العمالة المنزلية وزيادة الرواتب

العمالة المنزلية وزيادة الرواتب

قبل أن ننعم بوصول الزيادة في الرواتب التي أقرها سمو نائب الأمير ولي العهد الأمين حفظه الله أقبلت علينا القوى العاملة بالخدمة في المنزل قائلين (الكلام معدل لغوياً للحفاظ على لغتنا العربية الجميلة): بابا انت تعرف أن المشروم زاد سعره من 7 ريالات إلى 9 ريالات وصابون الجسم نوع (..) زاد من 1.75 ريال إلى 2.50 ريال والجبن زاد من 8 ريالات إلى 10 ريالات ومعطر الثياب زاد من 18 ريالا إلى 20 ريالا والبيض زاد من 12.50 ريال إلى 14.75 ريال وجميع احتياجات المنزل زادت أسعارها خلال هذا الشهر "شهر سبتمبر" وعلى هذا الأساس فإننا نتقدم بطلب زيادة رواتبنا الشهرية بواقع 200 ريال قطري لكل فرد. قلت لهم: إن زيادة أسعار السلع التي تتحدثون عنها أنا أغطيها من حسابي الخاص وكلكم تنعمون بالخير على حسابي فالأكل والأغراض الخاصة بكم والملبس والترفيه إلى آخره من النفقات مدفوعة بالكامل من طرفي والراتب الشهري الذي تستلمونه هو راتب صافي لا تصرفون منه أي درهم على أنفسكم، فكيف تطلبون الزيادة بسبب أن الأسعار التي ليس عليها حسيب أو رقيب قد زادت؟!. وردت علي إحداهن قائلة: بابا اللي طلبناه ما يشكل حتى 20 % من رواتبنا وأنت حصلت من الحكومة على 60 % زيادة على الراتب وإحنا ناس فقراء وأهلنا في بلادنا يعتمدون بعد الله علينا في معيشتهم. وأنهيت الموضوع بقولي: في الوقت الحاضر لن أزيد رواتبكم ولكني سوف أفكر بالموضوع. وفي اليوم التالي جلست على مائدة الغداء مع الأسرة الكريمة وبعد اللقمة الأولى ارتفع الضغط الدموي عند جميع أفراد الأسرة والسبب أن الأكل كله مالح بحر وفيه كمية بهارات زائدة عن اللزوم.

إن زيادة رواتب القائمين على الخدمة المنزلية بهذه المبالغ الزهيدة ليست مشكلة في حد ذاتها ولكن المشكلة ان بعض التجار، للأسف، لا يكتفون بالربح المناسب والمحدد عالمياً بنسبة 25 % من سعر التكلفة، بل نراهم يرفعون الأسعار بنسب تصل في بعض الأحيان لأكثر من 300 % من سعر التكلفة، والمستهلك المسكين الذي يحتاج إلى هذه السلعة أو الخدمة، غصباً عنه يدفع، بخاصة إذا كانت حق أم العيال. وعندما يرى هؤلاء التجار أن المستهلك قد رضي بالسعر الجديد يقومون من جديد برفع الأسعار حتى وصل الأمر كما قال رب العالمين (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) الأحزاب: 10. وعندما وصلنا لهذه المرحلة الحرجة من زيادة الأسعار بحيث أصبح الراتب الشهري لا يغطي احتياجات الأسرة المتزايدة، هنالك ألهم رب العالمين نائب الأمير حفظه الله ويسر له القيام بإصدار القرار الأميري بزيادة رواتب القطريين في الدولة. ورفع المواطنون أيديهم إلى السماء بالدعوة الخالصة لله لحفظ وتوفيق سمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد الأمين.

وعندما أقرت زيادة الرواتب التي طال انتظارها بدأ بعض التجار في زيادة الأسعار، متناسين أن أسعارهم أصلا هي الأعلى في منطقة الخليج العربي، والمشكلة الكبيرة أن من يرفع الأسعار هي شركات أنشأتها وساهمت فيها الحكومة القطرية!! ولأن الحكومة طرف في زيادة الأسعار، فقد أصبح من حق التجار حكماً أن يرفعوا أسعارهم، لأنهم وجدوا أن السكوت من جانب الجهات الرسمية على شركاتهم هو علامة رضا ومباركة. وفي هذا المقام فإننا نذكر الحكومة بكلام سمو الأمير المفدى الذي أكد أن الحكومة سوف تستمر في اتخاذ الإجراءات الضرورية اللازمة للهبوط بمستوى الأسعار ورفع القوة الشرائية للدخل الفردي، وذلك بهدف دعم الاقتصاد المحلي. وفي نفس الوقت نذكر معالي رئيس مجلس الوزراء الموقر عندما ذكر في اللقاء التشاوري الرابع والخامس "أن الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام عدم استقرار السوق واستغلال المواطن ولن تسمح أو تتغاضى عن الممارسات الاحتكارية واستغلال المواطنين".

ونوجه الدعوة لوزارة الأعمال والتجارة بشكل عام ولإدارة حماية المستهلك بشكل خاص بأن زيادة الأسعار بهذه الصورة على السلع والخدمات لن تمكن القطريين من توفير أي ريال واحد من رواتبهم الجديدة التي تدخل في جيوب التجار قبل أن تدخل في جيوب من كد واجتهد في تحصيلها. وعليكم يا إدارة حماية المستهلك حماية أموال المواطنين من التسرب إلى التجار، وأغلبيتهم للأسف من غير المواطنين الذين ينقلون تلك الأرباح الخرافية إلى دولهم الأصلية، مستثمرين فيها مما يحرم الاقتصاد المحلي من تلك الأموال!! إن مثل هذا الأمر يحتاج إلى قرارات شجاعة وليس فقط إلى تحرير مخالفات على التجار الذين بدورهم يحصّلون مبالغ تلك المخالفات من جيوب المواطنين والمقيمين..

وفي الختام فإننا نؤكد على دعوة سعادة الشيخ جاسم بن عبدالعزيز آل ثاني وزير الأعمال والتجارة بضرورة حماية مكتسبات الدخل للأفراد والعموم، وذلك من خلال الوعي والمسؤولية المشتركة للتجار وأصحاب الأعمال من جهة وعموم المستهلكين من جهة أخرى. وكذلك ننتظر الإجراءات والتوجيهات الجديدة لضبط الأسعار في السوق المحلي والتي أعلن عنها سعادة الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني مدير إدارة حماية المستهلك، ونقول لسعادته اننا نرجو أن لا توقع أقسى العقوبات بحق المخالفين من التجار الذين لن يلتزموا التزاماً كاملا بتعليمات وضوابط إدارة حماية المستهلك فيما يتعلق بالمحافظة على استقرار الأسعار، لأن هذه القسوة ستؤخذ منا نحن المستهلكين المساكين..

والله من وراء القصد.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع