قروض الإسكان .. حكومية أم تجارية

 

قروض الإسكان .. حكومية أم تجارية

نشرت بتاريخ 28/11/2010

في البداية فإننا نرغب أن نناقش قانون إمارة أبوظبي رقم (9) لسنة 2008 بإعادة تنظيم قروض المساكن الخاصة ففي المادة (11) نص بأن يكون القرض الممنوح للمواطن بموجب أحكام هذا القانون بلا فوائد ودون أية إضافة أخرى تحت أي مسمى. وبما أن أبوظبي وشعبها يدينون بالإسلام فقد أتت هذه المادة لتبعد الإمارة والمواطنين من شبهة التعامل الربوي التي حرمها رب العالمين. أما المادة (17) فقد نصت على أن يكون الحد الأقصى المسموح به للاقتراض مبلغ مليوني درهم، والحد الأدنى خمسمائة ألف درهم، تسدد خلال ثلاثين عاماً. وهذه المادة تركت الخيار للمواطن ليقترض ما يناسبه ويناسب دخله الشهري ليبني مسكنه الخاص به مع علمه الكامل أن المبلغ المقترض يجب تسديده خلال 30 عاماً. ولم يكتفي هذا القانون بتحديد قيمة القرض بل وأضاف في المادة (20) يعفى المقترض بنسبة (25 %) من قيمة القرض الممنوح له، عند اكتمال تشييد المسكن وتزويده بالماء والكهرباء. فإذا المواطن اقترض، على سبيل المثال، الحد الأعلى وهو مليونين درهم فإنه يعفي من 500 ألف درهم قبل البدء في السداد. وتستمر المادة (20) في تقدير المواطن بذكر أنواع الخصومات الأخرى للراغبين في تعجيل السداد فتذكر أن المواطن المقترض يمنح عند قيامه بتعجيل سداد القرض، الإعفاء لمرة واحدة وفقاً للنسب والحالات الآتية:

·        خصم 15 % لمن يسدد نسبة 20% إلى أقل من 35%.

·        خصم 20 % لمن يسدد نسبة 35% إلى أقل من 50%.

·        خصم 25 % لمن يسدد نسبة 50% أو أكثر.

 

والمعروف أن قروض الإسكان في قطر يحكمها قانون رقم (1) لسنة 1964 ، والمرسوم رقم (7) لسنة 1977 وينص على منح قرض سكني لكبار الموظفين قدره 612 ألف ريال في حين يحصل الموظفين الصغار على قرض قيمته 315 ألف ريال. وبالطبع عندما صدر هذا القانون كانت أسعار مواد البناء في ذلك الوقت معقولة ولا يحتاج المستفيد من القرض إلا لمبلغ متواضع يضيفه إلى قيمة القرض الحكومي حتى يستطيع بناء مسكن يليق به وبمكانته الاجتماعية. واستمرت الأمور تسير بوتيرة منضبطة ومرضية حتى بدأت مؤخرا الموجات المتتالية للتضخم، الأمر الذي أدى إلى ظهور موجة غلاء حادة لم يشهدها السوق القطري من قبل ومعها ارتفعت أسعار مواد البناء بشكل غير مسبوق. ومع الصعود السريع في الأسعار عجزت قروض الإسكان "القديمة" عن تحقيق حلم الآلاف من المواطنين القطريين في الحصول على مسكن مناسب وبدأت الأصوات تتعالى مطالبة بزيادة قروض الإسكان.  عندها صدر قانون الإسكان رقم (2) لسنة 2007م والذي حدد في الفقرة (2) من المادة (2) على منح قرض إسكان مقداره 600 ألف ريال للمواطنين الذين تسمح مواردهم المالية بتسديد قيمة القرض، مع تحصيل مصاريف إدارية مقدارها 1 % سنوياً. وفي المادة (14) أجاز القانون الإعفـاء بحوالي 25 % من قيمة القرض عند سداد الأقساط بانتظام. وفي 26 مارس 2008 وبتوجيه من سمو الأمير المفدى أصدر مجلس الوزراء قراره بمضاعفة قيمة قرض الإسكان الممنوحة للمواطنين من 600 ألف ريال إلى 1.2 مليون ريال. وبهذا أصبح قرض الإسكان لكل مواطن قرضين احدهما أساسي وقدره 600 ألف ريال برسوم إدارية 1 % والثاني إضافي بواقع 600 ألف ريال أخرى. ولم يفرق هذا القانون بين الموظفين حسب درجاتهم الوظيفية. وتم تكليف بنك قطر للتنمية لإدارة هذه القروض. ومع أن البنك مملوك بالكامل لدولة قطر، إلا إن القائمين على إدارته قد قاموا بتحويله ليصبح أكثر من بنك تجاري. وعليه وقبل أن يفرح المواطنين بقرار مجلس الوزراء الموقر فرض البنك ما نسبته 3 % على تلك الزيادة كأن أميرنا المفدى أو حكومته الرشيدة تهمهم هذه النسبة الربوية المفروضة على قروض المواطنين (الحمد لله أن البنك لم يدخل في تمويل تعمير قرى الجنوب اللبناني فلو دخل فربما انقلبت فرحة اللبنانيين بعطية سمو الأمير المجانية لهم إلى حزن). وهذه النسبة أثارت لغطاً كبيراً بين المواطنين فقد ذكر الدكتور علي السالوس إن أي قرض يتم سداده مع زيادة قليلة أو كثيرة يعتبر من الربا المحرم والإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة والاقتراض بالربا محرم فمعناه إن القارض والمقترض دخلوا في شبهة الربا المحرم بل وكما حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله "لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء" وهذا يجر الكل في هذا التحريم. وللخروج من هذا المأزق الديني فقد عقد رئيس مجلس إدارة بنك قطر للتنمية مؤتمرا صحفيا أكد فيه أن تنفيذ القرضين سوف يتم بطريقة التمويل الإسلامي حيث يصبح القرض الأول عقد وكالة بالأجر والثاني عقد إستصناع. ومن المعروف أن البنك لا يحقق نسبة الفائدة المذكورة فقط بل يقوم بتأخير صرف القروض لأصحابها حتى يتمكن من تشغيلها ليضاعف ربحيته من هذه الأموال ولذلك فإنه ليس من المستغرب وجود عدداً كبيراً من المستفيدين المواطنين يرفعون أصواتهم بالشكوى المريرة بسبب تأخر صرف دفعات القرض (انظر جريدة الشرق بتاريخ 26/1/2009) مما ترتب على ذلك تأخر في عملية البناء فضلا عن الأعباء التي يتحملها المستفيد نتيجة التغير في أسعار مواد البناء بين يوم وآخر.

 

وبعد هذه المعطيات هل نستطيع أن نقول قروض الإسكان التي وفرتها الحكومة هي لمنفعة مواطنيها في العيش الكريم أم هي تجارية أوجدتها الحكومة لتربح من مواطنيها وهذا، من وجهة نظري، أمر مستبعد أم هي قروض حسنة من الحكومة قامت جهات أخرى لتحويلها إلى أرباح مضاعفة (من نسبة الفائدة ومن تشغيل تلك الأموال). هذا والعلم عند الله

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع