الشوارع والحفريات

الشوارع والحفريات

في قطر نجد أن هناك شوارع محدودة تتوافر فيها بعض الشروط والمواصفات الفنية خاصة تلك التي تستخدم خلال التنقلات الرسمية لذلك فهناك اهتمام كبير بها ولا تجد فيها حفرة أو مطبا صناعيا أو أي نوع من العوائق المصطنعة. أما باقي شوارعنا وطرقنا الرئيسية والفرعية فقد شوهتها الحفريات والمطبات الصناعية (أعتقد بأن دولة قطر الأولى عالمياً في عدد المطبات على الطرق الرئيسية!!).

حتى شوارع منطقة الدوحة الحديثة "الدفنة" التي كانت في منتهى الجمال والنظافة وأنشئت، كما قيل، بعد عمل البنية التحتية الكاملة، شوهتها الحفارات الكبيرة التي تمخر في أراضيها وتبدلت شوارعها الممهدة المضيئة بأخرى مظلمة. والذي يحز في النفس أن الجهات الحكومية متفننة في تخطيط أعمال البنية التحتية في وسط الشوارع والطرق وليس على أطرافها مما ينتج عنه إغلاق أكيد لهذه الشوارع ويجعل من الصعوبة عمل أي نوع من الصيانة في المستقبل إلا بإغلاقها أمام السيارات. وفي نفس الوقت تقوم الجهات عند صيانة الشوارع الداخلية بعمل مسار واحد بدلاً من مسارين مما يعوق الانسيابية في حالة تعطل سيارة أو حدوث حادث، لا سمح الله، على تلك الطرقات.

إننا لا ننكر ولا يمكن لأحد إنكار أن الجهات المختصة تعمل بجد من أجل البناء، ولكن انفرادية اتخاذ القرار قد تؤدى إلى تضارب المصالح بين تلك الجهات مما يؤدى في النهاية إلى إعادة العمل من جديد في بعض الشوارع أو تعرضها للتأخر عن موعد إنجازها الذي حدد قبل البدء في تنفيذها. وهذه الظاهرة ملاحظة بشكل كبير في مشروعات إنشاء الشوارع والطرق، فما أن يتم الانتهاء من إنجاز شارع قد يستغرق عدة سنوات من قبل أشغال، حتى لا تلبث أن تعاد أعمال الحفر به من قبل كهرماء أو غيرها من المؤسسات والشركات لتوفير الخدمات المتنوعة. وهذا يتسبب في إهدار أكيد للمال العام نتيجة التطوير والبناء ثم الهدم وإعادة العمل بنفس المواقع مرة أخرى. ولهذا تعاني شوارع الدوحة من اختناق حركة السير المتسببة فيها أعمال الحفر من بعض الجهات والشركات التي تعطل انسيابية السير، وتتسبب في تأخير وصول الطلاب لمدارسهم والموظفين لأعمالهم في الذهاب وعند العودة.

إن دولة قطر تنفق على إنشاء الشوارع والطرق والجسور والأنفاق مليارات الريالات إلا أن هناك دولا نعتبرها متخلفة وفقيرة في مواردها الطبيعية، وربما تعتمد على المساعدات الخارجية، قد وضعت مواصفات وشروطا صارمة لرصف الشوارع والطرق وإقامة الأرصفة لا يمكن مخالفتها، أما في قطر فإنه لا يسلم شارع من أعمال الحفر عدة مرات في السنة سواء لأنابيب المياه، أو الصرف الصحي، أو لكيبل الكهرباء، والتليفونات، وفي المستقبل القريب لوضع أنابيب الغاز، والكل جالس يستفيد من أعمال الحفر، وليتهم يقومون بإعادة الشيء لأصله بل في بعض الحالات يترك المقاول أعمال الحفر لحين وقوع كارثة ربما تحرم بعض الأسر من أحد أفرادها.

إن القيام برصف الشوارع ثم إعادة حفرها من جديد بأي حجة كانت يعتبر:

• هدراً للمال العام لزيادة الانفاق على نفس الشارع عدة مرات.

• تأخر إنجاز المشروعات حسب المخطط العام لقطر 2030.

• ضرر للمنشآت التجارية التي تتأثر أرباحها وربما عرضتها لخسارة أكيدة.

• معاناة سكان الشوارع أو المناطق الواقعة فيها أعمال الحفر والتطوير.

• زيادة معدلات حوادث الطرق بسبب كثرة التحويلات.

• معاناة الجميع، وبخاصة الأطفال، من الغبار الدقيق والتلوث والضوضاء التي تضر الصحة.

إن التنسيق والتخطيط السليم يضمنان تحقيق إنجاز وتطوير المشاريع بشكل سريع وعلى أحسن المواصفات، بينما غياب التنسيق يؤدى دائماً إلى نتائج سلبية يعانى بسببها الجميع من مواطنين ومقيمين. إن غياب التنسيق في المشروعات المرتبطة بأعمال البنية التحتية أمر في غاية الخطورة، ويتطلب مواجهة صارمة من أجل تفادي سلبياتها العديدة. ومن المؤكد أن كل المسؤولين القطريين سافروا للخارج مرات كثيرة، وشاهدوا شوارع وطرق معظم دول العالم، والسؤال البريء: هل هؤلاء المسؤولون لا يتمنون أن تكون شوارع قطر وطرقها مثل تلك الشوارع والطرق التي يرونها في الخارج؟ والسؤال البريء الآخر: هل هناك مصالح خاصة تطغى على مصلحة الوطن؟

وفي الختام نقول ربما هؤلاء المسؤولون يرون أن إعاقة انسيابية الشوارع لها مردود إيجابي لأن التحويلات عندما تكون مزدحمة بالسيارات تعمل على تخفيض نسبة الحوادث المرورية وبالأخص تلك الحوادث المرتبطة بالسرعات العالية. ولله في خلقه شؤون!!

وفي هذا المقام فإنني أتقدم بالشكر الجزيل لأخي سعادة الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني وزير الدولة للشؤون الداخلية ولجميع المنتسبين لهذه الوزارة ولقوة الأمن الداخلي (لخويا) على ما يقدمونه من حلول عملية لحل مشكلة تخطيطية وتنفيذية خلقتها "جهات حكومية لا تفرق بين مواعيد الإجازات ومواعيد المدارس والعمل"، ولولا وجودهم لكان من المستحيل على الطلاب والموظفين الوصول إلى وجهتهم في الوقت المناسب. بارك الله لنا فيهم ونفع الله بهم البلاد والعباد.

والله من وراء القصد.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع