من يحمي القطري من القطري

 

من يحمي القطري من القطري

نشرت بتاريخ 3/10/2010

دخلت على أحد المسئولين الذي أبدى سعادة منقطعة النظير لأنه اكتشف بأن المدعو الدكتور محمد الكبيسي سيصل عمره في بداية الفصل القادم التاسعة والخمسين وشهر واحد وبجبر الشهر الواحد للأعلى فهذا يعني بلوغه السن القانونية للتقاعد. ما شاء الله على أسلوب محبة القطريين للقطريين. فذكرت لهذا المسئول بأني موافق على طريقة حسابكم التي تجعل من الشهر يعادل السنة (معادلة غريبة ولكن ليست بمستغربة) وبما أن سياسة جبر العدد هو من مطالب الجامعة الذي ترغب بتطبيقه، ومن مبدأ حبي للطلبة القطريين، فإنني أوافق على إنهاء خدماتي بالجامعة وتحويلي لهيئة التقاعد والمعاشات بشرط أن تقوم الجامعة بجبر الكسر لقبول الطلبة القطريين الحاصلين على درجات الثانوية بنسبة من 74.10% إلى 74.99% لتصبح 75% (أقل من واحد بالمائة مقابل 335 يوماً) وذلك لغرض تمكين الطالب القطري بالتسجيل بالجامعة. طبعاً المسئول السعيد جداً رفض هذا الطلب الذي يأتي في الأساس لمصلحة قطر والقطريين بشكل عام وليس لمصلحة شخصية وبدوري رفضت عرضهم بالتقاعد، الذي كنت أتمناه، بدون أن أسجل موقف معارض على قرار الجامعة الذي يحسب الشهر كأنه سنة. وفي نفس الوقت أسجل موقف معارض عن كل مواطن تعرض لهذا الموقف أو ما يشابهه من مواقف أخرى

 

إن الجامعة، وكما اعتقد وأرى، وهذا رأيي الشخصي، قد طورت أسلوب عمل يختلف عما كان عليه النهج في السابق. ففي السابق ومن أيام المغفور له إنشاء الله الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم كاظم مروراً بالأستاذ الدكتور عبدالله بن جمعة الكبيسي والأستاذ الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي والدكتور عبدالله بن صالح الخليفي كان نهجهم هو السعي للاحتفاظ بالقطريين سواء من الطلبة أو من أعضاء الهيئة التدريسية. أما الآن ومع هذا الشكل من محبة القطريين للقطريين نرى فصل الطلبة القطريين كأنه هدف لابد من السعي له حتى ولو قام هذا الطالب بتحسين معدله التراكمي. أما من ناحية أعضاء الهيئة التدريسية القطريين فقد خلت الجامعة، كما أرى، من المواطنين سواء من الذكور أو الإناث لدرجة أن وصل الحال بالجامعة أن تعادل الشهر كأنه سنة فقط ليتخلصوا ممن بقي من القطريين، الذين كما يقول العديد من مسئولي القطاع الحكومي سبباً للتخلف الذي تشهده دولة قطر في جميع الميادين.

 

والمشكلة التي لا أجد تفسيراً منطقياً لها أن هناك جهات حكومية عديدة ومنهم جامعة قطر لا تزال تحتفظ في أروقتها بموظفين من غير القطريين بلغت أعمارهم ليس الستين عاماً بل إنهم قد تجاوزوا السبعين عاماً ومع ذلك لم يطبق عليهم السن القانوني للتقاعد بل نجد أن هذه الجهات ترفع الكتب للجهات العليا للحصول على موافقتها لاستثناء غير القطريين للاستمرار في العمل وفي الوقت نفسه مخاطبة الجهات العليا لإحالة الموظفين القطريين للبند المركزي (آخر دفعة من الموظفين القطريين الذين تم تحويلهم من الجامعة تبلغ 67 موظف وموظفة وطبعاً سيتم استبدالهم بغير قطريين)

 

إن المادة (6) من قانون التقاعد والمعاشات القطري والذي أصدره سمو نائب الأمير حفظه الله واضحة فقد حددت بأن الذي يُستحق المعاش هو من بلغ السن المقررة لانتهاء الخدمة في حين أن قانون إدارة الموارد البشرية، والذي أصدره أيضاً سمو نائب الأمير حفظه الله، قد حدد في المادة (159) بأن الموظف تنتهي خدمته عند بلوغ سن الستين وليس التسعة والخمسين وشهراً واحداً. أما المادة (160) فقد ذكرت بأنه يجوز مد خدمة الموظف بموافقته بعد بلوغه سن الستين لاعتبارات تتعلق بالصالح العام. ويصدر قرار المد من السلطة المختصة بالتعيين، ويكون المد من سنة لأخرى، وبحد أقصى خمس سنوات. ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء مد الخدمة بعد سن الخامسة والستين، ويكون المد من سنة إلى أخرى وفقاً لمقتضيات الضرورة. والقانونين في موادهما واضحين وصريحين فهما قد ذكرا عند بلوغ الستين عاماً والبلوغ في علم اللغة هو الوصول فعندما نقول، على سبيل المثال، بأننا بلغنا قمة الجبل فهو يعني وصلنا إلى قمة الجبل وليس قبل القمة ومن المستحيل أن نقول بأن الطفل المولود حديثاً ذو اليوم الواحد بأنه بلغ السنة الأولى من عمره. ولكن ربما، وهذا شيء لا أعرفه، أن الحسابات المتعارف بها في الجامعة تختلف عن تلك التي يعرفها العالم بأجمعه

 

والسؤال هل من الصالح العام تقعيد المواطن الذي لم يبلغ السن القانوني، كما حددته القوانين، واستبداله بغير قطري فقط لأنه يلبس اللباس الغربي؟ وهل من صالح الدولة أن نزيد من العمالة الوافدة لنخلق زيادة في النفقات العامة التي تأكل جزء ليس بالبسيط من ميزانية الدولة السنوية؟

 

والحمد لله كنا ولا نزال وسنستمر بممارسة مهنتنا بجدية وبحرفنة كبيرة جداً ومع المهام العديدة التي نمارسها وخدمات المجتمع التي نؤديها والاستشارات المجانية للجهات المسئولة التي نقدمها حباً في الله بهدف رفع أداء المجتمع لنراه، قولاً وفعلاً، فوق في العالي، لم يهبط معدل الأداء الوظيفي، منذ تطبيقه، عن مستوى "فوق المتوقع". والسبب في ذلك راجع إلى أننا، والحمد لله، من الجيل الذين تشرب حب قطر والتفاني في العمل لصالحها ولصالح المجتمع القطري ككل. ولهذا نجد أن هناك أكبر من الرابط السياسي والقانوني بيننا وبين بلادنا الحبيبة ولسنا من أولئك الذين يدعون بأنهم قطريين وهم في الحقيقة تائهون في أنفسهم لا يعرفون هل لديهم انتماء للوطن أم لا. إن الثروة الحقيقية لكل وطن، كما يعرفه جميع الذين لديهم حس بالوطنية، هم المواطنون. ولكن، كما نفهمه، فإن أغلى ما يمتلك الوطن هو المواطن الصالح والمخلص الذي يجعل من انتمائه للوطن وعلاقاته الطيبة مع أبناء وطنه هو الطريق المستقيم والسوي الذي يسير به نحو التقدم وعلى هذا الطريق يبني جسوراً قوية ليدخل منها إلى عصور الازدهار والنمو. إن المواطنة الحقيقية تقتضي أن يلتزم كل فرد بواجباته أما من يحاول أن يهدم الوطن أو يفك ترابط أفراده فانه لا يستحق أن يطلق عليه مواطن. إن المواطنة يا سادة يا كرام هي الالتزام بالقوانين وتطبيقها. فكيف تطلب مني الجهات المسئولة أن أكون مواطناً وأعَلِّم المواطنة لأبنائي وأحفادي، ولا تُعَّرِف لي هذه الجهات المسئولة معنى المواطنة. هل أنا مواطن وافتقد إلى العدالة وتضيع حقوقي في أروقة بعض الجهات الحكومية وأعرف، في داخلي، أن حقوقي منزوعة ومسلوبة.

 

إنني لا ألوم من أصدر القوانين لأن من أصدرها إما أن يكون سمو الأمير المفدى أو سمو نائب الأمير وولي العهد الأمين وهما قد أصدرا تلك القوانين وحب الوطن راسخ في قلبيهما وهدفهما هو تنظيم العلاقة بين الوطن من جهة وجميع من يسكن على هذه الأرض الطيبة من مواطنين ومقيمين من جهة أخرى. ولكن اللوم الكبير يقع على من يقوم بتفسير مواد تلك القوانين الواضحة والجلية وفقاً لرغباته أو رغبات بعض الجهات بغض النظر عن الآثار السلبية التي قد تنشأ أو تترتب من جراء التفسير الخاطئ المتعمد لها. فيا مفسري القوانين فإننا نقول لكم كما قال الله تعالى ".. وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ {119} وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ {120}" الأنعام

 

وعلى فكرة فإن هذا المسئول السعيد جداً بإحالتي إلى التقاعد هو أحد أصدقائي وأنا شخصياً لا ألومه لهذا الموقف السعيد جداً فربما تكون توجهاتي ووقوفي ضد كل ما يسيء للطلبة القطريين بالجامعة بشكل خاص ولكل ما يسئ لأفراد المجتمع بشكل عام هي التي جعلته من تلك الفئة لأنه أولاً وأخيراً موظف يخاف على وظيفته. ولا أريد من هذا المسئول السعيد جداً أن يقدم لي أي خدمة خارج ما يمليه النظام والقانون. ونبشركم بأننا سوف نستمر في قول الكلمة الطيبة، سواء كنا بالجامعة أو خارج الجامعة، وسنظل متابعين لكل ما يسيء للطلبة القطريين وندافع عنهم، بالحق ومع الحق، بكل ما أوتينا من قوة وسنظل في هذا النهج مرددين قول الشاعر

 

قطر .. قطر بنت الصحراء *** أفدي ضيك بنور عني

 

وستكون لنا، إنشاء الله، وقفات عديدة أخرى في هذا الموضوع وبالأخص على الذين يقومون بتفسير القوانين حسب رغبة الجهات أو الأشخاص بدون مراعاة نص القانون كما أصدره أولياء الأمر حفظهم الله.

 

والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع