سكت دهراً ونطق كفراً

سكت دهراً ونطق كفراً

وكما عودتنا جريدة الشرق دائماً أن لها الانفراد في السبق الصحفي، فقد قامت بنشر جزء من مشروع القانون الجديد للتقاعد والتأمينات الاجتماعية لعام 2011 في عددها الصادر بتاريخ 22/3/2011. ولقد حاولت أن أحصل على نسخة أولية كاملة من مشروع هذا القانون لكني لم أوفق بذلك لا من الجريدة ولا من المصادر الأخرى ولهذا سوف نركز مقالنا على ما نشر فقط على صفحات جريدة الشرق.

ان ما ورد في الجريدة يحمل الكثير من المشاكل التي يتعرض لها المواطنون

أولاً: ستتم زيادة اشتراك التقاعد من 5 الى 6 %: وهذا بحد ذاته يعني رفع قيمة الخصم الشهري من رواتب الموظفين في الوقت الذي يعاني الكثير منهم من الغلاء الذي يقصم ظهورهم ولا يرحمهم. اننا نرى أن أي زيادة في الخصم يجب أن يكون مسبباً ويمنح المواطنين مزايا وفوائد مستقبلية أكبر.

ثانياً: تخفيض سن التقاعد من 60 سنة الى 59 سنة: وبهذا فقد نالت دولة قطر المكانة الأولى في العالم التي تقر مثل هذا الأمر، لأن التوجه العام هو تأخير سن التقاعد، مثل ما حدث في فرنسا وايطاليا. وهذا يعني ببساطة أن دولة قطر تعمل على الاسراع بالتخلص من العمالة المواطنة ليحل محلها عمالة من خارج الحدود. ولقد ذكرنا مراراً ان المواطنين عددهم قليل ولا بد أن تقوم الدولة والحكومة بالاستفادة ما أمكن من هذه العمالة المواطنة للبقاء أطول مدة ممكنة في ممارسة الوظائف بمختلف أنواعها بدلاً من تسريع العمل على تقاعدها. اما اذا فصلت هذه الفقرة لتسريع احالتنا للتقاعد فهذا يعني بانني دخلت التاريخ في التأثير على صياغة القوانين.

ثالثاً: راتب المشترك الشهري الأساسي وفقاً لجدول الرواتب (يقصد منه من بداية مربوط الدرجة) شاملاً للعلاوات الدورية، وعلاوات الترقية، دون غيرهما من العلاوات والبدلات، مضافاً اليه العلاوة الاجتماعية المقررة: ان المتقاعد في القانون الحالي يستلم آخر راتب وصل اليه المواطن مع العلاوة الاجتماعية ولكن التفنن في صياغة هذه المادة تجعل كبار المسئولين بالدولة في وهم بأن القانون لن يهضم حقوق المتقاعدين وأن العلاوات الدورية والترقيات سوف تستمر معهم في فترة التقاعد. وكان بالأحرى، ان أريد العدل، أن يتم ادراج علاوة سنوية للمتقاعد تسمى بدل غلاء وهي تقابل العلاوة الدورية وفي نفس الوقت ادراج علاوة بدل سكن ضمن الراتب الشهري للمتقاعد، حتى لا يبيت المتقاعد في الشارع.

رابعاً: متوسط راتب حساب الاشتراك خلال السنوات الثلاث الأخيرة: وهذا يتناقض بشكل كبير مع ما ورد في الفقرة السابقة فلو قلنا على سبيل المثال، مواطن يستلم راتبا أساسيا يبلغ 10000 و11000 و12000 ريال شهرياً في السنوات الثلاث الأخيرة فهو عند تقاعده سوف لن يستلم 12000 كما هو المعمول به الآن بل 33000 ريال ÷ 3 = 11000 ريال. أما المواطن الذي حصل على ترقية حديثاً سوف تكون خسارته كبيرة جداً. ومن المعروف أن سعادة وزير الداخلية، يقوم مشكوراً، برفع رتبة الضباط الى الرتبة الأعلى ومن ثم يحيلهم الى التقاعد وذلك حتى لا يخسر المنتسب للداخلية من راتبه الكثير. أما الآن فلن ينفع قيام سعادة الوزير بترفيع أي ضابط. ان القانون الحالي، مع عدم عدالته، فهو أفضل بكثير من القانون الجديد بالنسبة لهذه المادة.

خامساً: راتب المتقاعد بما لا يتجاوز 50 ألف ريال: ففي الوقت الذي يقوم به المواطن بدفع الاشتراكات الشهرية لصندوق التقاعد بحسب راتبه مهما كان حجمه ولو كان مائة ألف ريال، على سبيل المثال، فكيف يسمح المشرع لنفسه أن يحدد راتب المتقاعد بما لا يتجاوز 50 ألف في حين لم يحدد نسبة الاشتراك بالصندوق؟ ان هذا هو الظلم المبين فمن العدالة والانصاف أن يحدد السقف بقيمة الاشتراكات وليس غيرها

ولقد نشرت جريدة الشرق تحقيقاً بتاريخ 23/3/2011 تفاعل المواطنين بمسودة المشروع. وتحدثوا بأن القانون الجديد هو لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين وتأمين حياة كريمة لهم. وقال آخرون ان القانون الجديد كان موفقا وعالج الكثير من السلبيات الموجودة في القانون الحالي، ومنح الموظفين العديد من الامتيازات. ولكني أرى، من وجهة نظري الخاصة، أن ما نشر حتى الآن من مشروع القانون الجديد للتقاعد والتأمينات الاجتماعية به ظلم عظيم يحاك ضد المواطنين واننا نخاف من أن ما خفي من القانون هو أعظم وسيجلب التعاسة للمواطنين.

وفي الختام نقول انه لمن المهم أن يخضع أي قانون، يمس مصلحة الناس، للمراجعة من أصحاب الاختصاص من المواطنين الغيورين على مصلحة البلاد والعباد وأن تنظم ندوة عامة لمناقشته قبل أن يصل لمرحلة التوقيع والاعتماد

والله من وراء القصد،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع