المواطنون والقضاء والعدالة

 

المواطنون والقضاء والعدالة

 

كنت قد تناولت في مقالات سابقة عن حجم المخصصات الشهرية لقضاتنا ومقارنتها مع رواتب القضاة في إمارة دبي والمزايا التي تتوفر في الجمهورية السودانية لقضاتهم واليوم نتحدث عن جانب مهم وهو التقاعد لدى إخواننا القضاة والتي أعتبرها نقطة ناصعة البياض تضاف إلى إنجازات المجلس الأعلى للقضاء

 

إن الدستور في المادة (134) ذكر أن القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون وقد حدد قانون السلطة القضائية رقم (10) لسنة 2003 في المادة (63) بأن ولاية القضاة تنتهي لأحد الأسباب الآتية:

1- الوفاة.

2- الاستقالة.

3- بلوغ سن التقاعد.

4- العزل بحكم تأديبي طبقاً لأحكام هذا القانون.

5- الفصل من الخدمة بقرار أميري لأسباب تتعلق بالصالح العام . 

6- الإحالة إلى التقاعد ، أو النقل إلى وظائف أخرى غير قضائية ، وفقاً لأحكام هذا القانون .

 

وبهذه المادة من الدستور وبتفصيلاتها من القانون نجد أن القاضي القطري الذي يعمل بما يرضي رب العالمين ويحقق درجات مناسبة في تقييم الأداء ضمن عدم تعرضه للإقالة أو الإحالة من وظيفته الأمر الذي يعاني منه بعض المواطنين المدنيين أو العسكريين وبالأخص في فترات فصل الوزارات والإدارات أو دمجها.

 

أما أهم مادة في القانون المذكور هو ما جاءت به المادة (65). وهذه المادة تنقسم في تفسيرها إلى ثلاثة أقسام

القسم الأول: يكون سن التقاعد بالنسبة للقضاة سبعين سنة

نجد أن المشرع، في صياغة هذا الجزء من المادة، قد أرتكز على خمس نقاط:

·        إن العمل الذهني لا يحدد بعمر ستين عاماً عكس الأعمال التي تتطلب مجهوداً بدنياً

·        إن العمل الذهني يزيد بتقدم صاحبة في العمر بسبب التجارب والممارسات التي يكتسبها الشخص مما يزيده خبرة عالية المستوى

·        إن الخدمات الصحية، مع تحفظنا على مستواها في دولة قطر، قد رفعت العمر الافتراضي للقطريين بأن يكونوا أطول عمراً

·        إن بقاء المواطن مدة أطول في وظيفته سوف تؤدي إلى احتياج أقل من العمالة الوافدة مما سيقلص حجم الإنفاق الحكومي على الخدمات والمرافق المختلفة

·        أنه كلما طالت فترة بقاء المواطن في وظيفته سوف يمكن الجهة من تبني خطط طموحة في إعداد الأجيال القادمة من المواطنين

 

القسم الثاني: و للقاضي إذا بلغ سن الستين أن يطلب إحالته إلى التقاعد

وقبل أن يسطر المشرع هذا الجزء من القانون فقد قسم القضاة إلى فئتين:

فئة ترغب بالاستمرار وفئة أخرى ترغب في التفرغ من الالتزام الوظيفي

 

وحيث أنه من المتوقع وجود فئة من القضاة لا ترغب في ممارسة العمل لما بعد الستين عاماً من العمر وحتى لا تتعرض هذه الفئة لهضم حقوقها بسبب ما جاء في القسم الأول من هذه المادة فقد أعطى المشرع الحرية المطلقة للقاضي في الخروج من سلك القضاء عند بلوغه الستين عاماً. وهذا الأمر، كما أراه شخصياً، هو قمة الاحترام الإنساني للمواطنين من القضاة وفي نفس الوقت يعتبر نوع من أنواع رد الجميل لمن قضى حياته في خدمة البلاد

 

القسم الثالث: وإذا بلغ القاضي سن التقاعد في الفترة من أول أكتوبر إلى آخر يونيو من السنة التالية فتستمر ولايته حتى التاريخ الأخير

وحدد المشرع، في هذا القسم، أنه لا يجوز تحويل القاضي إلى التقاعد في خلال السنة القضائية الممتدة من بداية شهر أكتوبر إلى نهاية شهر يونيو. وهذا الأمر، في حد ذاته، له دلالات عديدة من أهمها: احترام العمل، واحترام مقر العمل، واحترام المتعاملين مع القضاء، وضمان استمرار العمل في السنة القضائية بنفس الوتيرة والقوة

 

وبمراجعة المادة (65) من قانون السلطة القضائية رقم (10) لسنة 2003 نصل إلى قناعة إن الاختلاف الأساسي بين القوانين المطبقة على القضاة والمطبقة علينا بأن القانون الذي يخدم القضاة ويرتب لهم حياتهم داخل أروقة المحاكم قد شارك في إعداده مجموعة من المسئولين عن المجلس الأعلى للقضاء كانوا فعلاً نداً قوياً لخبراء إعداد القوانين وأدخلوا عليه من البنود ما فيه رفعة لشأن ومكانة القضاء القطري ولصالحهم (علماً بأن خبراء إعداد القوانين هم نفسهم الذين قاموا بإعداد قانوني التقاعد والموارد البشرية). أما القوانين المطبقة علينا فهي تأتي من خبراء إعداد القوانين مروراً بمجلس الشورى للتطبيق وليس للمناقشة

 

ويكفي فخراً للمجلس الأعلى للقضاء، بارك الله لنا فيه وفي جميع المنتسبين إليه، بأنه هو الجهة الوحيدة في قطر التي لا تقتل المواطن وظيفياً وتعترف وتقر بأن عطاء المواطنين القطريين الذهني والفكري والإبداعي لا ينقطع في سن الستين عاماً

*****

وفي هذا المقام فإني أسجل شكري وتقديري لأخي العزيز سعادة الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني وزير الدولة لشئون الداخلية الذي أعلن عن قيام وزارة الداخلية باستثناء بعض فئات المجتمع من الرسوم ألمؤداه عن خدمات الوزارة (والتي كما نرى أنها لن تتجاوز في حدها الأعلى عن 2 مليون ريال قطري في السنة) ونأمل من الوزراء الآخرين خطوات مشابهة لأن المواطن يستحق كل خير من ولي الأمر وحكومته الرشيدة.

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع