الشاليهات واحتكار السواحل

 

الشاليهات واحتكار السواحل

تم النشر بتاريخ 20/6/2010

تقع دولة قطر، وكما تعلمون، في منتصف الساحل الغربي من الخليج العربي وهي عبارة عن شبه جزيرة وتمتد سواحلها حوالي 680 كيلو متر. وخط الساحل متعرج ويوجد به الكثير من الخيران (الخلجان الصغيرة) مثل: خور العديد، الخور، خور الذخيرة وغيرها. كما تنتشر به الرؤوس البحرية (وهي تآكلات في الصخور الشاطئية) مثل: رأس أبي عبود، رأس لفان، رأس قرطاس، رأس ركن، رأس عشيرج، رأس دخان وغيرها. وتوجد على طول الساحل أيضاً بعض الدوحات (وهي خلجان صغيرة مستديرة الشكل تقريباً ) مثل خليج الدوحة، دوحة مسيعيد، دوحة الحصين، دوحة زكريت، دوحة سلوى وغيرها. والسواحل القطرية في معظم أجزائها منبسطة. وقبل نشوء دولة قطر كانت الأراضي والسواحل ملكاً للقبيلة وكانت سائر القبائل تعترف بحمى كل قبيلة وكان المتمتعون بهذه المناطق هم من الذين ينتمون لهذه القبيلة. وبعد قيام الدولة ككيان توجه الناس بولائهم نحو الدولة وأميرها بدلاً من القبائل ورؤسائها، وبذلك اعتبروا أرض الدولة بسمائها وساحلها وبحرها منطقتهم وحماهم وهي ملك مشاع للجميع ينتفع به جميع الناس بأسلوب "لا ضرر ولا ضرار". واستناداً على ذلك فقد قام الناس بالاستمتاع بأرض قطر وبحرها بأسلوب الرحلات والتخييم بدون أن يعكر مزاجهم أي شخص بإدعائه بأن هذه الأرض أو ذلك الساحل ملكاً خاصاً

 

ومع دخول الصيف فإننا نجد أن الكثير من المواطنين، هذه الأيام، بدأوا بالتحدث عن احتكار الشاليهات لأغلب الأراضي المطلة على البحر دون أن يسمح لهم بالوصول إلى واجهة البحر والاستمتاع به لدرجة أن الأمور وصلت في بعض المواقع أن لا تجد شبراً واحداً غير مملوكاً وعليه فقد أصبح البحر نشوفه بأعيننا ونشم ريحه بأنفنا ولكن لا نقدر أن نصل إليه ولا أن نسبح في مياهه التي تربينا فيها. ونحن لا ننكر بأن هناك مناطق نستطيع الذهاب إليها ولكنها إما بعيدة أو طبيعة تربتها والروائح التي تصدر منها لا تشجع أي فرد على الجلوس قريباً منها

 

والساحل، كما هو معروف هو ملك للناس جميعاً. صحيح إن بعض الفقهاء أجاز لولي الأمر التصرف في الأرض ولكن بشرط أن لا يضر بكافة المسلمين ولا شك أن ما يحدث فيه ضرر كبير. ولننظر في مواد الدستور القطري ففي المادة (2) ... وتمارس الدولة سيادتها على إقليمها، ولا يجوز لها أن تتنازل عن سيادتها أو أن تتخلى عن أي جزء من إقليمها. وبما أن جميع الأراضي هي ملك للدولة فهي حكماً ملك للشعب القطري لأن المادة (59) تذكر بأن الشعب مصدر السلطات ويمارسها وفقاً لأحكام هذا الدستور. وعليه فإنه لا يجوز التنازل عن الأرض العامة التي هي ملك لكل الشعب لصالح فئة معينة ويجب أن لا ننسى بأن الأرض هي مورد طبيعي وثروة طبيعية وقد حمتها المادة (29) حيث نصت على أن الثروات الطبيعية ومواردها ملك للدولة. تقوم على حفظها وحسن استغلالها وفقاً لأحكام القانون. ولأن الساحل والبحر هما اللذان وفرا للقطرين المورد الاقتصادي المتمثل باللؤلؤ ووفرا المورد الغذائي للسكان عبر قرون طويلة وحكماً على ما سبق فيعتبر البحر وساحله والأراضي المجاورة له من الأموال العامة والتي تنص المادة (55) بأن للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على الجميع، وفقاً للقانون. وتأكيداً لهذا التوجه وحتى لا يعتدي الأفراد على بعضهم البعض في الأراضي والمناطق التي تعتبر ملكاً للدولة فقد أصدرت الدولة قانون أملاك الدولة (قانون رقم 10 لسنة 1987) ففي المادة (9) يعتبر القانون من أملاك الدولة الخاصة ما يأتي:-

ا- الأراضي التي لا مالك لها، والتي تقع داخل حدود المدن والقرى أو خارجها.

2- الأراضي البور "غير المزروعة" ..

3- الأراضي الزراعية والبور التي تكون الدولة قد منحتها ..

4- جميع العقارات والعقارات بالتخصيص والمنقولات التي تملكها الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ..

5- التركات التي لا وارث لها وأموال الغائبين الذين لا وارث لهم ..

6- القطع المتروكة من الأملاك العامة ..

7- الكنوز والأشياء ذات القيمة المدفونة أو المخبوءة يما شيء مما تقدم، التي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته لها.

 

ولكن منذ أن بدأ المجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية عمله تحول الأسلوب إلى ضرر وضرار فقد أغلقت معظم السواحل الصالحة للسباحة وتركت المناطق التي لا يستطيع الإنسان أن يمشي عليها فكيف يسبح فيها. وفي نفس الوقت توسعت الدولة في منح أصحاب الحظوة من المسئولين والمقربين من السلطة الشاليهات والفيلات المطلة على البحر وفي أماكن تعتبر قبلة لرواد البحر وكانت الطامة الكبرى هو قيام الدولة بمنح شركة الديار القطرية المساحات الشاسعة التي تصل إلى عدة كيلومترات على طول الساحل الممتد من الدوحة إلى الخور وعملت على توسعة نطاق المنطقة المحمية لمنطقة رأس لفان أما معظم السواحل الغربية الصالحة للأنشطة البشرية فقد استولت عليها وزارة البيئة كمناطق محمية.

 

ونعود مرة أخرى لمواد الدستور ففي المادة (18) يقوم المجتمع القطري على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق. والمادة (19) تصون الدولة دعامات المجتمع، وتكفل الأمن والاستقرار، وتكافؤ الفرص للمواطنين. والمادة (34) المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة. ونحن لا نعترض على قيام ولي أمرنا بمنح من يرى من المواطنين (عليهم بالعافية) الأراضي المناسبة لبناء شاليهات أو فيلات مطلة على البحر لأننا في الأول والآخر، وكما أمرنا ديننا القويم، فإن من حق ولي أمرنا علينا السمع والطاعة وعدم مخالفة أمره. ولا نطالب في نفس الوقت بإلغاء الشاليهات ولكن من حقنا كمواطنين كما هو من حق أصحاب الشاليهات المواطنين أن نستمتع بالبحر جلوساً على ساحله أو سباحةً في مياهه

إن الأسر القطرية، في الوقت الحاضر، لا تستطيع الذهاب إلى البحر والسباحة في مياهه إلا بمقابل مادي وبمبالغ ليست بالسهلة في ظل الأزمة المالية الخانقة وحتى لو يرغب هذا المواطن بإتباع هذا الأسلوب فإن عليه الحجز قبل عدة أسابيع أو أشهر حتى يصل إليه الدور لحجز أي شاليه على البحر وفي نفس الوقت يجب أن لا ننسى بأن الأسر القطرية هي أسر  محافظه لا ترتاد الأماكن المخصصة للسباحة العامة. فالمسالة بحاجه إلى إعادة نظر وإصدار قوانين مناسبة لتنظيم الواجهة البحرية والشاليهات وبما أن الكثير من المخططين هم من المؤمنين بالحضارة الغربية فنقول لهم أن جميع الدول المتقدمة والتي تحترم المواطن تترك مساحة كبيرة أمام الشاطئ، هذه المساحة أو ما يعرف بالشريط الساحلي هي من حق المواطن داخل بلاده حتى أننا نجد أن القرى السياحية العالمية تبنى لتكون بعيدة عن الشريط الملاصق للبحر.

 

هذا الأمر يقودني حقيقة إلى التساؤل عن دور المجلس البلدي المنتخب والذي يمثل جميع المواطنين الذي نقل اهتماماته من المطالبة بما يحتاج إليه ناخبيه إلى الخلافات الداخلية وتنفيذ عمل المطبات على الشوارع الرئيسية داخل المدن والقرى مما كسر سياراتنا لصالح الجراجات.

 

أكرر طلبي بالعودة إلى التخطيط الواعي ومراعاة المواطن القطري العادي في البقية الباقية من أراضى قطر وبحرها والاهتمام بمشاعر هذا المواطن العادي فمن حقه رؤية سواحل بلاده مجاناً، ومن حقه الاستمتاع بها أينما وجدت.

 

وفي الختام  أقول .. إن البحر بحرنا ولا توجد طرق توصلنا له ... عجبي !!

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع