مجلس أمناء الجامعة .. مع التحية

 

مجلس أمناء الجامعة.. مع التحية

يوم السبت بتاريخ 2 /10/2010 قمت بزيارة للمدينة التعليمية للمشاركة في اليوم المفتوح لأولياء الأمور بجامعات المدينة التعليمية وقابلت في هذه الزيارة العديد من أعضاء الهيئة التدريسية بالجامعات الأمريكية، طبعاً لا يوجد من بينهم أي مواطن قطري، وكان أصغر هؤلاء أمريكي يبلغ من العمر 67 سنة، وكان محور حديثنا يتركز حول الطلبة ومدى العناية بهم ودفعهم للأمام، وحول الامتيازات الوظيفية التي تمنح لهم "طبعاً لم أتكلم معهم عن حجم الرواتب والأجور التي تدفع لهم لأني متأكد بأنها أكبر مما تدفعه جامعتنا لمنتسبيها" ومن ضمن الحديث سألني أحدهم لماذا لم تفكر بالانتقال إلى المدينة التعليمية كعضو هيئة تدريس لأنه مع الخبرات التي تملكها والمواد التي تدرسها وإجادتك للغة الإنجليزية ستكون إضافة جيدة لأصول المدينة التعليمية. فقلت له أولاً أنا قطري ثانياً لباسي تقليدي وليس غربياً ثالثاً حتى جامعتي، مع إنني أعد من مؤسسي الجامعة إلا إنها بارك الله فيها، تريد لتلك الأسباب أن تحيلني للقاعد قبل أن أصل إلى السن القانونية، فكيف تعتقد بأنه سيتم قبولي بالمدينة التعليمية كعضو هيئة تدريس. فتعجب من ردي وقال إننا في الجامعات الأمريكية نحافظ على أعضاء الهيئة التدريسية لأن هذة السن هي سن العطاء لدى منتسبي الجامعات.

أما في بريطانيا فإنه لا يتم تحويل أعضاء الهيئة التدريسية إلى التقاعد إلا إذا زاد عدد أساتذة القسم "بروفيسور" عن ثلاثة ومع ذلك فإنهم يقومون بالتعاقد معهم ليستمروا في الجامعة وبالأخص لأولئك المتميزين بالبحوث وخدمة الجامعة والمجتمع لأن سياسة الجامعات البريطانية تقوم على الاحتفاظ بأصحاب الأسماء اللامعة مهما بلغ من العمر لأن قوة الجامعة تعتمد على سمعة من فيها من أعضاء الهيئة التدريسية بل يصل الأمر إلى أن تتنافس الجامعات البريطانية لإعطاء مميزات وظيفية لسحب الأعضاء من الجامعات الأخرى بغض النظر عن السن.

هذا هو الفرق بين فكر بعض المسئولين في جامعتنا وفكر المسئولين بالجامعات الغربية مع العلم بأن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لديهما فائض سكاني كبير فإنه من الأفضل لهما إحالة أكبر عدد من أعضاء الهيئة التدريسية والموظفين إلى التقاعد واستبدالهم بغيرهم من الأصغر عمراً بهدف خفض نسبة البطالة في تلك المجتمعات. أما دولة قطر والتي تعاني من عجز كبير في العمالة المواطنة فمن المفروض لها الاحتفاظ بالموظفين المواطنين لأطول فترة ممكنة وذلك للحد من تدفق العمالة الوافدة التي تستنزف الكثير من موارد الدولة ولكن الذي يحدث في قطر هو العكس تماماً.

ونجد مصر، في العالم العربي، والتي أيضاً لديها فائض سكاني كبير، لا يحيلون أستاذ الجامعة لهيئة التقاعد والمعاشات مهما بلغ من العمر حتى لو تجاوز السبعين عاماً، إلا بوفاته أو بقرار كتابي منه أو لأسباب صحية. فأستاذ الجامعة، في مصر وليس في قطر، ثروة بشرية عظيمة وأن عطاءه من تدريس الأجيال وخبراته التي أتت نتيجة لأبحاثه لا تقدر بالمال. والسؤال: كيف نحيل للتقاعد من هو في أوج عطائه وقمة توهجه العلمي والفكري خاصة في بلد يبلغ عدد أساتذة الجامعة فيه، في كل تخصص، على أصابع اليد الواحدة والبلد بحاجة لكل قطري مثقف ثقافة رفيعة لبنائه والمساهمة في تثقيف أبنائه وبناته. وذكر لي أحد الأساتذة الأجلاء، من غير القطريين، من الذين أقدرهم واحترمهم لرأيهم ولشخصهم "أنه يجب أن يتساوى القطري مع غير القطري في خدمة قطر بعد سن الستين. لأنه إذا لم يكرم القطري في بلده فمن وأين يتم تكريمه؟" واسترسل هذا الأستاذ بقوله: "إن قطر الصاعدة الواعدة تحتاج للاستفادة من علمائها ومفكريها في جامعتها ومراكزها البحثية ومؤسساتها الثقافية بعد الستين للمساهمة في تنمية قطر على جميع الأصعدة وفى مختلف الميادين بدلا من إحالتهم للتقاعد واستقدام غيرهم ممن تجاوز الستين في العمر وليس لديهم دراية بخصائص المجتمع القطري". هذه هي وجهة نظر عضو هيئة تدريس غير قطري يشاهد، وبحسرة، اختفاء العنصر البشري القطري من مدرجات الجامعة.

ومنا نرفع هذا الموضوع لمقام سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الأمين ورئيس مجلس أمناء الجامعة، وإلى بقية الأعضاء الكرام بالمجلس، لتتم مناقشة مساواة القطري مع غير القطري في خدمة قطر بعد سن الستين في إطار مصلحة دولة قطر والمجتمع القطري علماً بأن سن التقاعد بالجامعة وجامعات المدينة التعليمية غير مطبق على أعضاء الهيئة التدريسية من غير القطريين وفي نفس الوقت يجب ألا يغيب عن البال بأن سن التقاعد للقضاة بالمجلس الأعلى للقضاء يبلغ سبعين عاماً. وفي نفس الوقت نقول لمجلس الأمناء ارحموا الطلبة القطريين عن طريق تطوير إجراءات القبول والتقييم التي تناسب في الوقت الحاضر المجتمعات ذات الأعداد الكبيرة ولا تتناسب مع الأعداد الصغيرة للسكان القطريين. بارك الله فيكم في كل ما تقررونه لصالح المجتمع.

والله من وراء القصد،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع