الاجتماعات وضياع المراجعين

 

الاجتماعات وضياع المراجعين

تم النشر بتاريخ 13/6/2010

بدأنا، في السنوات الأخيرة، ملاحظة تكرار مصطلح الوزير في اجتماع أو مدير الإدارة في اجتماع طارئ أو رئيس القسم لا يستطيع مقابلة المراجعين لأنه جمع موظفي القسم في اجتماع لبحث الموضوع الفلاني لدرجة أنني عندما كنت في زيارة لوزارة .. ذكر لي مدير مكتب المسئول أننا نأسف لعدم استطاعتنا تقديم الشاي والقهوة لأن مدير الخدمات مجتمع بفراشين الوزارة. لقد أصبحت هذه الاجتماعات عرفاً تعارف عليه المديرون وعرِفوا به، وأصبحت من أهم أعمالهم، ومن الطريف أنك تلاحظ بعض المديرين يتهرب من المراجعين بحجة أنه في اجتماع، وهو ليس كذلك، مما يحتم على طوابير المراجعين المنتظرين في الخارج إلى أن تعود من حيث جاءت أو الانتظار لعدة ساعات للحصول فقط في أقل من دقيقة على توقيع أو تأشيرة هذا المسئول. وتتكرر وللأسف هذه العادة السيئة عند بعض المسئولين على حساب أعصاب وصحة ونفسية المواطن والمقيم. والطامة الكبرى أنه في حالة انشغال المسئول مع اجتماعاته، لا يبقى على المكاتب الأخرى سوى بعض صغار الموظفين، الذين لا يستطيعون تسيير أمور المعاملات

 

إننا نسمع ونلاحظ العديد من الشكاوى والتضجر من هذه الاجتماعات فهي المتسبب الرئيسي في تضييع وقت المراجعين، ورفع درجات ضغط الدم ونسبة السكري لديهم بسبب تأخر معاملاتهم، وفي نفس تعذيبهم في الذهاب والإياب حتى يفوزوا بمقابلة المسئول وللأسف نجد أن بعض صغار الموظفين أُصيبوا أيضاً بفيروس وعدوى الاجتماعات وجميعهم يعلم علم اليقين بأن من المراجعين من هو الكبير في السن الذي قطع المسافات الطويلة من خارج أو داخل مدينة الدوحة في زحمة السير الخانقة، أو ربما يكون موظفاً ترك دوامه الوظيفي بعدما قدم الكثير من الأعذار والترجي والتوسل لرئيسه في جهة عمله أو قد يكون طالباً حتمت عليه الظروف ترك مقعد دراسته ، وسجل عليه غياب في ذلك اليوم إن هذا الاستياء والتضجر يحتم علينا أن نبحث عن السبب الذي جعل بعض هذه الاجتماعات معطلة للإنتاج ومضيعة للوقت ونحن بدورنا نتساءل: هل نحن بحاجة فعلاً إلى هذا الكم الهائل من الاجتماعات؟

 

إن إدارة الاجتماعات فن من الفنون التي بدأ علماء الإدارة يلتفتون إليها في السنوات الأخيرة، وقام بعضهم بوضع المبادئ والقواعد والتوصيات التي ينبغي لمديري الاجتماعات وأعضائها الانتباه إليها حتى يصبح الاجتماع ناجحاً ومؤثراً وفاعلاً. ولقد بينت دراسات متخصصة في الدول المتقدمة بأن الحد الأعلى لعدد الاجتماعات المقبولة أو المسموح بها ليتمكن الشخص من ممارسة أعمال وظيفته بشكل طبيعي يفترض ألا تتجاوز ثمانين (80) اجتماعاً في السنة، بمعنى أن يشارك الشخص في اجتماع واحد كل يومين. وأن عدد الاجتماعات هي من أهم العوامل التي تسهم في إحداث مظاهر تخلف الإدارة أو تقدمها

لا أحد ينكر أهمية الاجتماعات إن أحسن الإعداد لها فهي تؤدي:

·        للمتابعة والمراقبة الجيدة.

·        للتفكير الجماعي

·        لإرضاء الأفراد بأن القرارات تتخذ بناء على مشورتهم وقناعاتهم وآرائهم.

·        لتدريب وتطوير أعضائه

·        لاكتشاف المواهب والقدرات والكفاءات ولتبادل الخبرات والمعلومات

·        لتحقيق التآلف بين الأعضاء ومساعدتهم للعمل بروح الفريق

 

ومع وجود مثل هذه الأهمية وغيرها الكثير إلا أن للاجتماعات سلبيات عديدة يأتي على رأس القائمة

·        عدم استطاعة المسئول إنجاز أي عمل سوى إدارة هذه الاجتماعات

·        تستنفد وقت المدير في أية جهة من جهات العمل

·        تكلف كثيراً من الجهد والوقت والمال

 

بل نجد أن بعض الأعضاء المشاركين في هذه الاجتماعات قد وصل بهم الحال إلى أن فقدوا ثقتهم بدورها وتأثيرها.

 

وأقول للمسئولين بالأجهزة الحكومية أو الموظفين الذين يتفانون في عقد الاجتماعات بأن العمل أمانة وولي الأمر أسند إليكم القيام بهذا العمل لقضاء مصالح الناس وحل مشاكلهم، وإنهاء معاملاتهم إننا نطالب بتفعيل الرقابة الإدارية وإنشاء إدارات تدافع عن حقوق المواطن أسوة بإدارة حقوق الإنسان وتحث بل تجبر أمثال هؤلاء المسئولين على تعديل أسلوب معاملتهم، والتحول إلى سياسة الباب المفتوح ولا تنسوا بأن المراجع في جميع أجهزة الدولة يقوم بدفع رسوم للخدمات ألمؤداه له وبالتالي فإنه من واجبكم التعامل معهم بمنتهى المسئولية والجدية وأن ترشدوهم أو تدلوهم لإتباع أبسط الإجراءات بعيداً عن التعقيد والروتين

 

إن سمو الأمير المفدى مع كثرة أعماله ومشاغله الداخلية والخارجية قد حدد يوم الخميس ويوم الأحد من كل أسبوع لمقابلة المواطنين والجلوس معهم وقضاء حوائجهم وحتى عندما يكون خارج البلاد فإن سمو ولي العهد الأمين يحل محله في هذين اليومين فلماذا لا تأخذوا من سمو أميرنا المفدى وسمو ولي عهده الأمين القدوة في معاملة الناس. وفي نفس الوقت نجد بأن المملكة العربية السعودية أصدرت أمراً سامياً من الملك للوزراء بتخصيص يومين أو يوماً على الأقل في الأسبوع لمقابلة المراجعين. أما إذا كان ولا بد من عقد الاجتماعات فلماذا لا يتم عقدها من بعد صلاة الظهر ويتم إعلام الجمهور بمواعيد مقابلات المسئول معهم حتى يكونوا على دراية بهذا الأمر بدلاً من حضورهم وهدر وقتهم بلا فائدة أما إذا كانت هذه الاجتماعات مدفوعة الأجر أي لها بدل فلماذا لا تتم في المساء لأن هذا الأجر المدفوع هو أجر عن عمل إضافي ولهذا لا يصح عقده في أوقات الدوام الرسمي

 

وفي الختام نقول بأن الجلوس في مكتب مدير مكتب المسئول بالساعات الطوال له فوائد كثيرة من أهمها عقد صداقات قوية مع المراجعين الآخرين الذين يشاركونك الهموم وفي نفس الوقت التعرف عن قرب بفراش المسئول الذي يستطيع إن أراد أن ينهي معاملتك بدون أن تذل نفسك بطلب مقابلة المسئول.

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع