تجنيس أبناء الإماراتيات

تجنيس أبناء الإماراتيات

كما ذكرنا الأسبوع الماضي أن سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة أصدر مجموعة من المراسيم والقرارات بمناسبة الذكرى الأربعين لليوم الوطني للإمارات، وقلنا إن هناك قرارين مهمين جذبا اهتمامنا. ناقشنا الأول منهما في الأسبوع الماضي، وهو الذي يركز على إنشاء صندوق برأسمال 10 مليارات درهم لمعالجة قروض المواطنين وإجراء تسويات لها. ونأتي في مقالة هذا اليوم لمناقشة القرار الثاني وهو معاملة أبناء الإماراتيات المتزوجات من أجانب أسوة بالمواطنين ومنحهم الحق في التقدم للحصول على جنسية الدولة حال بلوغهم سن الثامنة عشرة. ومن طرفي سأزيد على الأبناء ما يعرف في قطر بمسمى سكان قطر.

إنه لا خلاف، من ناحية العرف والقانون، بأن الأبناء يتبعون جنسية الأب حتى يبلغوا سن الرشد وهو 18 سنة. ولكن نقول إنه لمن المنطق أيضاً أن ثلاثة أرباع هذا الابن هو للأم، وذلك على قياس قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يسأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أُمك، قال: ثم من؟ قال: أُمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. وقال رسولنا العظيم: إذا دعاك أبواك وأنت تصلي فأجب أمك ولا تجب أباك. ولو أخذنا الأمر من وجهة نظر الديانة اليهودية فإننا نجد أن المجتمع اليهودي لا يعترف بأي شخص أنه يهودي إلا إذا كانت أمه يهودية وليس أبيه.

إن القطريين، كما هو معروف تاريخياً، لهم امتدادات عرقية مع الكثير من دول شبه الجزيرة العربية، فالقطرية لها أهل وأقارب، على سبيل المثال، مع أهل البحرين أو السعودية أو اليمن وفي نفس الوقت فإنه يجب ألا ننسى أن بعض سكان قطر قد تم تجنيس جزء من عائلاتهم ولم يجنس الجزء الآخر. الذي حدث أنه في فترة الأجداد اهتم أحد الإخوان بالحصول على الجنسية في فترة كانت الجنسية القطرية تمنح بتقديم الأوراق، وبدون أي تعقيدات، ولم يهتم بالحصول عليها الأخ الثاني مما نتج عنه أن أحد الإخوان أصبح قطرياً، أما الآخر فقد ظل غير قطري. ولهذا نجد أن الزواج ربما وقع بين جنسيتين مختلفتين ولكنهم في أساس التركيب الأسري أقارب وأهل يعني عيال عم أو عيال خال وليس بين عرقين مختلفين.

ولقد سألني العديد من المواطنين، في فترة سابقة، عن أسس منح الجنسية القطرية لغير القطريين، ويقولون إن الجنسية لم تعد مقصورة عليهم، وتحفظ حقوقهم وحقوق أبنائهم من بعدهم، فقد حصل عليها القاصي والداني ممن تنطبق عليه شروط الدستور القطري، وممن لا تنطبق عليه!!. ويتساءلون لماذا لا يتم إعطاء الأولوية في التجنيس لأبناء القطريات أو لسكان قطر من المسلمين الذين ولدوا وترعرعوا على أرض قطر ولا يعرفون غيرها من الدول؟

إن الدستور القطري في مادته رقم (1) قد حدد الشروط لكل من يحق له أن يحمل الجنسية القطرية، من غير القطريين، وهم:

• العرب المسلمون في المقام الأول

• غير العرب من المسلمين في المقام الثاني ولكن ليس بحكم المطلق بل أولئك الذين يجيدون اللغة العربية

وللأسف نجد أن جزءاً ممن منح الجنسية القطرية لا تنطبق عليه شروط الدستور القطري، ولا يعرف اللغة العربية أو يلم بها، ولا يتبع الدين الإسلامي. الأمر الذي ترتب عليه ظهور آثار سلبية على المجتمع القطري في القيم والعادات والتقاليد، وفي الثقافة، ومع الاحترام والتقدير، لكل من تجنس، لشخصه وعلمه وفنه، لكن يبقى السؤال هو: ما هي الخدمات الجليلة التي قدمها للبلد؟ في الحقيقة أنا ضد تجنيس الوافدين ممن يعيشون حياتهم بشكل طبيعي ويحملون جنسيات أخرى مصداقاً وقياساً لقوله تعالى ".. وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ {4}ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ.. {5}" الأحزاب. ولكني في نفس الوقت لست ضد تجنيس أصحاب التخصصات التي يحتاج إليها المجتمع في سعيه للنمو والارتقاء أو ممن أفاد البلاد أو من ولد وترعرع على أرض قطر وينتمي لها وهم على استعداد للتنازل عن جنسيتهم، التي اكتسبوها بالاسم وليس بالانتماء، للحصول على الجنسية القطرية.

إنني أرى، وهذا رأيي الخاص، أن يتم حصر كل أبناء القطريات، بالإضافة إلى كل من يعرف بسكان قطر، (أعتقد بأن عددهم الإجمالي لن يتجاوز 10000 نسمة) ومنحهم الجنسية القطرية التي طالما حلموا بها. إن تجنيس هذه الفئة من البشر لن يدمر التركيبة السكانية، لسبب بسيط جداً وهو أن عددهم قليل وفي نفس الوقت فإن عاداتهم، وتقاليدهم، وديانتهم، وانتمائهم، حتى مخارج الحروف في لهجتهم، هي نفس ما يتمتع به المواطن القطري. وهناك الكثير منهم خدم البلاد بصمت، ولا يزال، وخرجت من هؤلاء البشر نماذج مشرفة، في كثير من الميادين. وفي نفس الوقت فإن الدولة، باستخدامها قوة المادة (12) من قانون الجنسية، تستطيع مواجهة وردع كل مجنس، يخل بآداب المجتمع القطري.

وفي الختام نقول إن منح أبناء القطريات وسكان قطر الجنسية القطرية أبرك وأنفع للبلاد، ممن تم منحهم الجنسية القطرية من غير العرب، ومن غير المسلمين، أو ممن قلبه يدين للبيزات قبل أن يدين بالولاء لدولة قطر الحبيبة.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع