معقول .. الترقيات كل ثلاث سنوات

 

معقول .. الترقيات كل ثلاث سنوات

نشرت بتاريخ 2/11/2010

ذكر أحد المسئولين ممن أقدرهم واحترمهم، على صفحات جريدة الشرق بتاريخ  24/10/2010، بأن الترقيات، في السابق، كانت تعتمد على مجموعة من اللوائح، وبناء على هذه اللوائح كان يتم إجراء عمليات الترقيات، وجاء قانون الموارد البشرية لينظم الترقيات والعلاوات. ومن وجهة نظر محايدة، حيث أن القانون المعني لا يطبق على هيئة التدريس الجامعي، أرى أن الترقيات والحصول عليها في السابق كانت أرحم للموظف من نظام الترقيات الحالي والسبب في ذلك يعود إلى أن الترقية سابقاً قد ربطت بالبعد الزمني بغض النظر عن رأي المسئول في الموظف. أما نظام الترقيات الحالي، والتي ذكر أنها كل ثلاث سنوات، فقد ربطت بثلاث عوامل مباشرة وعاملين استثنائيين. فالعوامل المباشرة هي:

1.    يشترط في الترقية بالأقدمية ألا يقل مستوى تقييم أداء الموظف عن السنتين الأخيرتين عن جيد جداً (مادة 77)

ولقد حددت الجهات المسئولة لمن يحصل على درجات ممتاز وجيد جداً بواقع لا يتجاوز 10 % من مجموع الموظفين. وفي هذا ظلم واضح يقع على الموظفين الجادين. فلو كان في جهة من الجهات 100 موظف جاد ومتفانين في عملهم وكان عدد الموظفين الإجمالي في تلك الجهة 300 موظف فعليه فلن يحصل سوى 30 موظف منهم على تقدير يتراوح بين ممتاز وجيد جداً في حين أن 70 الآخرين سوف يقع عليهم الظلم

2.    ولا يجوز ترقية الموظف إلا إلى وظيفة شاغرة في الدرجة التالية لدرجته مباشرة (مادة 76)

وهذا الجزء يعطل إجراءات الترقية ويصيب الموظفين بالإحباط ويخلق العداوة بين الموظفين داخل القسم أو الإدارة فالكل يعمل ضد الكل لأن تنحية الموظف الأعلى هدف أساسي للحصول على الترقية

3.    موافقة الإدارة العامة على قرار الترقية (مادة 76)

وهذا الأمر قد يكون إيجابياً لقيام الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالنظر في موضوع الترقية كجهة محايدة أو قد يكون سلبياً في منع ترقية الموظف بخلاف ما تراه جهة عمله

 

والقانون قد وضع استثناءات للترقية

1.    يجوز رفع الوظيفة إلى الدرجة الأعلى مباشرة وترقية الموظف إليها بشرط توافر الاعتماد المالي اللازم لها، ومراعاة قواعد وصف وتصنيف وترتيب الوظائف (مادة 76)

إن توافر شرط الاعتماد المالي هو أمر لا غبار عليه ولكن عندما أضاف القانون ما سماه قواعد وصف وتصنيف وترتيب الوظائف فهو حكماً قد ألغى جواز الرفع لأن الذي يتحكم في الوضع هو الهيكل التنظيمي للجهة التي يعمل فيها الموظف. فالهيكل هو الذي يحدد نوع الوظيفة وعدد أفرادها ودرجتها المالية ومؤهلات شاغلها

2.    يجوز بقرار من الرئيس ترقيه الموظف المتميز ترقية استثنائية إلى الدرجة الأعلى مباشرة دون التقيد بشرط المدة البينية أو المؤهل ، بشرط أن يكون تقييم أداء الموظف بمستوى ممتاز عن آخر تقريرين لتقييم أدائه (مادة 78)

ومهما يكون تقدير الموظف فإن الجواز هنا يخضع لموافقة الرئيس وقراره.

 

مما لاحظنا من تحليل شروط الترقية فإنها في المقام الأول والأخير تخضع لحكم المسئولين فتقييم الأداء حكم الرئيس على المرؤوس والموافقات لرفع تقرير الترقيات من عدمها يخضع للمسئول وعليه فإذا رغب الشخص بالحصول على الترقية فإنه ولا بد أن يتملق مسئوله ويجب عليه أن لا يشغل مخه بل ينفذ، ولو خطأ، ما يقوله المسئول. وفي نفس الوقت لا بد وأن يقوم بالكيد وتصيد الأخطاء على من يشغل المنصب الذي يسعى له الموظف لأن فرص ترقيته مع وجود هذا الشخص على وظيفته تكاد معدومة

 

وخلاصة القول نرى بأن الذي يطمح بالحصول على الترقية في ظل قانون الموارد البشرية سوف يقضي، ليس ثلاث سنوات بل، حياته كلها في الانتظار بدون الحصول على الترقية المأمولة إلا إذا أتبع الطرق التي تحط من شأنه عن طريق التودد لمرؤوسيه ومسئوليه والكيد لإخوانه بغض النظر عن أدائه الوظيفي

 

أما النظام القديم في الترقيات فإن الموظف لا يحتاج إلى التودد للمسئول ودس الدسائس على أصدقائه في العمل لأن الترقية آتية لا ريب فيها والذي يحكم هذا الأمر ليس المسئول بل جهة محايدة كانت تتمثل بوزارة الخدمة المدنية والإسكان. والعيب الوحيد في النظام القديم هو أن الذي يعمل والذي لا يعمل يتساوون في الأحقية بالترقية

 

ومن النقاط التي استرعت انتباهي هي أن سعادة المسئول في نفس اللقاء لم يفرق بين الإحالة إلى التقاعد والفصل التعسفي. ففي الفصل التعسفي، وكما ذكر، فإنه يحق للمفصول التقدم بجميع أوراقه ومستنداته للقضاء الذي سينصفه. أما في حالة الإحالة إلى التقاعد فإن الجهة التي كان يعمل بها الموظف تقوم بدفع الفرق بين المدة والعمر القانوني لصندوق التقاعد. وقرار الإحالة إلى التقاعد نقول عنه أن ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب فظاهرياً أن جميع حقوق الموظف قد استلمها بالكامل أما باطنياً فإن الموظف، بمجرد أن يتم تحويله لصندوق التقاعد، يخسر من راتبه الشيء الكثير. والمشكلة أن قرار الإحالة لا يخضع لشروط فقد تكون الإحالة لأي سبب مثل أن المسئول لم يعجبه شكل هذا الموظف أو أن الموظف مر على المسئول بدون أن يسلم عليه.. والسؤال الذي يطرح نفسه أي جهة تستطيع أن تنصف المئات من المواطنين الذين أحيلوا للتقاعد وهم في ريعان شبابهم ولا يعرفون، حتى يومنا الحاضر، سبب تلك الإحالة ؟

 

ولنا وقفات أخرى حول بقية تصريح سعادة المسئول

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع