سرقة الإيميل .. وقضاتنا

 

سرقة الإيميل .. وقضاتنا

تم النشر بتاريخ 1/8/2010

لقد قام أحد الأشخاص أو لنقل إحدى الجهات بسرقة في عز النهار للإيميل الخاص بتفاعل قراء الشرق مع المقالات التي أكتبها. والحمد لله الكثير من التعليقات التي تردني بعد أي مقال تمجد خطى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أميرنا المفدى حفظه الله والخطط التي رسمها لتصبح دولة قطر من الدول ذات المكانة العالية داخلياً وخارجياً. والجميع سواءً الذي يتفاعل مع المقالات أو من ألتقي معهم في المجالس أو في الجهات المختلفة التي أزورها يكاد يجمع بالهبة التي وهبنها الله أن خصنا بهذه النخبة من ولاة أمرنا حتى أنني أجد، عند زيارتي للدول الأخرى، الحسد الواضح لديهم عن وضع دولتنا والعلاقة الطيبة لولي الأمر بالشعب القطري.

 

ولكن مهما بلغ الأمر فلن نصل إلى الكمال، فالإنسان مهما وصل لقمة الذكاء والصفات الحميدة والإدراك الواسع يظل ناقص وليس هناك أحد كامل إلا الله سبحانه وتعالى لأن الكمال صفة من صفات العلي القدير وهو الواحد الأحد. وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: إني وليتكم ولست من أخيركم، وإنما أنا بشر مثلكم، فإن أصبت فاحمدوا الله، وإن أخطأت فقوموني. فالأمير والشعب شركاء يتعاونون على مصلحة الدين والدنيا. فلا بد للأمير من إعانة الشعب، ولا بد للشعب من إعانة الأمير. إنني أنظر للدولة كقافلة عليها رئيس وتسير على طريق واضح وجلي لتحقيق هدف نبيل، إن سلك بهم الرئيس الطريق الصحيح اتبعوه، وإن أخطأ عن الطريق نبهوه وأرشدوه، وإن خرج عليهم من يعكر عليهم صفو الحياة (وما أكثرهم) تعاون الرئيس ومن في القافلة على دفعه.

 

وأعتبر أن جريدة الشرق وما ينشر على صفحاتها هي من وسائل التنبيه والإرشاد. ومع إن مقالاتي ، نوعاً ما، جريئة وفيها الكثير مما يجعل قلب رئيس التحرير يدق سريعاً خوفاً من إغلاق الجريدة إلا إن الخط الإصلاحي الذي تنتهجه ومساحة الحرية الممنوحة لكل من يكتب على صفحاتها يتعدى حجمها المادي بكثير. وإقراراً للحق لم أجد يوماً أن رئيس التحرير منع مقالة من مقالاتي من النشر أو قام بتعديل فقرات ليرضي الأطراف الأخرى سوى في مقالة واحدة وهي قيامه بإلغاء جداول مقارنة الرواتب في مقالة قضاتنا وقضاتهم. وأحمد الله، بأن الكثير مما نشر تم الأخذ به في الاعتبار لدى حكومتنا الرشيدة. وإننا سائرون على هذا النهج الإصلاحي نبين المشكلة وحجمها ونتائجها وطرق علاجها، وذلك طيلة ما كان نهج سمو أميرنا المفدى وحكومته الرشيدة السير على خطى خليفتنا الراشد أبي بكر الصديق.

 

أما سرقة الإيميل الخاص بي فإنني لن أتهم أي جهة في هذا الأمر وكما قمنا بإنشاء ذلك الإيميل فإننا نستطيع إنشاء غيره بآلاف وربما إذا تكررت العملية فإننا سوف نعود إلى الورقة والقلم واستخدام بريد جريدة الشرق للتواصل من خلاله وكل ذلك لن يثني عزمنا عن قول الكلمة الطيبة. وبارك الله لنا فيكم أيها المشاركون والمتابعون لما ينشر على صفحات جريدتكم جريدة الشرق والتي هي منكم وإليكم (دعاية مجانية للجريدة)

ونعود بكم إلى الشق الثاني من موضوعنا ألا وهو قضاتنا. إن جريدة الشرق أغفلت موضوع جداول المقارنة بين رواتب قضاتنا وقضاتهم ووجد القائمين على تحرير المقال صعوبة ولا أعرف هل هي فنية أم غير فنية ولكن حذفوها بدون الرجوع لي شخصياً. وربما يعود ذلك، من وجهة نظري الخاصة، إلى أن رئيس التحرير عندما شاهد الفرق الشاسع بين رواتب قضاتنا وقضاتهم "تخرع" من الوضع وآثر أن يحتفظ بها لنفسه وأن لا يعرضها على القراء حتى لا يصيبهم الذهول كما أصابه.

 

المهم في تلك الجداول أن قاضي التمييز عند قضاتهم يستلم كراتب أساسي أكثر من 50 ألف درهم إماراتي شهرياً في حين أن قاضي التمييز عندنا يستلم في حده الأعلى كراتب أساسي ما قيمته 31 ألف ريال قطري. يعني الله يعين قضاتنا بعد التقاعد على متطلبات المعيشة وبخاصة إذا كانت لديهم أقساط قروض يجب تسديدها. إن بعض الدول المتقدمة، وكما سمعنا، لا يوجد سقف محدد لرواتب قضاتهم ومشترياتهم الخاصة بهم ولذلك نجد شعوبها في تسابق للوصول إلى منصب القضاة الذي سيمنحهم راحة البال لهم ولعائلاتهم. أما في الطرف الآخر، وأعني بها الدول المتخلفة، فالقضاة لديهم على استعداد كامل لقبول الرشوة وإصدار الأحكام غير المنطقية وغير العادلة وذلك لسبب بسيط جداً أنهم يريدوا أن يعيشوا وأن يحصلوا على لقمة العيش وقال تعالى: ".. وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا" النساء:28 وقال تعالى: "وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا" طه: 115 ومثل ما قال العرب قديماً " الجوع كافر" وصدق الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما قال " لو كان الفقر رجلاً لقتلته". إن قضاتنا ولله الحمد يشهد لهم الجميع بالنزاهة والخوف من الله ولكن لا نريد أن نصل في يوم من الأيام إلى وضع مأسوي في السلطة القضائية وكما هو المثل الشعبي يقول " كثر الطق يفك اللحام" أو كما قال لوح الخشب للمسمار " ايش حادك يا المسمار قال المطرقة"

 

إن ما ذكر عن رواتب القضاة في إمارة دبي لهو مؤشر بسيط جداً. فلو قارنا رواتب الوظائف الأخرى الأساسية مع رواتب دولة قطر لخجلنا أن نقول أن أكبر دخل فردي في العالم هو في قطر. فلننظر إلى الكويت كيف عملت فقد أقر مجلس الأمة الكويتي قانوناً لزيادة الرواتب ونصت المادة الأولى من القانون على أنه يصرف لكل كويتي لا يبلغ إجمالي راتبه الشهري شاملاً العلاوة الاجتماعية وعلاوة الأولاد وسائر العلاوات والبدلات الأخرى إن وجدت أو معاشه التقاعدي أو المساعدة العامة التي تصرف له شهرياً 750ر1 ديناراً دعماً مقداره خمسين ديناراً شهرياً على ألا يزيد مجموع هذا الدعم وإجمالي الراتب أو المعاش أو المساعدة على 750ر1 ديناراً شهرياً (أي أكثر من 000ر20 ريال قطري) ونحن في قطر لا تزال فئة كبيرة من المواطنين رواتبهم لا تزيد مع جميع البدلات والعلاوات عن 000ر10 ريال قطري. أما حكومة أبوظبي وكما ذكرت وكالة أنباء الإمارات فقد رفعت معاشات موظفي الدولة المتقاعدين بنسبة 70  %. والمسألة ليست من باب الغيرة لكن القطريين عموماً يتابعون ما يحصل في دول الخليج الأخرى لتشابه ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية مع تلك الدول، ومن هنا فإن رفع الأجور أو تخفيض الأسعار في الإمارات أو الكويت مثلا لا بد أن يجد صدى واسعاً في قطر أو السعودية. صحيح أن لكل دولة ظروفها وصحيح أن رواتب القطريين تعتبر كبيرة جداً إذا ما قارناها برواتب نفس الفئة في مصر وسوريه والهند ولكن الألف ريال والتي تعادل في الهند على سبيل المثال 000ر12 روبية تجعل معيشة صاحبها في الهند كأنه سلطان زمانه وذلك لتدني تكاليف المعيشة. فظاهرة الغلاء في قطر وعجز أرباب الأسر عن تأمين احتياجات من يعولون لم تعد خافية، وقد يؤدي استفحال الأمر إلى عواقب غير مرغوبة، لاسيما لدى طبقات زادها الغلاء فقرا على فقر. ونحن لا ننكر إن الدولة قامت في ديسمبر 2006 بزيادة رواتب الموظفين المدنيين والمتقاعدين بنسبة 40% على الراتب الأساسي وليس الإجمالي (لا تتجاوز 16 % من الراتب الإجمالي لصغر الراتب الأساسي) وسعد الناس بهذه الزيادة ولكني أراها سعادة وهمية فقد ارتفعت أسعار السلع بعد إقرار الزيادة، حسب إحصائيات غير رسمية، بأكثر من 20% فما أعطته الدولة باليمين استولى عليه التجار بالشمال كاملا وبزيادة تبلغ 4 %.

 

إن جميع التقارير تؤكد على إن قطر تشهد حالة من التضخم وأن الحاجة باتت ماسة لزيادة رواتب الموظفين. ونحن بدورنا نؤيد أن تقوم الدولة بزيادة الرواتب، لأن هذه الزيادة مهما بلغت ضخامتها لن تستقطع من الميزانية القطرية الكثير ولكنني في الوقت نفسه قلق من زيادة الرواتب لأنها قد تدفع الأسعار للمزيد من الجنون ولكن من الممكن قيام الحكومة بتشديد الرقابة على الأسعار حتى لا تبتلع أي زيادة محتملة في المستقبل.

 

والعجيب في الأمر أن بعض الوزراء، هداهم الله، يصرح بأن الاقتصاد القطري قد نمى في السنة الأخيرة بمعدل أكثر من 16% وأنه في خلال السنوات الثلاث السابقة قد نمى بمعدل 35 %. إن أي زيادة في نمو الاقتصاد الوطني، وكما أعرف، من المفروض أن تنعكس بالإيجاب على الشعب ليشعر بقيمة هذا النمو رخاءً واستقراراً. ولنسأل أنفسنا هل من القطريين أنعكس هذا النمو المزعوم على حياته وطريقة معيشته؟ إنني لا أنتظر الإجابة لأنني أعرفها سلفاً

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع