البطالة بين المواطنين

 

البطالة بين المواطنين

لقد كتبنا في السابق عدة مقالات عن المشاكل التي يعاني منها عدد كبير من المواطنين ومن أهم المشاكل التي تؤرق المواطنين هي البطالة والإحالة إلى التقاعد حتى قبل وصول أعمارهم الستين، وكيف أغلقت أمام المواطنين أبواب الجهات الرسمية وشبه الرسمية في حين أن غير القطري تتفتح لهم أبواب تلك الجهات ويمد لهم في سنوات خدمتهم لما بعد الستين كأن القطري مرض معدٍ لابد أن يتخلص منه الجميع. وكانت كل كتاباتنا موجهة للمسؤول القطري لعل قلبه يرق ويتبنى مجموعة من القطريين ليلحقهم بمختلف الأعمال في الجهة التي يشرف عليها. ولكن ومع كل ذلك وجدنا أن الكثير من أولئك المسؤولين لا توجد عندهم الغيرة على الوطن أو أهل الوطن.

إننا لا نزال نسمع ونشاهد مشاكل المواطنين في برنامج "وطني الحبيب.. صباح الخير" وفي برنامج "الديرة" ونلاحظ ما يحدث في معارض قطر المهنية ونعرف أن الكثير من المواطنين لا يزال يعاني من البطالة بكل أنواعها وعندما يسمع أي مواطن أن هناك فرصة ولو ضئيلة للتعيين في أية جهة فإنه يسارع للتقدم لها ويحاول أن يوسط أحد معارفه لدى تلك الجهة على أمل أن يتم تعيينه بها (آخر تلك الفرص إعلان أحد البنوك عن 300 فرصة عمل) ولكن كل محاولات المواطن تذهب أدراج الرياح حيث إن شرف الحصول على تلك الوظيفة يذهب إلى أصحاب العيون الملونة الذين لديهم "إمكانيات" غير موجودة لدى المواطنين.

إن المواطنين، كما نعرفه ونشاهده، يعانون من البطالة وحتى الموظفون منهم يعانون، في ظل التضخم الكبير وغلاء المعيشة، من تدنٍ في مستوى أجورهم ورواتبهم والنتيجة من ذلك بأن الفقر اللعين، الذي قُرٍنَ بالكفر، بدأ يدق على أبواب المواطنين الصالحين مما أدى إلى وصول أعداد منهم إلى السجن (انظر إعلانات المحاكم في الجرائد) أو نجد عزوف الكثير من المواطنين عن الزواج أو إننا نجد أن المشاكل المالية قد أوصلت الزوجين لطريق الطلاق مما جر معه الكثير من الآلام والمآسي في الأسر والمجتمع (قارن بين نسبة الطلاق في السابق ونسبتها في الوقت الراهن). وتعد البطالة ظاهرة اجتماعية واقتصادية ذات جوانب سلبية خطيرة، خاصة أن علاقتها بالجريمة علاقة ديناميكية وبالتالي تصبح البطالة سبباً في حدوث الجريمة ومن ابرز النتائج أن أكثر أسباب ارتكاب الجريمة عند العاطلين عن العمل هي الحاجة للمال يليها الفراغ. إن انتشار البطالة بين المواطنين قد يؤدي إلى تزايد انخراط المواطنين في الجريمة والانحراف والاعتداء والسطو على الأموال والسرقة والنصب والتزوير والتهريب، الأمر الذي يمثل معه عبئاً على أجهزة الأمن القطري للتصدي لمثل هذه الأعمال، وما يستلزم ذلك من زيادة نفقات الأمن الداخلي للحفاظ على الأوضاع في الداخل.

إننا نعترف أن عدد المواطنين القطريين قليل ولا يمكن أن تغطي أعدادهم كافة متطلبات العمل وبالتالي فإن الحاجة إلى الخبرات الوافدة أمر لا مفر منه في المستقبل القريب والبعيد ولكن يجب أن توجه الموارد لصالح المواطن في المقام الأول والأخير. إن عدم إلحاق المواطن بالعمل هو الحكم بالإعدام على كل شاب أو شابة من أهل البلد. إن الدستور القطري واضح في مواده التي تدعم تكافؤ الفرص أمام المواطنين فقد نصت المادة (19) على أن تصون الدولة دعامات المجتمع، وتكفل الأمن والاستقرار، وتكافؤ الفرص للمواطنين. وللتأكيد على هذا الأمر الدستوري فقد أورد قانون الموارد البشرية في المادة (14) النص التالي:

يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف:

1 - أن يكون قطري الجنسية، فإن لم يوجد فتكون الأولوية لأبناء القطرية المتزوجة من غير قطري، ثم الزوج غير القطري المتزوج من قطرية أو قطري، ثم لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم مواطني الدول العربية، ثم الجنسيات الأخرى.

إن هذا النص واضح وضوح الشمس في كبد النهار ومع ذلك نجد أن بعض المسؤولين القطريين يعطي الأولوية في التعيين للجنسيات الأخرى والسبب يكمن في أن المادة (76) من نفس القانون تنص على أنه لا يجوز ترقية الموظف إلا إلى وظيفة شاغرة في الدرجة التالية لدرجته مباشرة. فعليه فإن وجود قطري في سلم الدرجات قد يحرم البعض الآخر، كما يراه غير الواثق، من فرص الترقي. ويجب ألا ننسى أنه عندما يتقدم القطري لأية وظيفة فإنه يطلب منه تحقيق شرطين: أولهما خبرة لا تقل عن خمس سنوات وثانيهما اجتياز المقابلة الشخصية وفي كليهما رفض حتمي لغير المفصلة له الوظيفة مسبقاً. ولهذا فإننا نجد أن المواد والشروط الوظيفية قد قلبت الموازين وأصبحت هناك تفسيرات شتى للقوانين تؤدي لعدم تعيين القطري في بلاده.

إن دولة قطر محسودة بالتفاف الشعب حول الأمير وقيامه بطاعته والاستجابة لقراراته لعلمهم أن القيادة تعمل لصالح البلاد والعباد ولهذا فإن بقاء مجموعة كبيرة من المواطنين العاطلين قد يحدث خرقاً لهذا الوئام والتناسق بين أفراد المجتمع وقيادته.

أما السؤال البرئ فهو إنني كقطري أريد أن يقول لي أي مسؤول في الحكومة القطرية أين تكمن المشكلة في تعيين 000ر25 مواطن (عاطل ومتقاعد) في مجتمع يصل عدد الموظفين غير المواطنين (وليس العمال) لأكثر من 000ر350 موظف وموظفة؟؟ هل من مجيب؟؟

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع