الغلاء وحماية المستهلكين

 

الغلاء وحماية المستهلكين

لقد كتبنا مراراً عن الكثير من الأمور التي تضر المواطن والمقيم على أرض الخير والعطاء ولكن!! كما عودنا بعض المسؤولين، فإن الإجراءات التي تتخذ، إذا كانت ستتخذ، لحل المشكلة ـ أياً كان نوعها ـ تأخذ وقتاً طويلاً في الزمن، وتأخذ الكثير من أعصاب أفراد المجتمع الذين يئنون تحت وطأتها مع أن توجيهات سمو الأمير المفدى، التي أعلن عنها مراراً في كثير من خطبه ولقاءاته، بأن الحكومة سوف تستمر في اتخاذ الإجراءات الضرورية اللازمة للهبوط بمستوى الأسعار ورفع القوة الشرائية للدخل الفردي، وذلك بهدف دعم الاقتصاد المحلي. ولكن هناك وزارات وجهات حكومية وتجار لا يقدرون حالة المحتاجين، ونستطيع أن نقول: إن ما يحدث أيام المناسبات والأعياد المتنوعة من رفع الأسعار وعودتها إلى طبيعتها بعد تلك المناسبات لهو مؤشر يبين بوضوح تلاعب التجار في أسعار المواد الاستهلاكية، وسكوت الجهات الرسمية التي ائتمنها سمو الأمير المفدى لتوفير أقصى مستوى من الرفاهية للمجتمع القطري.. إن أفراد المجتمع القطري لا يزالون يئنون تحت وطأة انهيار الأسهم، وانكماش الإنفاق الحكومي، وما نتج عن ذلك من كوارث مالية واجتماعية، ويئن أفراد المجتمع القطري كذلك من جراء سياط البنوك التي تقتطع من رواتبهم الكثير والكثير، وللأسف فقد بدأ المجتمع القطري يختنق ويغص حتى بأنفاسه من جراء تلك الارتفاعات غير المبررة بل وغير المعقولة، الأمر الذي سيقود إلى أن الغني سيزداد غنىً وأن الفقير سيزداد فقراً. إن مجرد إعلان الفيفا عن نتيجة التصويت لكأس العالم لعام 2022 رفع الكثير من الأسعار، التي هي أصلاً مرتفعة، فكرتون الدجاج، على سبيل المثال لا الحصر، كان يباع بمبلغ 107 ريالات ارتفع في خلال 24 ساعة إلى 140 ريالاً.. إن رفع الأسعار، في هذه الأيام، أصبح حقاً مشروعاً لكل تاجر لأنهم وجدوا أن السكوت من جانب الجهات الرسمية هو علامة رضا ومباركة، وهذا ينطبق على جميع أنواع السلع والبضائع وليس الدجاج فقط، والدليل على ذلك وجود الاختلافات الكبيرة في أسعار السلعة الواحدة بين المجمعات والأسواق التجارية.. إن الجهة الرسمية المخولة بضبط الأسعار ـ من وجهة نظري الخاصة ـ لا تستطيع القيام بمهمتها لحماية المستهلك!! لأنها هي إحدى الجهات المسببة لزيادة أعباء المستهلكين برفعها لرسوم الخدمات المؤداة من قبلها مثل رسوم السجل التجاري والرخص التجارية والتأشير والشطب والإضافة في السجل التجاري.. إلخ، والتي قام رجال الأعمال بدورهم بتحميل تلك الزيادة على المستهلكين. وتشارك هذه الجهة الحكومية جهة أثرها أقوى لأنها هي التي تسببت، بقراراتها غير المدروسة، في ارتفاع القيمة الإيجارية للمحلات والمكاتب التجارية وسكن موظفي الشركات، وبدورهم قام رجال الأعمال بتحميل تلك الزيادة على المستهلكين الذين لا حامي لهم إلا الله، ومن ثم ولاة الأمر حفظهم الله. والعجب العجاب أن نفس الجهات الحكومية، التي أسهمت في رفع الأسعار هي التي تطالب رجال الأعمال بتخفيض قيمة أسعار السلع والبضائع.. إن حصول قطر على حقوق تنظيم كأس العالم لعام 2022 سوف يجر معه الكثير من المنافع والمآسي على المواطن والمقيم، وذلك إذا لم تقم الجهات الرسمية بدورها الصحيح في تعظيم منافع كأس العالم 2022 والحد من آثاره السلبية. فعلى سبيل المثال قام أحد المواطنين باستئجار سكن مناسب بمبلغ 500ر7 ريال شهرياً ولكن عقد الاستئجار الذي وقعه يشترط شرطاً عجيباً، نصه: أنه إذا نجحت قطر في الحصول على استضافة كأس العالم 2022 فإن القيمة الايجارية ترتفع لتصل 000ر15 ريال، ومع ذلك وقع المستأجر العقد على أساس أن قطر سوف تنافس دولاً لها باع طويل في مجال كأس العالم، وأن احتمالات فوز قطر بشرف الاستضافة ضعيف جداً.

وكما يعلم الجميع بأن زيادة الأسعار تؤدي إلى انخفاض معدل الادخار مما يقلل من إسهام الادخار في تنمية مشروعات الدولة الاقتصادية والاستثمارية، وفي نفس الوقت ستكون نتيجتها الحتمية هو تفاقم مشكلة الفقر، وهذه المشكلة ـ وللأسف ـ بدأت في الظهور لدى فئة من المواطنين، وإن تفاقم مشكلة الفقر سيؤدي إلى انخفاض مستويات المعيشة لغالبية المواطنين وعدم قدرة رب الأسرة على الالتزام بالأعباء المعيشية، مما يزيد من عمق الخلافات الأسرية الذي سيؤدي للطلاق، ومن ثم لتشتت أفراد الأسرة وما يصاحب ذلك من أمراض اجتماعية خطيرة. ولا ننسى أيضاً التأثير السلبي على حركة التجارة الداخلية مما سيؤدي بدوره إلى احتمال إغلاق الكثير من الشركات التجارية أبوابها لعدم وجود زبائن قادرة على الدفع، مما سينتج عن ذلك تدهور حقيقي للاقتصاد القطري.. إن الموقف يحتاج لوقفة حازمة من الجهات المسئولة وبالأخص من سمو أميرنا المفدى وولي عهده الأمين، حفظهما الله، لرفع الظلم عن الجميع ممن يعيش على هذه الأرض الطيبة. إنني لا أطالب برفع الظلم عن المجتمع ووضعه على التجار، ولكن أطالب بحل منصف للجميع من مبدأ "لا ضرر ولا ضرار".

وفي الختام فإننا نتوجه إلى جميع المسئولين بالقول: إننا لا نقصد التعرض أو التشهير بأي جهة أو مسئول، ولكن الغرض الأساسي من كتابة المقال هو ضمان تنعم المواطنين بخيرات بلادهم التي عمت دول العالم، ونوعاً ما نسيتهم بسبب عدم نقل بعض المسئولين، ـ سامحهم الله ـ الصورة الكاملة والصحيحة لولاة الأمر.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع