مجلس الشورى .. والقرارات المصيرية

مجلس الشورى.. والقرارات المصيرية

بما أن عمل مجلس الشورى الحالي ينظمه النظام الأساسي المؤقت المعدل فعليه يجب مناقشة اختصاصاته من هذا المنظور. ففي المادة (40) ينشأ مجلس الشورى ليعين برأيه الأمير ومجلس الوزراء في أداء مهامهما.. ويعبر مجلس الشورى عن رأيه في شكل توصيات. أما المادة (51) فتحدد دوره بالتالي..

1. السياسة العامة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية والإدارية التي تعرضها عليه الحكومة

2. شئون الدولة في المجالات الاجتماعية والثقافية

3. طلب البيانات عن أي شأن من الشئون الداخلة في اختصاصه من مجلس الوزراء بالنسبة للمسائل المتصلة بالسياسة العامة للحكومة

في حين حدد قانون (6) لسنة 1979 اللائحة الداخلية لمجلس الشورى اختصاصاته بالتالي:

1. مناقشة ما يلي: —

a. مشروعات القوانين، والمراسيم بقوانين، التي تحال إليه من مجلس الوزراء.

b. السياسة العامة للدولة في النواحي السياسية، والاقتصادية، والإدارية، التي تحال إليه من مجلس الوزراء.

c. شئون الدولة في المجالات الاجتماعية والثقافية بوجه عام، سواء نظرها من تلقاء نفسه أو أحليت إليه من مجلس الوزراء.

2. متابعة أنشطة الدولة وإنجازاتها في شأن جميع المسائل التي أحيلت إليه من مجلس الوزراء، وكذلك جميع المسائل المتعلقة بالمجالات الاجتماعية والثقافية سواء أكانت هذه المسائل قد أحيلت إليه من مجلس الوزراء، أم نظرها من تلقاء نفسه.

إنه لا يوجد شك بأن صياغة النظام الأساسي المؤقت المعدل وقانون اللائحة الداخلية لمجلس الشورى تمت بشكل واضح وجلي لا يحتمل التأويل فدور المجلس هو إعانة الأمير ومجلس الوزراء في أداء مهامهما. وعندما ننظر كيفية إعانة ولي الأمر من الناحية الإسلامية نجد أن الدكتور الرفاعي لخص هذا الدور بما عرّفَه بأنه ميثاق المواطنة "العقد الاجتماعي الوطني" الذي يقوم على ثلاثة عناصر: 1 — دين الدولة: الإسلام وهو أساس الهوية الثقافية والحضارية للمجتمع. 2 — عقد الإيمان: وذلك بإنفاذ شريعة الله سبحانه وتعالى في تحقيق مصالح المواطنين، وإقامة العدل بينهم وصون كرامتهم، وتوفير أسباب رزقهم وأمنهم واستقرارهم. 3 — عقد الأداء: وهو عقد بين الحاكم والمحكومين من المسلمين، يلتزم الجميع بموجبه بإنفاذ ما اتفقت عليه إرادة الأمة، من قيم ومبادئ ونظم وأعراف وتقاليد في إطار عقد الإيمان وما تضمنه من ثوابت ومنطلقات، والعمل معاً على تحقيق مصالح الناس وصون البلاد وأمنها واستقرارها وسيادتها.

وهذا يعني ويؤكد بوضوح أن الشعب على أساس من "عقد الإيمان" والتزاماً بما ينص عليه "عقد الأداء"، مطالب بالسمع والطاعة لولي الأمر من غير معصية الله، ومن غير ما يتعارض ويتناقض مع مواثيق عقد الإيمان وعقد الأداء، ومطالب كذلك بتحمل مسؤولياته في إعانة الحاكم "ولي الأمر" وبذل النصح والمشورة له بما يعينه على أداء مهامه ومسؤولياته وواجباته، وفق عقد الإيمان وعقد الأداء، وبما يحقق مصالح المواطنين وأمن البلاد وسيادتها وارتقائها. وأن الحاكم مسئول أمام الله تعالى، ومسئول أمام الشعب عن التزام وتطبيق شريعة الإسلام والعمل بأمانة وإخلاص على إقامة العدل بين الناس جميعاً وأن يتحمل الحاكم مسؤولية استشارة المواطنين، وإشراكهم في تحمل مسؤولياتهم في اتخاذ القرارات المصيرية، المتعلقة بمصالحهم وأمن البلاد وسيادتها، وإنفاذ ما جاء في عقد الإيمان وعقد الأداء.

إنه من الملاحظ بأن بعض القوانين والقرارات التي تصدر من السلطة التنفيذية تمس مصالح المواطنين والمقيمين منها، على سبيل المثال، رفع الرسوم على جميع الخدمات الحكومية وإلغاء الفروع الإسلامية للبنوك التجارية وارتفاع أسعار السلع والخدمات والوحدات السكنية وآخرها منع السيارات القطرية من مغادرة الحدود البرية وجميعها تأتي من ضمن اختصاصات المجلس. وللأسف أن المجلس في واد وأن ما يحدث كأنه في واد آخر. بالإضافة إلى أن المجلس لم يشارك المجتمع همومه وبالأخص الديون المتعثرة وتفضيل غير القطري في الوظائف على القطري وفروق الرواتب العالية بين المواطنين وغير المواطنين إلى آخرها من القضايا الجوهرية التي تمس الحياة الاجتماعية والثقافية للفرد في قطر. ومع ذلك نجد أن أعضاء مجلس الشورى حفظهم الله مهتمين بقضايا فرعية مثل تشجيع عمل المواطنين بالصحافة المحلية "كم عدد المواطنين الذين سوف تستوعبهم أربع صحف" وإجبار الشركات المساهمة بدفع 2.5 % من أرباحها لدعم الأنشطة الاجتماعية والرياضية "كأن خزينة الدولة فارغة وتبحث عن ممولين" والطلب بتسريع تطبيق قانون سكن العمال بالمناطق السكنية "كأنهم أتوا للبلاد غصباً علينا وفي نفس الوقت الله يعين أصحاب العمارات الخالية على أقساط البنوك".

وفي الختام نقول يا أعضاء مجلس الشورى أنقذونا من القرارات العشوائية فإن دوركم كبير وغير محدد والشعب القطري وولي أمره في حاجة لمن ينصح لهم وينير طريقهم والقسم الذي أقسمتموه قبل دخولكم كأعضاء يجبركم على ذلك ونريد منكم التفاعل الصادق مع ما يعانيه المواطن العادي والتخفيف عنه وعرض مسألته على ولي الأمر مع المقترحات المناسبة والقابلة للتطبيق وإن شاء الله أنتم لستم ممن وصفهم رب العالمين في الآية 72 من سورة الأحزاب ولستم ممن ذكروا في الآيات 15 و16 من سورة هود.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع