التهافت على التجنيس

 

التهافت على التجنيس

تم النشر بتاريخ 14/8/2010

تقابلت مع العديد من القطريين وغير القطريين وكلهم يتكلم عن الجنسية القطرية فالذين يملكونها يقولون بأن الجنسية لم تعد مقصورة عليهم وتحفظ حقوقهم وحقوق أبنائهم من بعدهم فقد حصل عليها القاصي والداني ممن تنطبق عليه شروط الدستور القطري وممن لا تنطبق عليه وبالأخص المادة رقم (1) والتي تحدد الهوية القطرية. أما الذين لا يملكونها فإنهم على استعداد لبذل الغالي والنفيس للحصول عليها لأنها وببساطة تحفظ حقوقهم من الضياع وبالأخص للفئات التي وبحسب القانون استكملت ملفاتها للحصول على الجنسية القطرية

 

وفي هذه المقالة سوف نركز على المشاكل التي سيواجهها الأشخاص الذين يرغبون بالحصول على الجنسية القطرية ممن هم من غير المواطنين الأصليين وبالأخص المشاكل المترتبة على مادة رقم (12) من قانون الجنسية القطرية الجديد والذي له قوة الدستور كما ذكر بالمادة رقم (41) من الدستور "الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون. وتكون لتلك الأحكام صفة دستورية". ومع إن تخصصي ليس له علاقة بالقانون من قريب أو من بعيد، حيث يركز تخصصي على تقييم وإنشاء المشاريع الصناعية، ولكن بما أعطاني رب العالمين من فكر، وعقل، فإنني أدرك بأن المادة (12) هي سيف مسلط على رؤوس المجنسين إلى أبد الآبدين ومن بعدهم لأبنائهم وأحفادهم فهي تنص بجواز سحب الجنسية القطرية من القطري المجنس، إذا توفرت بشأنه حالة من الحالات التالية:

 

أولاً: إذا كان قد منح الجنسية القطرية بطريقة الغش: وهذا الأمر لا غبار عليه، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وعليه فإن اكتساب المجنس لجنسيته القطرية بطريقة الغش، أو إعطاء معلومات غير صحيحة، أو عن طريق شهداء الزور، تعتبر باطلة حكماً وقانوناً

 

ثانياً: إذا أدين بحكم نهائي في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة: وهذا البند يعتبر مشكلة أمام المجنس. صحيح إن أي دولة في العالم نرغب في أن يكون المجنس قمة في الأخلاق والنزاهة وأن يحترم القوانين والأعراف ولكن رب العالمين وضع العصمة في بعض رسله وليس في كل خلقه. فالإنسان بهذه الحالة معرض لارتكاب الأخطاء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون". فكيف يتم سحب الجنسية من المجنس وقد مرت عليه، على سبيل المثال، خمسين سنة أو أكثر وهو يحمل الجنسية القطرية وقطع صلته الكاملة بموطنه الأصلي. وقد قال الله تعالي "أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى {36}وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى {37}أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {38}" سورة النجم. فالعقوبة، كما هو معروف، من جنس العمل ولا يجوز أن يترتب على الجريمة، حسب قانون العقوبات، عقوبتين، 1. عقوبة الجريمة، 2. عقوبة سحب الجنسية. ولا ننسى بأن لدينا قانون العقوبات الذي يطبق على كل من يخالف سبل معيشته السوية على هذه الأرض الطيبة. أما وجود هذا النص فهو يعني ببساطة أن على المجنس أن يكون خانعاً ذليلاً لا يستطيع حتى رفع رأسه للأعلى حتى لا يتهم بأي عمل قد يؤدي إلى سحب الجنسية منه، ومن ثم القيام بتسفيره من البلاد. والمشكلة التي أراها، حسب النص، بأن ما سيسحب على المتجنس من سحب جنسيته سوف يترتب أثرها على سحب الجنسية من أولاده وأحفاده وهذا مخالف لنص المادة (40) من الدستور والتي تنص على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون. ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل به. والعقوبة شخصية.. "

 

ثالثاً: إذا فصل من وظيفته العامة بحكم أو بقرار تأديبي نهائي لأسباب تتصل بالشرف أو بالأمانة: وهذا البند يجبر المجنس أن يمارس العمل لدى القطاع الحكومي أو القطاع العام فقط وإذا ما علمت الجهات الأمنية بدخوله في العمل الحر أو للعمل بالشركات الكثيرة المنتشرة في طول البلاد وعرضها بغرض تحسين مستواه المعيشي فإن مصيره سحب الجنسية وتسفيره من البلاد. وهذه المادة لم تفصل بين الحكم التأديبي الذي يصدر من المحاكم أو اللجان التأديبية التي يشترك في القرار عدة أشخاص وبين القرار التأديبي المبني على حكم الشخص سواء كان رئيس القسم أو مدير الإدارة أو الوزير المختص. وعليه فإن المجنس لابد أن يتمثل بالأغنية التي كنا نرددها ونحن صغار "يمشي جنب الطوفة .. خوفه يطيح الطوفة" وأن يستمر في دهان سير المسئول عنه ليس لمدة بضع سنين فقط ولكن للأبد، وذريته من بعده. وهذا الأمر يحط من كرامة المجنس، ويأتي مخالفاً للمواد (34) و(35) و(36) من الدستور الدائم لدولة قطر.

 

رابعاً: إذا انقطع عن الإقامة في البلاد مدة تزيد على سنة بدون مبررات مشروعة: من يحدد المبررات المشروعة فربما يرى أحد الموظفين أن المبررات مشروعة أما الآخر فربما يراها غير مشروعة فالحكم الشخصي للمبررات قد يتبعها مشاكل لا حصر لها. ولهذا فإنني أرى، حسب رأيي الشخصي، أنه لا بد من إضافة جملة إلى هذا البند "بعد أخذ رأي مجلس الشورى" وذلك بهدف أن الذي يبت في هذه المبررات بأنها مشروعة أو غير مشروعة 45 شخص وليس جهة واحدة

 

أما الأخطر من ذلك هو ما تضمنته نهاية هذه المادة حيث تنص "وفي جميع الأحوال يجوز بناء على اقتراح وزير الداخلية سحب الجنسية القطرية من المجنس بها ، لدواعي المصلحة العامة ، إذا وجدت مبررات قوية تقتضي ذلك" فمن يحدد دواعي المصلحة العامة، وما الحدود الفاصلة بين المصلحة العامة، والمصالح الأخرى، ومن يحدد بأنها مبررات قوية من عدمه. وأعتقد، مرة أخرى، بتعديل الصياغة لتضاف جملة "بناء على اقتراح مجلس الشورى" يكون أفضل. حيث أن الاقتراح الذي سيخرج من مجلس الشورى هو اقتراح جماعي لا وجود للخطأ إلا في أضيق حدوده وهو أصوب وأصلح لحفظ حقوق العباد بدلاً من "بناء على اقتراح وزير الداخلية" الذي، مع تقديري واحترامي لكل من سعادة وزير الداخلية وأخي سعادة وزير الدولة لشئون الداخلية، يظل اقتراحهم اقتراحاً فردياً أو اقتراحاً مبني على رأي جهة واحدة.

 

وعلى ما سبق من دراسة المادة (12) من قانون الجنسية القطرية الجديد فإنه، من وجهة نظري الخاصة، أشرف لكل من يسعى للحصول على التجنيس أن لا يتنازل بأي حال من الأحوال عن جنسيته الأصلية، لما فيها من عزة وكرامة له ولذريته، بدلاً من أن يستمر طول الدهر في خوف وقلق من المستقبل عليه وعلى أولاده من سحب الجنسية وبهذا يفقد جنسيته الأصلية وجنسيته اللاحقة

 

وفي الأسبوع القادم سوف نتطرق في الحديث عن المتجنس وحقوقه السياسية في دولة قطر.

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع