مستقبل القطريين بالجامعة

 

مستقبل القطريين بالجامعة

جلست أتساءل، بعد أن تم حل الخلاف بيني وبين الجامعة على كسور السنة، ما مستقبل القطريين في الجامعة الحكومية الوحيدة التي أنشئت وتم تفعيلها لمصلحة قطر والقطريين؟ وبدأت استعرض أسماء الهيئة التدريسية مع من بقي في الجامعة منهم ووجدت أن نسبتهم، في السنوات الأخيرة، قد انخفضت بشكل كبير جداً. وإذا استمرت هذه النسبة بنفس المعدل فإنه من المتوقع، وكما أكد لي أحد كبار المسئولين بالجامعة، أن يغادر، في خلال الخمس سنوات القادمة، آخر عضو هيئة تدريس قطري الجامعة، وستصبح الهيئة التدريسية بالجامعة، تبعاً لذلك، كلها من غير القطريين.

أما فيما يتعلق بالموظفين القطريين (ذكورا وإناثا) فحدث ولا حرج فكل سنة يتم استبعاد عدد لا يستهان به من القطريين (أول دفعة كانت أكثر من 300 موظف في حين أن آخر دفعة من الموظفين القطريين الذين تم تحويلهم من الجامعة إلى هيئة التقاعد تبلغ 67 موظفا) وطبعاً، وحتى تستمر الجامعة بأداء الأعمال، فإنه سيتم استبدالهم بغير قطريين. إن سياسة التقطير التي ينادي بها سمو الأمير المفدى وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله والنابعة من حبهما للقطريين وجنّدا لها عدة وزارات لتتابع هذا الأمر غير مطبقة في الجامعة. إن من مهمة الجهات المختلفة، ومنها الجامعة، الارتقاء بمستوى الموظف القطري، وهناك عدة طرق منها توفير الدورات التدريبية وإعطاء الحوافز للملتحقين وإذا لم تفلح هذه الطرق فيكون بالإجبار. والحل الأخير هو فصلهم من وظائفهم واستبدالهم بقطريين آخرين على قائمة الانتظار. أما تحويل القطريين للتقاعد واستبدالهم بغير القطريين فهو القضاء على الوجود القطري في الجهات المختلفة، ومنها الجامعة. والمشكلة أنه في بعض الأحيان يتم تعيين من لهم صلة قرابة بأعضاء أو موظفين من غير القطريين.

ونأتي أخيراً، وليس آخراً، للطلبة. فعندما تناول الدستور تعليم الشباب فهو قد خصص ثلاث مواد لهذا الموضوع وذلك لأهميته لحاضر ومستقبل البلاد. ففي المادة (22) ترعى الدولة النشء.. وتوفر له الظروف المناسبة لتنمية ملكاته في شتى المجالات. أما المادة (25): التعليم دعامة أساسية من دعائم تقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه، وتسعى لنشره وتعميمه. وفي المادة (49) التعليم حق لكل مواطن وتسعى الدولة لتحقيق إلزامية ومجانية التعليم العام. وأكد سمو الأمير المفدى على توجه الدستور في خطابه بتاريخ 16/3/2009 بحفل افتتاح واحة العلوم والتكنولوجيا في قطر حيث قال "إن الاستثمار في الإنسان القطري هو اختيارنا الراسخ الذي به تتشكل هوية مجتمعنا القائمة على الجمع بين قيم الأصالة واستحقاقات المعاصرة،.. ليكونوا كما نتوقع منهم شركاء فاعلين في تنمية وطنهم ومجتمعهم مساهمين في بناء عالم مزدهر آمن ومتطور". هذا هو توجه الدولة، دستوراً وقيادة، لتنمية الإنسان القطري. ولكن في الجامعة نجد أن شروط القبول، حسب رأيي واعتقادي، قد وضعت للحد من قبول القطريين في الجامعة ولو تم قبول الطلبة القطريين فإن وجود مثل هذا الشرط قد يعرض طلبتنا إلى الفصل أو تعليق قبولهم حتى حصولهم على التوفل. ولنسأل أنفسنا السؤال البريء: كم من الوزارات والمؤسسات الحكومية، التي تعمل فيها أعداد كبيرة من غير القطريين يستخدمون اللغة الإنجليزية في أعمالهم اليومية أو على الأقل كم هي النسبة المئوية بين استخدام اللغة الإنجليزية واللغة العربية في تلك الجهات؟ ونجد أن الجامعة، في نفس الوقت، قد ألغت كل القواعد المنظمة لحساب المعدل التراكمي التي كانت تمارس من قبل والتي تطبقها الآن الكثير من الجامعات الأمريكية والأوروبية. فالطالب مهما أوتي من فهم ومعرفة ومهما بذل من جهد وتفان فإنه لن يستطيع تحسين معدله التراكمي مما يعرضه للفصل من الجامعة بسبب ضعف المعدل. والنتيجة من ذلك كله أن نسبة عدد الطلبة القطريين إلى الإجمالي بدأت في الضمور بشكل كبير وربما، كما سيحدث لأعضاء الهيئة التدريسية والموظفين، سنجد في يوم من الأيام أن الطلبة القطريين يشكلون أقلية في الجامعة.

وبهذا فإننا سوف نجد الجامعة في وقت قصير جداً تعج بأعضاء هيئة تدريسية وموظفين وطلبة من غير المواطنين وهي في الأصل تم إنشاؤها والصرف عليها سنوياً بمئات الملايين لخدمة المجتمع القطري وأفراده في المقام الأول والأخير. ويجب ألا ننسى أن حجم السكان المواطنين صغير بالنسبة لمتطلبات الأعمال الحالية والمستقبلية.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع