الضرائب والرسوم والمواطن القطري

 

الضرائب والرسوم والمواطن القطري

تم النشر بتاريخ 11/7/2010

قبل أن نبدأ في موضوع الضرائب والرسوم فإنه يجب علينا إنصافاً للحق أن نقول بأن دولة قطر، والحمد لله، تقدم خدمات لمواطنيها ولمقيميها لا تقدمها باقي الدول، وإن قدمتها فليس بالشكل الذي تقدمه دولة قطر فكثير من الخدمات الحكومية تقدم برسوم مخفضة أو بشكل مجاني بالإضافة إلى ذلك فإن العديد من السلع الأساسية تقدم للمواطنين بشكل مدعوم ومثال على ذلك الرز والحليب والسكر .. الخ. وفي نفس الوقت فإن الحكومة القطرية تقدم لجميع السكان من مواطنين وغير مواطنين سلعاً مدعومة مثل الخبز والمشتقات النفطية .. الخ. وهي بهذا الأسلوب لم تقصر في حق كل من يسكن على هذه الأرض الطيبة

 

ولكن الذي جعلنا نكتب في هذا الموضوع هو ما حدث بعد إقرار الدستور القطري وبالتحديد منذ 2005 فقد قفزت الرسوم التي تجبى من المواطنين والمقيمين إلى مستويات قياسية حققت الحكومة منها أرباحا كبيرة مقابل الخدمات التي تؤديها للمجتمع. ونجد أن كل وزارة لها سياسة متبعة على حسب تقديرها في فرض الرسوم وأصبحت كل معاملة لأي مواطن أو مقيم في الدولة لها رسوم معينة.

 

جدول (1)

الرسوم قبل وبعد الدستور القطري

 

قبل الدستور

بعد الدستور

رسوم تجديد سجل تجاري

10

000ر2 – 000ر30

رسوم الرخصة التجارية (البلدية)

10

000ر2 – 000ر10

رسوم إقامة شخصية

50

500

رسوم إقامة عمل

50

100ر1

رسوم جواز سفر جديد

10

100

بدل تالف أو فاقد (جواز)

10

400

والأمثلة على ارتفاع قيمة الرسوم على الخدمات الحكومية كثيرة وتحتاج إلى العديد من الصفحات

 

ولهذا فإنه ليس مستغرباً أن تكون عائدات الخدمات الحكومية في عام 2004 حوالي 12 مليار ريال قطري، قفزت في عام 2006 إلى حوالي 19 مليار ووصلت في عام 2008 إلى أكثر من 23.5 مليار وغالبية مصادر هذه المليارات هي من خمس جهات هي وزارة الداخلية ووزارة الأعمال والتجارة ووزارة البلدية والتخطيط العمراني والمجلس الأعلى للقضاء ولا ننسى الهيئة العامة للجمارك

 

والضرائب ليست بجديدة على دولة قطر فلقد عرفتها منذ أن كانت حرفة اللؤلؤ تمارس في الخليج وكانت الضريبة تعرف باسم "القلاطة" وكانت تفرض على من يدخل الغوص من سفن وأفراد وكانت تستعمل تلك الضرائب للصرف على قوة الشرطة وحفظ الأمن والممتلكات حيث أن خزينة الحكومة (أو الشيوخ) كانت فارغة. أما الرسوم فقد عرفتها قطر منذ ستينات القرن الماضي وكانت تدفع مقابل انتفاع الفرد سواء من المواطنين أو من المقيمين بخدمة معينة تؤديها له الجهات الحكومية لمنفعة خاصة مثل رسوم التصديق على الوثائق ورسوم الجوازات ورسوم إنشاء السجلات التجارية وغيرها وكانت رسوم نستطيع القول بأنها رمزية تقل كثيراً عن قيمة الخدمة التي طلبها الفرد

 

والفرق الجوهري بين الضريبة والرسوم هو أن الضريبة تحقق ربحاً للحكومة في حين أن الرسوم يجب أن لا تحقق أرباحاً ولكنها يجب أن تكون موازية لقيمة الخدمة التي طلبها الفرد أو التي تقدم له دون طلب منه.

 

والضريبة في الإسلام محرمة فلا يجوز أخذ مال امرئ معصوم إلا بطيب نفس منه، وقال النووي: "أن المَكْس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات، وذلك لأخذ أموال الناس بغير حقها، وصرفها في غير وجهها ". وعن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ". والمَكْس هو الضريبة التي تفرض على الناس والمَكْس محرم بالإجماع، وقد نص بعض أهل العلم على أنه من كبائر الذنوب. وقال ابن حجر "الكبيرة الثلاثون بعد المائة: جباية المكوس وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة "أن أخذ هذه الرسوم والضرائب، أو كتابتها والإعانة عليها، محرم تحريماً شديداً"

 

وقد أجاز الإسلام فرض الضرائب في حالات استثنائية وفق شروط معينة منها:

1.    أن تكون عادلة وتكون على الأغنياء دون الفقراء.

2.    أن يكون بيت المال (خزينة الدولة) فارغاً.

3.    لمواجهة ضرورة ما وينتهي فرضها بنهاية الضرورة.

4.    أن تنفق في المصالح الحقيقية للأمة.

 

أما فرض الرسوم، من وجهة نظري الخاصة، فليس عليه أي غبار لأنه من المعروف أن الجهات الحكومية تقدم خدمات كثيرة للمواطن ومن ثم فإن عائد هذه الرسوم سوف يسد الحاجة في ميزانية الدولة وهذا هو المقصد الأساسي من الحصول على الرسوم، ولكن يجب أن تكون هذه الرسوم موازية لقيمة الخدمة التي طلبها الفرد أو التي تقدم له دون طلب منه ويجب أن لا تكون رسوماً تحقق أرباحاً طائلة للحكومة، لأنها في هذه الحالة تسمى ضريبة مستترة. إننا لا نؤيد المغالاة في فرض الرسوم لأن المواطنون القطريون هم من سيتأثر سلباً بموضوع زيادة الرسوم أو فرض الضرائب لأنها وللأسف ستأتي من جيوب المواطنين الذين لديهم ما يكفيهم الآن من هموم والتزامات مالية يومية وبالتالي تحدث زيادة في الأسعار، والمضحك والمبكي في آن واحد، أن وزارة الأعمال والتجارة تطالب التجار بتخفيض الأسعار في حين أنها تعد أولى الوزارات التي رفعت رسومها على منشآت رجال الأعمال بالإضافة إلى أن هناك وزارات أخرى تزيد التكاليف عليهم متناسيين بأن هذه التكاليف سوف تحمل على قيمة السلعة أو الخدمة المقدمة للمواطنين والتي في نهاية الأمر ستخرج من جيب المواطن وبالتالي يحدث ارتفاع آخر في الأسعار مما يرفع من نسبة التضخم في الدولة وسيقلل من القيمة الشرائية للريال القطري وربما يؤدي إلى عدة إفرازات وبخاصة مشكلات اجتماعية أمام محدودي الدخل لذا فإنه لزاماً أن ننظر إلى بعض الآثار السلبية لفرض الضرائب والرسوم

·        أن فرض الضريبة وزيادة الرسوم عن الحد المعقول سيؤدي إلى رفع الأسعار ومن ثم تقود إلى تقليل الدخل الشخصي المتاح لدي الأفراد. وكلما انخفض دخل الفرد، كلما انخفضت قدرته على الاستهلاك وفي نفس الوقت ستؤدي لنقص التمويل اللازم والمتاح أمام المستثمرين لأنها ستأكل المدخرات

·        إن دافع هذه الضرائب (التاجر) يستطيع نقل عبئها إلى المستهلكين. وهناك فئة من الناس الله يعلم بحالهم بحيث أنه في نهاية الشهر ينفذ راتبه ولا يبقى لديه درهماً واحد وعليه فالغني سيزداد غنىً والفقير سيزداد فقراً

·        ستعمل على تقليل الطلب الكلي الذي يقوم به الأفراد (المستهلكون)، وقد يؤدي ذلك إلى ظهور مشكلة التضخم في الاقتصاد.

 

وفي نفس الوقت هناك فئة من المواطنين تؤيد فرض الضرائب والرسوم لأنه في النهاية سيؤدي إلى كبح جماح التضخم وللأسف غاب عن هذه الفئة بأن ارتفاع سعر السلعة نتيجة الضريبة سيؤدي إلى رفع تكاليف المعيشة، ومن ثم مطالبة العمال بأجور أعلى، وما يترتب عليه من ارتفاع تكاليف الإنتاج، ومن ثم ارتفاع سعر السلع والخدمات

 

وللأسف ما خفي من موضوع الرسوم والضرائب هو أعظم فنحن على إطلاع كامل بما يحدث في أروقة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والمشاورات بين دول المجلس للانتهاء من وضع قائمة بأنواع الضرائب التي يجب أن تطبق على مواطني ومقيمي دول الخليج العربية مع العلم بأن هذه الضرائب قد تطبق كضرائب، أو تطبق على أنها رسوم، كما أن نسبة هذه الضرائب و/أو الرسوم تختلف بحسب الوضع المالي لكل دولة ونحن بدورنا نقول اتقوا الله في عباد الله ولا تحملونهم ما لا يطاق ولا يحتمل فالمعيشة صعبة والأسعار نار والموارد قد جفت منابعها وما لنا سوى مناجاة رب العالمين ومن ثم الطلب من ولي أمرنا أطال الله في عمره أن يزيح هذا الكابوس الجاثم فوق صدور وقلوب المواطنين والمقيمين

 

وفي النهاية نقول بأن الشعب القطري شعب مسلم وعلى المسلم السمع والطاعة، وأن يسمع لولي الأمر ويطيعه، وقال رسولنا الأمين الصادق صلى الله عليه وسلم "اسمع وأطع ولي الأمر وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك".

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع