منطقة الحضارمة والصراع من أجل البقاء

 

منطقة الحضارمة والصراع من أجل البقاء

تم النشر بتاريخ 18/7/2010

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه " وقال صلى الله عليه وسلم: " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة " فقال له رجل: يا رسول الله؛ وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: "وإن قضيباً من أراك (مسواك)". فإذا كان على مسواك يدخل الشخص في النار خالداً مخلداً فما بالنا بمن يأخذ أراضي وعقارات الناس بدون وجه حق وبدون تحقيق مصلحة عامة للمجتمع.

 

لقد قامت وزارة البلدية والتخطيط العمراني يسندها مجموعة من أفراد وزارة الداخلية بالهجوم الكاسح على منطقة الحضارمة باستخدام الجرافات التي لا تعرف لا صديق ولا قريب ونزلوا هدماً وتكسيراً في منازل المواطنين القطريين وكأننا على أرض لا تمت لدولة قطر المتحضرة والعصرية

 

لقد بدأت قصة منطقة الحضارمة في عام 1975، عندما قام المواطنين بشراء هذه الأراضي من أحد المواطنين القطريين التي آلت إليه بعض أراضي تلك المنطقة بوضع اليد ولكن لم تسجل تلك الأراضي رسمياً لوقوعها خارج منطقة التخطيط في ذلك الوقت. إن أسلوب وضع اليد على الأراضي معروف منذ القدم في المجتمع القطري ولو تتبعنا ملكية الأراضي لمدينة الدوحة أو المدن الأخرى لوجدنا أن ملكية كل الأراضي في قطر منشأها وضع اليد وتطورت ملكية الأرض مع تطور الدولة ودخولها عصر التوثيق والتسجيل وبهدف عدم ادعاء البعض بأراضي الغير فقد تم تثبيت ملكية الأفراد للأراضي عن طريق التسجيل العقاري ولكن فقط تلك الأراضي التي تقع داخل حدود المدن والقرى المعترف بها وظلت بقية المناطق في حال المعلقة لحين دخولها في الحدود ومن ثم، كما عهدنا دائماً، تثبت لأصحابها وعلى ذلك قام المواطنين بشراء تلك الأراضي وقاموا بتشييد بيوتهم عليها والكثير منهم سكنوا تلك البيوت أو قاموا باستثمارها عن طريق البناء والتأجير للغير والبعض تركوها كما هي وكل ذلك على أمل أن تسجل لهم مستقبلاً أسوة عما حدث في المناطق الأخرى مثل جنوب دحيل والخيسة وأم صلال وغيرها الكثير الكثير. وعملية الشراء لم تكن في السر ولكن كل من في قطر على علم بما يحدث وأعتقد جازماً بأن الدولة على علم بذلك. ويقولون، والعهدة على الراوي، لو أن طفلان في الصف الأول ابتدائي تهاوشا يعني تخانقا لبلغ هذا الأمر لولي الأمر فما بالكم ببيع أراضي على نطاق كبير. فلو كانت عملية البيع والشراء غير قانونية لكان من المفروض قيام الدولة في حينها بوقف تلك العملية لما فيها من إثراء غير مشروع ويدخل فيها أيضاً قضية نصب واحتيال. لكن بدلاً من ذلك قامت الدولة بتوفير خدمات النظافة العامة والخدمات الدينية وقامت الدولة حتى وقت قريب بتزويد سكان المنطقة بالديزل المجاني لاستخدامه في مولدات الكهرباء الخاصة بسكان المنطقة (لا يتم توفير الكهرباء الحكومية إلا بعد تخطيط المنطقة)

وحدثت الطامة الكبرى عندما تم تشكيل لجنة شئون بيوت البر وبدأت بالعمل وبدأت معها المشاكل الحقيقية، فلقد وجدناها (أي اللجنة) تسعى بكل ما أوتيت من قوة لنزع حقوق المواطنين سواء في منطقة الحضارمة أو المناطق الأخرى بالدولة (مثلما حدث معي ومع غيري) متناسيين بأن العقارات الواقعة خارج الحدود هي عقارات تم اكتسابها بطرق مشروعة ووسائل مباحة وبشكل علني وليس عن طرق أخرى غير مباحة وفي نفس الوقت فإن اكتساب المواطنين لهذه العقارات لا يتعارض مع المصلحة العامة للمجتمع فلا توجد فوق أو تحت تلك الأراضي مصادر أو ثروات طبيعية. كل ذلك تم على أساس أن رئيس وأعضاء اللجنة، بارك الله فيهم ، فسروا قانون أملاك الدولة (قانون رقم 10 لسنة 1987) وقانون نزع الملكية (قانون رقم 13 لسنة 1988) على كيفهم بدون أن يدققوا بمدلول الكلمات الواردة بالقانونين المذكورين وللأسف كل من كان يراجع رئيس اللجنة للحصول على حقه يقول له هذه تعليمات السلطة العليا. (تم والحمد لله إيقاف وشطب اللجنة من الوجود)

 

والمشكلة الثانية التي أضرت بسكان منطقة الحضارمة هو توقيت الهدم. لقد أفاد سكان المنطقة بأنهم تلقوا إشعارات بالإخلاء بحوالي شهرين قبل بدء الإزالة (بدء عملية الإزالة كان بتاريخ 23/2/2010)، ولكن المواطنين رفضوا إزالة مساكنهم من دون تعويضات أو إيجاد بدائل، ولكن إدارة التخطيط العمراني بوزارة البلدية والتخطيط العمراني لم تستمع لهم وقامت بتوزيع خطابات تعلن فيها أن المنطقة في طور الإزالة. ومرة أخرى تقدم الأهالي ليسوا معترضين على قرار الإزالة ولكن بطلب تأجيل الهدم الذي أصبح أمراً متوقعاً ومعروفاً لحين قدوم فصل الصيف وانتهاء المدارس وبداية موسم الإجازات وأنه لا يوجد سبب يحتم الاستعجال بأعمال هدم منطقة يسكنها آلاف الناس، ومشيدة منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

 

إن الغلطة الوحيدة التي تراها البلدية على سكان المنطقة أن المواطنين ملاك العقارات فيها، قد اشتروا الأراضي بموجب صكوك بيع وشراء، وليس توثيق ومستندات رسمية ولكن هذا هو الحال في جميع المناطق خارج الحدود ونعرف أن أي منطقة تدخل مستقبلاً داخل الحدود يتم تعديل أوضاع الملاك فيها ولم نسمع في يوم من الأيام (طبعاً قبل إنشاء لجنة شئون بيوت البر) أن قامت الدولة بمثل هذا العمل ومثل ما ذكرنا سابقاً أن عملية البيع والشراء كانت تتم في العلن وليس في السر ولقد حاول الكثير من أصحاب العقارات تسجيل ممتلكاتهم في الفترات السابقة وكان الرد من وزارة البلدية بأنهم لا يستطيعون ذلك لوقوع المنطقة خارج حدود المدينة وأنهم سوف ينظرون في الأمر عندما يتم إدخال المنطقة في حدود مدينة الدوحة الكبرى

 

إننا نعرف بأن سمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد الأمين والحكومة القطرية الرشيدة دائماً مع الحق أينما كان محلياً وخارجياً فكيف بالله يعقل أن تعيد الدولة ترميم قرى الجنوب اللبناني بالكامل وعلى حساب الدولة وتقوم في نفس الوقت بهدم القرى والمناطق المختلفة في البلاد وبدون تعويض أصحابها وذلك كما نص عليه الدستور في المادة (27) الملكية الخاصة مصونة، فلا يحرم أحد من ملكه إلا بسبب المنفعة العامة وفي الأحوال التي يبينها القانون وبالكيفية التي ينص عليها، وبشرط تعويضه عنها تعويضاً عادلا. إننا على ثقة مطلقة أنه عندما يعرض ملف منطقة الحضارمة بشكله الكامل بدون التوجهات غير السليمة للجنة شئون بيوت البر الملغية فإن الجهات المسئولة في البلاد لن تقف مكتوفة الأيدي في إرجاع حقوق المواطنين القطريين.

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع