زيارة قد تكون مخيبة لآمالهم

زيارة قد تكون مخيبة لآمالهم

تناقلت وسائل الاعلام، في الأسبوع الماضي، خبر قيام وفد من لجنة قبول المهندسين ومكاتب الاستشارات الهندسية بدولة قطر إلى كل من إمارة أبو ظبي وبلدية دبي خلال شهر فبراير الحالي وذلك بهدف التعرف على الآلية المتبعة في تصنيف وقبول المهندسين ومكاتب الاستشارات الهندسية لديهم، حتى الآن والخبر، حسب وجهة نظري، جيد لأن الذين سيذهبون إليهم لديهم حب كبير لمواطنيهم لدرجة أنه في أبوظبي، على سبيل المثال، وحسب النظام رقم (1) لعام 2009 الصادر من دائرة التنمية الاقتصادية بشأن ترخيص المكاتب الهندسية يسمح لمالك المكتب الاستشاري بامتلاك أكثر من مكتب ويسمح أيضاً لمالك شركة المقاولات بامتلاك مكتب استشارات هندسية كما يمكن للمستثمر المواطن امتلاك مكتب استشارات هندسية، ويتم تصنيف مكاتب الاستشارات الهندسية، في أبوظبي، بناء على إمكاناته المالية وجهازه الفني من المهندسين العاملين لديه وخبراته السابقة. ونسأل العلي القدير أن يقنع وفد لجنة قبول المهندسين ومكاتب الاستشارات الهندسية القطري بنقل التجارب الجيدة لإمارات الاتحاد بما هو مفيد للمواطنين القطريين. أما الخبر الذي أحزننا فهو أن الزيارة تهدف أيضاً إلى تبادل الخبرات في مجال ترخيص المكاتب الهندسية. وللأسف فإن لدى الجانب القطري رغبة في عرض طبيعة عمل لجنة قبول المهندسين ولوائح وشروط تصنيف المكاتب الاستشارية بدولة قطر. وفور قراءتنا للخبر جلسنا نبتهل إلى رب العالمين وندعو العلي القدير ألا يبتلي أهل الإمارات الطيبين بتبني اللوائح والشروط المطبقة في قطر.

إن الله ابتلى لجنة قبول المهندسين ومكاتب الاستشارات الهندسية بدولة قطر بقانون نستطيع القول عنه انه وضع بأيد غير قطرية لمصلحة مواطنين غير قطريين وللأسف فإن اللجنة الحالية واللجان التي سبقت لم تكبد نفسها العناء في النظر للقانون بأعين قطرية لتصحيح الخطأ الذي ارتكب في حق قطر والقطريين. ولذلك ليس بغريب أن يجمع المشاركون خلال اللقاء التواصلي المفتوح مع رئيس اللجنة على تعديل القانون المنظم للمهنة بما يعزز من مكانة المكاتب الاستشارية والنهوض بعملها. فالكل يعلم بأن أكثر من 95 % من المواطنين يعملون في الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى أو في الهيئات والمؤسسات العامة. أما البقية الباقية فهم يملكون شركات مقاولات والكل يعلم أن غالبية شركات المقاولات القطرية هي اسم أكثر مما هو نشاط. إن الذي صاغ وكتب القانون يعرف كل هذه الحقائق وأقنع ولي الأمر بأن من مصلحة قطاع الاستشارات ألا يعمل فيه أي مواطن من تلك الفئات البشرية لتضارب المصالح. وأريد أن أعرف، أسألكم بالله، ما المصالح المتضاربة في العمل في الاستشارات الهندسية وممارسة عمل آخر مثل المقاولات أو الوظائف الأخرى؟ ولكن القانون صدر وأصبح حقيقة واقعة وللأسف نجد أن الأعضاء الذين كلفوا بقيادة دفة قبول المهندسين ومكاتب الاستشارات الهندسية يطبقون من المواد ما فيه ضرر على المواطنين وهمهم الكبير هو الوقوف أمام المستثمرين القطريين في حين أن هناك نصاً خطيراً لا يطبق سوى على المواطن القطري المسكين وهو أن يكون المهندس حاصلاً على بكالوريوس في الهندسة أو ما يعادلها من إحدى الجامعات أو المعاهد المعترف بها. وفسر القائمون كلمة المعترف بها للقطريين بانها تلك التي يعترف بها المجلس الأعلى للتعليم أما لغير القطريين فلا يطلب منهم أن يعترف بشهادتهم المجلس الأعلى للتعليم. ولو طبقت هذه المادة القطرية من القانون القطري على الأراضي القطرية لأغلقت الكثير من المكاتب الاستشارية. والمشكلة الأخرى أنه في الوقت الذي تسد فيه الأبواب أمام المستثمرين القطريين نجد أن القانون وتوجهات اللجنة تستثني المهندسين العاملين في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة أو المهندسين الذين تسند إليهم الدولة أعمالاً تقتضيها المصلحة العامة. أليس من المصلحة العامة إعطاء المكاتب الاستشارية الهندسية القطرية الأولوية في المشاريع الكبرى أو أن الاستثناء يمنح لهؤلاء بسبب المكافأة الشهرية التي تصرفها الحكومة لأعضاء اللجنة؟

ولنسأل أنفسنا: ماذا قدمت اللجنة، مع احترامي المطلق لأعضائها، للمكاتب الهندسية القطرية؟ إن المكاتب الهندسية القطرية ملتزمة، غصباً عنها، بالقوانين المطبقة وبتفسير بنودها غير المنطقي، الذي تشارك فيه لجنة الفتوى والعقود بوزارة العدل، ونتيجة ذلك ينعكس العمل في طول وتعقيد الإجراءات الإدارية التي تقوم بها اللجنة لقبول المهندسين وعدم منح المكاتب موافقة مبدئية لمهندسيهم قبل استقدامهم للدولة لتيسير إجراءات قيدهم مما يترتب عليه خسائر مالية كبيرة تتمثل في تذاكر السفر والسكن والرواتب والمواصلات لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور ولا ننسى التأشيرات ورسومها وفي الأخير ربما لا يجتاز المقابلة للفئة المطلوبة لأن المهندس لا يعرف اللغة الإنجليزية بل يعرف، على سبيل المثال، اللغة الفرنسية (أمر حدث في الواقع لمهندس عالمي تونسي لا يعرف الإنجليزية). وعند قيام اللجنة بتصنيف المكاتب الهندسية نجدها، بدلاً من أن تدقق على نوعية وكفاءة المهندسين بالمكتب تركز على عدد المهندسين ومساحة المكتب غير مدركين أن تصميم الخرائط في الوقت الحالي يتم على الكمبيوترات وربما في بعض الحالات من خلال الإنترنت وليس على طاولات الرسم التي تحتاج مساحات كبيرة.

إن اللجنة من جهة وجمعية المهندسين القطرية التي من المفروض عليها حماية مصالح المهندسين والمكاتب الهندسية القطرية من جهة أخرى لم يعملا على تقوية المكاتب المحلية وتعزيز دورها في المشاريع المحلية ولم يحققا مكاسب الاعتراف الحكومي وتمثيلية المكاتب الهندسية في مشاريع الدولة لأعضائها ولذلك لا تزال المشاريع الكبيرة والمهمة ترسى على المكاتب الهندسية العالمية وليس المحلية وفي نفس الوقت فإن اللجنة والجمعية لم تحميا المكاتب الهندسية المرخصة من المهندسين العاملين من منازلهم.

وفي الختام نأمل أن تحقق زيارة كل من دبي وأبوظبي مكتسبات حقيقية للمهندسين والمكاتب الهندسية القطرية وأن تقوم الزيارة بتغيير توجه أعضاء اللجنة إيجابياً للصالح العام القطري وألا يترتب على الزيارة تغيير شروط قبول المهندسين والمكاتب الهندسية على أهل إمارتي دبي وأبوظبي.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع