مرة أخرى .. الديون المتعثرة

مرة أخرى..الديون المتعثرة

لي تقريباً حوالي أكثر من أسبوع وأنا متابع لبرنامج صباح الخير.. وطني الحبيب وأكاد أجزم بأن أكثر من 95 % من هموم المواطنين تتركز في ثلاث نقاط وهي: الديون وفوائدها وهي أعلاها وغلاء الأسعار وعدم وجود رقابة من حماية المستهلك والمخالفات المرورية وبالأخص في المواقف.

وأكد تحقيق قامت به جريدة الشرق بتاريخ 27/2/2011 قيام عدد من الخبراء المصرفيين والقانونيين بالتحذير من التأثيرات السلبية لظاهرة الديون التي تكبل غالبية المواطنين في الوقت الحالي. وقالوا إن أكثر من 80 % من المواطنين مدينون للبنوك ونصفهم غير قادر على السداد، وأكد الخبراء أن الاقتراض من البنوك أصبح ثقافة سائدة في المجتمع وأرجعوا السبب في ذلك إلى مجموعة من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية. وأضافوا قبل الأزمة المالية كانت الأمور تسير بشكل جيد وكانت الإيجارات في ارتفاع مستمر ولذلك توسع البعض في الاقتراض من البنوك سواء للاستثمار العقاري او المضاربة في البورصة ولكن انفجار الأزمة المالية أثر على معظم المواطنين خاصة المقترضين وباتوا غير قادرين على سداد الديون المستحقة عليهم. ومما زاد الطين بلة أن انخفضت رواتب البعض بعد تطبيق قانون الموارد البشرية وهناك من أحيل للتقاعد وفقد جزءاً من راتبه وهناك ممن خسر كل رأس ماله في الأسهم وهناك ممن فقد أعماله وكل تلك الأمور وغيرها الكثير جعلت المواطنين يعانون من ورطة حقيقية يصعب الخروج منها. وأرجع أحد الخبراء الماليين أن المسئولية الكبيرة تقع على عاتق مصرف قطر المركزي.

ولقد أعجبني ما أورده سعادة السيد عبدالله بن خالد العطية محافظ مصرف قطر المركزي السابق في مقابلة نشرت في نفس العدد من جريدة الشرق عندما ذكر بأنه قام، عندما كان مديراً لبنك قطر الوطني، بجدولة حوالي 98 % من القروض المتعثرة وقام بالتخطيط بالتضحية بنسبة 40 % من أرباح البنك التي كانت ترحل كاحتياطيات داخلية مقابل تسوية القروض لأن أبعادها ليست مالية أو اجتماعية فقط بل هي ذات أبعاد سياسية وإستراتيجية. وعلى هذه الأبعاد فإنه، أي العطية، فضل القيام بتسوية الديون المشكوك بها على اللجوء إلى المحاكم، لأنه في حالة أخذ المدينين للمحاكم سيكون من شأن ذلك القرار أن يسبّب صدمة مالية كبيرة لكونه سيؤثر سلبياً على المقاولين والمقاولين بالباطن مثلاً وعلى غيرهم، وسيزيد من الركود الاقتصادي وخلق مشاكل قروض إضافية لهم وللبنوك المحلية الأخرى

وعندما سئل السيد العطية عن إنشاء صندوق للديون المتعثرة (انظر مقالتنا التي نشرت بجريدة الشرق بتاريخ 7/11/2010) ذكر بأن تدخل الدول لإنقاذ البنوك ومساعدة المواطنين يُعتبر قرارا مهما، وإنشاء هذا الصندوق الذي من خلاله نستطيع "اصطياد عصفورين بحجر"، أولا مساعدة المواطنين وثانياً مساعدة البنوك. وذكر العطية بأن الصندوق المذكور يجب أن يحدّد ماهية القروض المتعثرة ومَن هم الأشخاص المتعثرون، وعندما تشتري الدولة القروضَ يجب أن تعطي فترة سماح معقولة تمتدّ لعدّة سنوات للتسديد، وتحديد آليات عمل الصندوق بوضوح، ودراسةُ كل حالة على حدة، وعلى البنك أن يدفع كل أو بعض هذه التكاليف.

لقد قلنا من قبل وحذرنا بأن للديون المتعثرة آثاراً مدمرة على الاقتصاد المحلي والأفراد أسوأها الملاحقة القضائية للشخص المدين، أو حبسه في حال عجزه عن السداد مما يؤدي لتشتت أفراد أسرته وما يصاحب ذلك من أمراض اجتماعية خطيرة. (انظر جريدة الشرق 30/5/2010 و7/11/2010 14/11/2010). وقلنا ان قيام الدولة بحل مشاكل الديون المتعثرة سيحفظ ماء وجه مواطنيها وسيجنبهم الدخول إلى أروقة المحاكم وسيلم شمل الأسرة القطرية بإبعادهم عن السجون بسبب تلك الديون المتعثرة وهذا الأمر في حد ذاته يجعل المواطنين مدينين للدولة على حسن الصنيع والتصرف مما يقوي الجبهة الداخلية لدولة قطر في وقت نحن أحوج إليه إلى ذلك مما سبق.

ويجب ألا يغيب عن الذهن بأن قيام الدولة بحل مشاكل الديون المتعثرة هو استثمار في الاقتصاد المحلي القطري ولا يعد انفاقاً عديم الجدوى، وأن جميع المبالغ التي سيتم صرفها ستعود مرة أخرى إلى خزانة الدولة وهي بهذا المعنى أفضل بآلاف المرات من الأموال التي تخرج من قطر للعالم الخارجي بشكل مساعدات وهبات حتى لو كانت بشكل استثمارات

إن الوضع لا يزال خطيراً ويحتاج إلى دعم حقيقي من راسمي السياسة الاقتصادية العليا بالدولة ولا أعتقد إن استثمار عدة مليارات من الريالات محلياً سيؤثر على إمكانية الدولة المالية التي أسست ميزانيتها الحالية على أساس سعر النفط بمستوى 55 دولارا، أما الأسعار الحالية للنفط الذي ينتج منه 1.2 مليون برميل يومياً فهي أكثر من 100 دولار ولا ننسى مساهمة الغاز الطبيعي الذي أنتج منه في عام 2010 ما يعادل 76.9 مليار متر مكعب، اللهم لا حسد.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع