القطريون والأنانية القاتلة

 

القطريون والأنانية القاتلة

يوم الجمعة 7 / 1 / 2011 كنت أتابع، من المنزل، حفل افتتاح الألعاب الآسيوية وكنت سعيداً جداً بنجاح هذا الحفل، وكنت أسعد بتفاعل سمو الأمير المفدى مع برامج هذا الحفل، ولكنني فوجئت كما فوجئ غيري من الكثيرين بالأداء المتواضع لفريقنا العنابي الذي كانت نتيجته خسارة مستحقة أمام الفريق الأوزبكستاني. وجلست استعرض ما قدمه هذا الفريق الدولي، الدولي في أصول جنسيات لاعبيه وليس في أدائه وممارسته لكرة القدم، وبعد تحليل الأداء الفاشل بمعنى الكلمة لمنتخبنا القطري (وطبعاً أخوكم كان يلعب دفاع أيام الملاعب الترابية والعناصيص (الحجارة)) تبادر في ذهني سؤال بريء جداً وهو: لماذا نحن ـ القطريين ـ أنانيون؟

إننا فعلاً كقطريين أنانيون وبشكل لا يوجد له مثيل في العالم، لقيامنا بحرمان الدول الأخرى من الكفاءات عالية المستوى. ولم نعد نكتفي بهذا فلقد قمنا بتجريد البعض منهم من جنسيته الأصلية ومنحناه الجنسية القطرية، ووصل بنا الأمر إلى أننا قمنا بتغيير أسماء بعضهم إلى اسم يناسب أن نسمعه. كل ذلك قمنا به من داعي الأنانية المطلقة ضد الدول الأخرى وإنجازاتها، فهذا المدرب الخطير يتسلم راتبا شهريا أكثر مما تسلمه المدرب القطري طيلة سنوات لعبه لكرة القدم كلاعب، ومن ثم قيامه بتدريب المنتخب. أما اللاعب الفلاني فلتة زمانه فإنه يتقاضى راتباً شهرياً يعادل ما يتقاضاه مواطن في عشرة أعوام أو أكثر. وذلك ذو العقل الاستثماري المبدع الذي لم ينجب العالم له مثيل!! يتقاضى راتباً خرافياً لم يحلم به طيلة عمره، والمشكلة أنه لم يكن يكتفي بهذا الراتب الخرافي فقام بإلحاق زوجته للعمل عنده كسكرتيرة براتب شهري يعادل أكثر من ضعف راتب سعادة الوزير القطري. وآخر ذو عقل ابتكاري في الإدارة يتنقل في بعض الأوقات من منزله إلى عمله بالهليوكبتر والأمثلة على ذلك كثيرة وعديدة.. إننا كمواطنين لا نرى أي مشكلة في دفع هذه الرواتب الخيالية والامتيازات العالية بل نشجع عليها، ولكن بشرط أن يحرز أصحاب تلك الرواتب إنجازات تليق باسم دولة قطر واسم راعيها حفظه الله. فلنسأل أنفسنا، على سبيل المثال، ماذا أنجز أحد اللاعبين الذين يصل راتبه الشهري إلى أكثر من مليون ريال للمنتخب القطري، فالذي أعرفه أنه منذ التحاقه بالمنتخب لم يسجل هدفاً واحداً سوى في المباريات الودية التي لا تحسب في المنافسات الدولية.. إن قطر بقيادتها وحكومتها وشعبها في ألف خير.. وهم قادرون على إحراز الإنجازات الباهرة. فعندما كان المواطنون يشكلون الجزء الكبير من المنتخب الوطني كان المنتخب يحرز البطولات العالمية بفخر وجدارة وبأقل التكاليف. وما حدث في مجال الرياضة نجده متكرراً في المجالات الأخرى. فعندما كانت جامعة قطر، على سبيل المثال، تدار من قبل العمداء ورؤساء الأقسام القطريين كانت السمعة العالمية للكليات والأقسام العلمية كبيرة جداً ومدعاة للفخر. وفي نفس الوقت عندما كانت مؤسسة حمد الطبية تدار من قبل المواطنين القطريين كنا نجد مواطني الدول الأخرى يأتون لقطر لتلقي العلاج للمستوى الراقي في التخصصات الطبية والمعاملة الإنسانية.. إن الوضع الحالي من تهميش حقيقي لدور الكثير من المواطنين أصحاب التخصصات الذين عاصروا نمو البلاد ومن قبلهم آباؤهم وأجدادهم لهو أمر خطير يهدم المكتسبات الحضارية والاقتصادية والسياسية لدولة قطر. ومن الضروري ألا ننسى دور الوافدين الأوائل الذين عاشوا وعايشوا مع القطريين الظروف المختلفة التي مرت عليها دولة قطر في سعيها للنمو والتنمية. إن قيام الدولة بالتحول الكامل للاعتماد على الوافدين الجدد الذين عرفوا قطر فقط في وقت الرخاء، وقامت الدولة بتمييزهم بالرواتب الخيالية والمكانة العالية جعل دولة قطر تتخلف عن الركب الحضاري والحقيقي للتنمية، مما جعل من بعض الدول التي كانت تطمح أن تكون في يوم من الأيام في مستوى التقدم الذي أحرزته قطر، تتقدم وتتجاوز مراحل التنمية القطرية لدرجة وصلت أننا نتمنى في الوقت الحاضر أن نصل إلى مستوياتهم في الرقي المادي والبشري.

إن الرياضة والجامعة ومؤسسة حمد والكثير غيرها قد فقدت الكثير من الكفاءات المواطنة بسبب هذا التمييز، فكيف تريد هذه الجهات أن يعمل المواطن أو أن يمارس أي لعبة أو حرفة وهو يجد غير المواطن الذي يمارس نفس العمل أو الحرفة يميز عنه بالراتب العالي وبالتقدير من الجهات المسؤولة.. والمشكلة الأكبر من ذلك أن المواطن يحاسب على أتفه الأسباب بينما غير المواطن كلما أخطأ فإنه يتسلم رسالة تقدير وربما يرقى إلى منصب أكبر بامتيازات أعلى كأن الخطأ لا يصدر منه أبداً.. إنني أرى، وهذه وجهة نظري الخاصة، أن خير هؤلاء الوافدين الجدد الذين تميزوا بالمنافع الخرافية من دولة قطر لتخصصاتهم (الخطيرة والنادرة!!) يجب أن يعودوا لبلادهم التي هي في أمس الحاجة لهم. فبلدان ذوي العقول الاستثمارية المبدعة لا تزال تعاني من آثار الأزمة المالية والاقتصادية، وهي في حاجة ماسة للعقل المدبر والخطير لانتشالها من الوضع الاقتصادي المتردي. وبلدان اللاعبين (الفلتة) لم تستطع إحراز بطولات منذ أن غادروها، وبالتالي هي في حاجة لفنهم الراقي والمتميز ليحرزوا الميداليات والبطولات. وبلد السكرتيرة عالية التخصص يعاني من تكدس الملفات والأوراق التي تحتاج إلى تنظيم.

إنني أطالب المسؤولين والشعب القطري بترك الأنانية على جنب، ويجب أن نتعايش مع العالم بحب وسلام ولا نتدخل بشؤونهم الداخلية ولا أن نجبر أبنائهم على الهجرة ونطمس شخصياتهم!! ولنعتمد على الخيرين من شبابنا وشاباتنا الذين في يوم من الأيام، وبدون أدنى شك، سيوصلوننا إلى الأهداف المرسومة

والله من وراء القصد،،


Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع