عقبات أمام التطوير

عقبات أمام التطوير

بعد أن شاهدت البرنامج التلفزيونى الأمريكى 60 دقيقة وأنا احمد الله حمداً كثيراً على أن أنعم على أهل قطر بأب حنون يرأسهم وأن يقودهم الى جنى الخير الكثير من الموارد الطبيعية التى تملكها الدولة. واحمد الله حمداً كثيراً على ايمان سمو الأمير بأن المواطن القطرى هو الثروة الحقيقية لدولته العصرية وأنه لدى الشعب القطرى القدرة على تحقيق المستحيل. ولذلك فانه ليس بغريب أن نتكلم، منذ 1995، فى مواضيع كثيرة تتعلق عن انجازات، وتنمية، وبناء، خطط لها قائد مسيرتنا سمو الأمير المفدى ليحول دولة قطر الى دولة متطورة ومتقدمة بكل المقاييس وجعلها فى مصاف الدول الأكثر تقدما فى العالم. لقد وضع سمو الأمير، عن طريق استغلال الفرص التى أوجدتها عائدات الثروة النفطية، خطة دقيقة لاستثمار امكانات دولة قطر وعمل بجهد على تحقيق تلك الخطة بهدف تطوير المستوى الحياتى والمعيشى للمواطن القطري.

ولكن بالمراقبة الدقيقة لمسيرة التقدم والنماء وجدنا العديد من العقبات تعترض تنفيذ خطط التنمية التى أرسى دعائمها سمو الأمير المفدى. وفى هذه المقالة فاننا سنركز على عمل الجهات التي، حسب رأينا واعتقادنا، تشكل عقبة حقيقية أمام تنفيذ برامج وخطط التنمية.

ولنبدأ بوزارة العمل وما حققته فى مجال العمالة والحد من العمالة الوافدة وما قدمته الوزارة، بكل اداراتها، لدعم برامج التنمية وتشغيل المواطنين القطريين. لقد نشر على صفحات جريدة الراية بتاريخ 2 أكتوبر 2011 أن استراتيجية الوزارة تسعى لزيادة فرص العمل للقطريين وترشيد استقدام العمالة الوافدة فى شتى المجالات. واعتمدت الاستراتيجية، كما ذكر فى الجريدة، على العديد من المشاريع من أهمها: 1. تطوير مهارات القطريين والاهتمام ببرامج التأهيل المهنى 2. تشجيع القطريين على المشاركة فى قوّة العمل 3. وضع آليات تُخفّف العمال الأجانب 4. زيادة قدرة استخدام العمالة الوافدة والاحتفاظ بها 5. تحديد احتياجات سوق العمل.

وبقراءتنا لتوجهات هذه الاستراتيجية نجد عدم رؤية واضحة فى بنودها فهى تارة تؤكد على تطوير وتشجيع تشغيل القطريين وتارة أخرى تركز على زيادة قدرة استخدام العمالة الوافدة بل والأكثر من ذلك الاحتفاظ بها. ولهذا فانه ليس بغريب أن تعانى نسبة كبيرة من أبنائنا القطريين من البطالة (حوالى 6000 مواطن من غير عمل) بل ويتم تحويل الآلاف منهم الى التقاعد القسري، لأن هدف الوزارة، حفظها الله، هو زيادة قدرة استخدام العمالة الوافدة والاحتفاظ بها (نطلب من القارئ العزيز، اذا كان عنده قلب قوي، الاستماع الى برنامج وطنى الحبيب.. صباح الخير)، مع العلم أن هناك حوالى 185 ألف موظف فى القطاع الحكومى ومن هو مرتبط به، ويبلغ عدد غير المواطنين منهم حوالى 120 ألف موظف أى بنسبة تبلغ 65 % من مجموع العمالة. مع العلم بأن قانون الموارد البشرية نص صراحة، فى المادة (14)، أنه يشترط فيمن يعين فى احدى الوظائف أن يكون قطرى الجنسية، فان لم يوجد فتكون الأولوية لأبناء القطرية المتزوجة من غير قطري، ثم الزوج غير القطرى المتزوج من قطرية أو قطري، ثم مواطنى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم لمواطنى الدول العربية، ثم الجنسيات الأخرى. لكن الوزارة تقرأ هذا الشرط من الأخير الى الأول. ان الوزارة تريد أن تعيشنا فى وهم كبير من خلال التصريحات النارية التى تفيد بأن تقطير الوظائف تم تحقيقه وذلك عائد لسبب بسيط بأنهم يرغبون فى اقناع سمو الأمير المفدى بأن خطته التى نبعت من حبه لشعبه فى توفير الرفاهية والعيش الكريم قد أثمرت وأن الشعب القطرى سيصبح هو القوة العاملة المسيطرة على الوظائف فى الدولة.

أما العقبة الثانية، حسب وجهة نظرنا، فهى تظهر جلياً من تقرير نشر بجريدة الراية بتاريخ 22/6/2010 ذكر بأن ادارة الاستخدام بوزارة العمل قد تلقت طلبات عمالة عديدة من القطاع الخاص وبلغ عدد العمالة التى تم رفضها 605ر63 عمال بنسبة 48 % من اجمالى العمالة المطلوبة. وهذه الاحصائية فى حد ذاتها مؤشر خطير جداً لعقبات التنمية لأن أصحاب العمل، عند اعدادهم خططهم المستقبلية، يحتاجون الرؤية الواضحة لعدد العمالة المطلوبة لتنفيذ تلك الخطط. والمشكلة الأكبر ان بعض الشركات التى لديها عقود مع الحكومة والمفروض عليها، حسب العقد، توفير عدد معين من العمالة، مثلاً 50 عاملا، والا تعرضوا للغرامات تقوم الوزارة، حفظها الله، بالموافقة على 30 عاملا بدلاً من 50 عاملاً. ولذلك ليس غريباً أن تعيش الشركات القطرية فى تخبط دائم بعيداً عن الخطط والتخطيط، وبدلاً أن تسير للأمام فانها وبسبب الوزارة تسير للخلف.

العقبة الثالثة، كما نراها، هو قيام الوزارة بنشر بيانات حول قيامها، وبفخر، حظر الشركات المخالفة لقانون العمل (انظر مقالة محمد المرى مـديــر تحرير جريدة الوطن بتاريخ 8/2/2012) ونحن نرى أن هذا الأمر مخالف لاختصاصات الوزارة المذكورة فى القرار الأميرى رقم (16) لسنة 2009 حيث انها (أى الوزارة) لا تملك السلطة فى هذا الأمر سوى بالتنسيق مع الجهات المختصة. انه ليس من حق الوزارة أن تعمل حظراً على شركة يبلغ عدد عمالها المئات أو الآلاف بسبب خلاف نشأ بين عامل واحد مع الشركة. ونحن نأمل أن تقوم الوزارة، بدلاً من ذلك، بتطبيق مواد الدستور وبالأخص المادة (30) والمادة (35) والمادة (39) والمادة (135) والمادة (136).

وفى الختام نقول ان هذا جزء يسير من العقبات التى خلقتها وزارة العمل، ولو استعرضنا ما يقوم به بعض الموظفين وبعض المفتشين من تفسيرهم للقوانين والتعليمات الوزارية والادارية لعرفنا مصدر العقبات أمام تنفيذ برامج وخطط التنمية التى أرسى دعائمها سمو الأمير المفدى حفظه الله.

والله من وراء القصد،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع