هدايا بداية السنة الهجرية

هدايا بداية السنة الهجرية

أصدر سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في الأسبوع الماضي مجموعة من المراسيم والقرارات بمناسبة الذكرى الأربعين لليوم الوطني للإمارات. وأهل دولة قطر يباركوا لأهل الإمارات اهتمام قيادتهم بكل ما من شأنه رفع شأنهم وتعلية مكانتهم وتوفير سبل العيش الرغيد لهم. الذي جذب انتباهنا من كل تلك القرارات التي أصدرها رئيس الإمارات قراران:

القرار الأول: إنشاء صندوق برأسمال 10 مليارات درهم يتولى دراسة ومعالجة قروض المواطنين من ذوي الدخل المحدود وإجراء تسويات للقروض الشخصية المستحقة عليهم، وذلك بالتنسيق مع المصرف المركزي والمصارف الدائنة في الدولة.

لقد قامت دولة الكويت بعد تحرير الكويت بتسديد ديون المواطنين، وقامت مرة أخرى بإصدار قانون رقم (28) لسنة 2008 في شأن إنشاء صندوق لمعالجة أوضاع المواطنين المتعثرين في سداد القروض الاستهلاكية والمقسطة تجاه البنوك وشركات الاستثمار. والآن نجد أن الإمارات قامت بإنشاء صندوق لهذه المهمة، التي أرى أنها تعني الحياة والموت لكثير من المواطنين.

إننا كتبنا على صفحات جريدة "الشرق" وفي عدة مقالات مختلفة (أنظر الأموال المهاجرة والديون المتعثرة) (الشرق 30 /5/ 2010)، وكيف أن جزءاً بسيطاً من الأموال المهاجرة على شكل هبات ومساعدات لدول العالم تستطيع توفير سبل العيش الكريم للمواطنين. وتطرقنا في مقالة صندوق الديون المتعثرة (الشرق 7 /11 /2010) والحلول المناسبة للديون المتعثرة (الشرق 14 /11/ 2010) كيف يمكن حل مشكلة الديون المتعثرة بأبسط الطرق وكيف تستطيع الدولة إرجاع الأموال التي ستشغلها في هذا الصندوق وكيف تحفظ ماء وجه مواطنيها. أما في مقالة مرة أخرى.. الديون المتعثرة (الشرق 13 /3/ 2011) فقد أوردنا بعض الحقائق التي نشرتها الشرق في استبيانها وذكرنا الأمور السيئة التي ستلحق بالمواطن من الديون المتعثرة، وقلنا إن قيام الدولة بحل مشاكل الديون المتعثرة هو استثمار في الاقتصاد المحلي القطري، ولا يعد إنفاقاً عديم الجدوى، وأن جميع المبالغ التي سيتم صرفها ستعود مرة أخرى إلى خزانة الدولة. وفي مقالة أهل قطر وعلاقتهم بولي الأمر (الشرق 20 /3/ 2011) ذكرنا أن الحلول التي تم طرحها، سواء أخذ بها أو لم يؤخذ بها لن تؤثر على علاقة الشعب القطري بولي أمره، التي نصنفها بأنها أكثر من قوية.

إنني أعرف، كما يعرف غيري، أن هناك عدداً من المسؤولين، بارك الله فيهم وهداهم للسبيل القويم، يقفون عائقاً أمام تنفيذ أي مقترح لصالح أهل قطر حتى الزيادة الأخيرة في الرواتب التي أقرها سمو الأمير المفدى وأصدرها سمو نائب الأمير - حفظهما الله - ما كان لها أن تصدر لولا القناعة الشديدة لولاة الأمر وإصرارهم بالمضي قدماً في اعتمادها. لقد قام بعض المسؤولين، ممن نعرفهم، بالتهويل والنصح الشديد لولي الأمر بأن رفع الرواتب سيؤدي إلى كثرة الأموال لدى المواطنين مما سينتج عنها زيادة السيولة في السوق والتي بدورها ستؤدي إلى زيادة نسبة التضخم في البلد وأن زيادة التضخم ستقود إلى تدخل البنك الدولي لإعادة تقييم الملاءة الاقتصادية لدولة قطر عالمياً إلى غيره من الأمور العظام الجسام كأن دولة قطر والعالم أجمع سينتهي بمجرد تكريم المواطن القطري بتوفير سبل العيش الكريم له. ألا يعلم هؤلاء المسؤولون - هداهم الله - أن ضخ الأموال بشكل مباشر (زيادة الرواتب) وغير مباشر (تسديد الديون المتعثرة) سيعمل على نمو السوق المحلي ويعمق استقرار المجتمع، وفي نفس الوقت فإنها تدعم قدرة البنوك على توفير مزيد من التمويل لقطاعات الأعمال في السوق المحلية، الأمر الذي يعزز النمو الاقتصادي الكلي في الدولة.

إن قرار إنشاء صندوق خاص يتولى دراسة ومعالجة قروض المواطنين سيكون له أثر إيجابي على تحسين أوضاع المواطنين وسيسهم في استقرار الأسر، وينهي معاناة شريحة كبيرة من الشعب القطري. والأثر الآخر أن له جوانب إيجابية مهمة لصالح البنوك، فإنه سيؤدي إلى خفض مخصصات البنوك لمواجهة الديون المعدومة، وسيؤدي كذلك إلى خفض قيمة الديون المشكوك في تحصيلها وتقلص حجم إنفاق البنوك ومصاريفها على الجوانب القانونية والإدارية لعمليات التحصيل، وفي نفس الوقت فإن تلك الأموال التي نتجت عن زيادة السيولة ستعود للبنوك مرة أخرى على شكل ارتفاع في الودائع، أو سداد قروض، أو توفير في النفقات والمصاريف، مما سيمكنها من إعادة إقراضها وضخها في تمويل قطاعات الأعمال المختلفة في الدولة. ولهذا فإننا نقول لبعض المسؤولين - هداهم الله - إن هذه الأموال ستذهب لأفراد في حاجة لمساعدتهم في مواجهة مصاعب الحياة، وفي نفس الوقت ستعود مرة أخرى لخزانة الدولة ونقول لهم كما قال الله تعالى ".. أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ" هود: 78 ويبقى السؤال المهم لهؤلاء المسؤولين: ألا يستحق المواطنون مساعدة عاجلة من سمو الأمير المفدى؟ أليس بالإمكان إصدار قانون ليشمل جميع من لديهم ديون متعثرة من الأفراد وقطاع الأعمال الذين لا يكفي دخلهم لتغطية نفقات الديون أو تلك الشركات التي يقل فيها معدل العائد على الاستثمارات بتكلفتها الدفترية عن تكلفة رأس المال؟.

وفي الختام نقول إن تحسن وضع المواطنين سينعكس مباشرة وبشكل إيجابي على اقتصاد الدولة، من حيث نمو حجم السوق، وحجم الاستهلاك، وزيادة القوة الشرائية وجميعها عوامل تشجع الاستثمار في السوق المحلية، وتفتح فرصاً جديدة أمام المنتج الوطني. وكما فاجأتنا القيادة الرشيدة بقراراتها السديدة التي أتت مخالفة لرأي بعض المسؤولين، فإننا نطمح أن يقوم ولي الأمر - حفظه الله - ببث الروح في مقترحاتنا لمعالجة الديون المتعثرة لفائدة الشعب الذي يحبهم ويحبونه ولا يرضى أي طرف بديلاً عن الطرف الآخر.

وفي الأسبوع المقبل، إن شاء رب العالمين، سنعالج الأمر الثاني الذي جذب انتباهنا من قرارات سمو رئيس الإمارات العربية المتحدة

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع