعد النظر واستشراف المستقبل المنظور والبعيد. والأهم من ذلك استبعاد المطبلين والمزمرين المنافقين، فهم آفة هذا الزمان وسبب البلاء الذي نحن فيه، قال تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) المنافقون: 4.

وفي الختام نقول إنه من المهم جداً أن نكون واضحين لنصل إلى هدفنا بشكل سريع ومباشر، ويجب أن نترجم حب سمو الأمير المفدى لشعبه بواقع حقيقي، بعيداً عن الأوهام والأحلام والتصريحات. إننا لا نقلل من جهد الحكومة أو الوزارة في قضية تقطير الوظائف، فمحاولاتها امتدت لعقود طويلة وأصدرت القوانين المنظمة وجعلت للمواطن القطري الأولوية على الوافد في الحصول على الوظيفة المناسبة، ولكن ينقصنا التطبيق العملي لنصوص تلك القوانين. وحتى يتم التطبيق الصحيح فإننا سنستمر نسمع في برنامج "وطني الحبيب.. صباح الخير" مشاكل المواطنين الذين يبحثون عن عمل ولا يجدونه، في حين أن الفرص الوظيفية، الكثيرة والكبيرة، تذهب لغير المواطنين.

***

نقدر رد وزارة العدل الذي نشر بتاريخ 22 /2 /2012 المغلف بابتسامة، والمبني على احترامهم وتقديرهم لدور الصحافة. ونحن نحترم ونقدر جميع المنتسبين لوزارة العدل، الذين هم أولاً وأخيراً، إخوان لنا. ونحترم القانون القطري الذي أناط بإدارة الفتوى والعقود مهمة إبداء الرأي القانوني، في المسائل الخلافية بين الجهات الحكومية. إننا نعلم علم اليقين أن هناك آراء مؤيدة لموضوع تجديد ترخيص (وليس ترخيص جديد) لشركة مساهمة قطرية وليس لشركة ذات مسئولية محدودة، وكان يقود هذا التوجه الحميد أخي العزيز، صاحب الفكر المنير والخلق الإسلامي مدير إدارة الفتوى والعقود. ونعلم أيضاً أن هناك فئة كل همها، مع كل احترامي وتقديري للجميع، مخالفة التوجه القانوني الذي أيدته غالبية دول العالم ومنها دولة قطر. وهذه المخالفة، وللأسف، ستحسب على دولة قطر، وليس لها، لأنها تؤدي إلى تخلف حقيقي في عدم مواكبة التشريعات القانونية لواقع النمو والتنمية التي تشهدها البلاد، مما سيعوق برامج الدولة عن تحقيق التقدم المؤمل. ونقول لوزارة العدل: ليس بالضرورة رأي الأغلبية هو الصائب، وهذا يذكرني بفتاوى فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود، رئيس المحاكم الشرعية، السابق لزمانه. فقد كان يخالفه، رحمة الله عليه، في فتاواه جميع علماء منطقة الخليج، ومنهم السعوديون، ولكن مع تقدم الزمن نجدهم يعترفون بصواب رأيه. وللحقيقة فقد حاولت مع مجلس إدارة الشركة المعنية، مع تحملي كافة النفقات، لإقامة دعوى قضائية لإرجاع الحق لهم ولكن الشركة خافت أن تضع الجهات الحكومية عراقيل أخرى أمامهم على أساس "من اللي يقدر يناطح جبل". أما ما ذكر عن المستشار فهو موظف بإدارة قانونية بوزارة أخرى وليس بوزارتكم الموقرة.

والله من وراء القصد..

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع