معالي رئيس مجلس الوزراء .. الصناعية تناديكم

 

معالي رئيس مجلس الوزراء .. الصناعية تناديكم

تم النشر بتاريخ 16/5/2010

أعلنت دولة قطر، في بداية السبعينات من القرن الماضي، عن عزمها بإنشاء منطقة صناعية لمدينة الدوحة وأنها ستقوم باستصلاح أراضي تلك المنطقة وإعدادها وتقسيمها إلى قطع مختلفة الأحجام. واستبشر رجال الأعمال القطريين خيراً وبدئوا بتقديم أوراقهم لحجز الأراضي المناسبة لهم في تلك المنطقة ولكن الكثيرين منهم تم إشعارهم برفض طلباتهم لأن جميع الأراضي قد تم توزيعها.

 

إننا لا نرغب في مناقشة كيف تم توزيع تلك الأراضي ولمن ذهبت معظمها، مع معرفتنا بتلك الأمور، لأنها وببساطة حدثت في الماضي، ولكن الحديث سيتركز على الحاضر والمستقبل

 

إن إنشاء المناطق الصناعية، كما هو معروف عالمياً، يحقق فوائد كثيرة لقطاع الأعمال بشكل عام وللقطاع الصناعي بشكل خاص، فهي تخلق البيئة المناسبة لازدهار وتطور مختلف الصناعات، وفي نفس الوقت تخفف من الازدحام والتلوث داخل الكتل العمرانية ولا ننسى بأن استغلال الخدمات والتسهيلات المتاحة ضمن المناطق الصناعية كالمرافق العامة وغيرها سينعكس على خفض التكاليف الاستثمارية ومن ثم سيؤدي إلى تخفيض تكلفة الإنتاج الذي سينعكس إيجابياً على تقوية قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة في الأسواق المفتوحة مما يؤدي في النهاية إلى تعزيز فاعلية السياسة الاقتصادية للدولة. ولقد فعلت دولة قطر خيراً عندما تبنت إنشاء منطقة الدوحة الصناعية كحافز من الحوافز الهامة تسهيلاً من الحكومة على رجال الأعمال لتقليص نفقاتهم

 

ولكن هذا المشروع الذي شارف عمره الزمني على الأربعة عقود حاد عن الطريق الذي رسمته الحكومة له وبه أصبح معوقاً خطيراً وحتى يكون كلامنا واقعياً فلنأخذ على سبيل المثال قرار وزير الشؤون البلدية والزراعة رقم (37) لسنة 1990 بشأن إنشاء وتنظيم المناطق الصناعية خارج المدن والقرى وتأجير أراضيها والذي يعتبر هو المنظم للعمل داخل منطقة الدوحة الصناعية وكيف تم استخدامه من البعض لتحقيق مآربهم الخاصة على حساب المصلحة العامة

 

ولنبدأ بالمادة (2) التي تؤكد على أن أراضي المنطقة الصناعية من الأملاك الخاصة للدولة، ولا يجوز لأي شخص طبيعي أو معنوي الاستيلاء عليها أو حيازتها أو وضع اليد على أراضيها أو شغلها بأي صفة كانت إلا بطريق الإيجار. إن أراضي المنطقة الصناعية، وكما نراها، هي أراضي خاصة للأفراد والدليل على ذلك هو قيام هؤلاء الأفراد ببيعها إلى الآخرين بمبالغ خيالية وصلت أسعار بعض القطع فيها إلى أكثر من خمسين مليون طبعاً نحن نتحدث بالريال القطري وليس بالروبية الهندية والمعروف أن الذي يملك هو الذي يستطيع البيع وليس العكس فكيف يحدث هذا الأمر والمادة (2) واضحة وغير قابلة للتأويل والمؤسف أن يحدث ذلك بعلم ومعرفة إدارة المناطق الصناعية التابعة لوزارة البلدية والتخطيط العمراني بحجة التنازل للغير وأن ما تم شراؤه هو المنشآت القائمة على الأرض علماً بأن بعض الأراضي التي بيعت لم يكن متواجداً عليها وقت البيع طابوقة واحدة

 

مادة (3) لا يجوز استعمال الأراضي المؤجرة بالمنطقة الصناعية إلا للأغراض المحددة بالقرار الوزاري. ولقد تم تقسيم المنطقة عند إنشائها إلى تسعة أقسام روعي في تخطيطها تجميع كل نشاط على حدة ما عدا منطقة واحدة متعددة الأغراض وذلك على أساس وضع جميع الصناعات التي تتشابه اختصاصاتها وتتشابك مدخلاتها ومخرجاتها بهدف تكامل هذه الصناعات فينعكس ذلك إيجاباً في ضمان نقل وتوطين التكنولوجيا ولكننا نشهد على أرض الواقع تغييب كامل لهذا الهدف ففي قسم النجارة، مثلاً، نجد الطابوق والمخازن والكراجات ومساكن العمال .. الخ

 

أما المادة (8) فهي تحدد القيمة الإيجارية السنوية للأرض المؤجرة على أساس نصف ريال للمتر المربع الواحد ، وتدفع القيمة الإيجارية مقدماً في بداية كل سنة ميلادية طيلة مدة العقد. وكما سبق القول مني بأن هدف الدولة طموح جداً وعندما حددت السعر كان الهدف منه تخفيض التكاليف الاستثمارية الذي سيؤدي إلى تخفيض تكلفة الإنتاج ولكن المنتفعين من حب الدولة لشعبها ومن تفسيرهم للمادة (14) قاموا بتأجيرها بمبالغ خيالية ففي حين أن العائد على الدولة من الأرض ذات المساحة 000ر3 هو 500ر1 ريال في السنة علماً بأن الدولة تقوم من طرفها بصرف عشرات الملايين من الريالات القطرية سنوياً لإدارة وتنظيم وتوفير مختلف الخدمات لهذه المنطقة بينما يحقق المستأجر عن طريق التأجير من الباطن مبلغاً من المال، يبلغ في أحيان كثيرة، أكثر من المليون ونصف المليون ريالاً قطرياً في السنة لنفس المساحة وبدون أن ينفق درهماً واحداً في الأرض، اللهم لا حسد، ولكني أرى أن تعود هذه المبالغ للدولة أفضل من جيوب الاستغلاليين.

 

أما تطبيق المادة (9) والتي تنص على أن التأخير في سداد الإيجار سنة كاملة، يعتبر العقد منتهياً بقوة القانون وتسترد الوزارة الأرض المؤجرة فهو أمر غير وارد فهناك العشرات من المستأجرين المتخلفين عن سداد الإيجار، مع قلة مبالغها، مدة تزيد على السنة ومع ذلك لم تسحب منهم الأراضي وربما مرد ذلك إلى أن أصحابها من الأسماء الرنانة في المجتمع ولكن الذي أعرفه من أخي معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن القانون والقرارات الحكومية أياً كان مصدرها تسري على الجميع بدون تفرقة وهذا عهدنا به دائماً


ونأتي إلى المادة (11) والتي حدد فيها المشرع المدد الزمنية من إبرام عقد الإيجار حتى إنهاء أعمال البناء والتي نقول عنها بأن هناك تجاوزات كبيرة لهذه المادة ولا يوجد مستأجر لم يخالفها والدليل على ذلك وجود مساحات كبيرة في المنطقة فارغة أو على الأقل مبني فيها السور الخارجي فقط ولا تزال تلك الأراضي تحت سيطرة المستأجرين الذين ضربوا بهذه المادة عرض الحائط ولم يقوموا بالبناء أو بتطوير تلك القطع

 

والمادة (14) سمحت بالكسب غير المشروع عندما نصت على أنه يجوز للمستأجر الأصلي التنازل عن الأرض المؤجرة إليه كلها أو بعضها، أو تأجيرها من الباطن كلها أو بعضها في حين أنها حرمت فئة كبيرة من المستثمرين من إيجاد الموقع المناسب حسب السعر الرسمي المقرر بالمادة (8) وأجبرتهم الظروف على التأجير بأسعار مبالغ فيها مما جعل تكلفة الإنتاج تصل إلى مستويات عليا وتم تحميلها على المستهلك البسيط وحرم المنشآت من القدرة على التنافس الخارجي بل نجد وللأسف أن المادة (15) تمنح مكافأة لمن يبيع الأرض الحكومية (بحجة بيع المنشآت) بجواز استئجار أرض أخرى بعد خمس سنوات

 

إنني أتوجه إلى معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي أعرفه عن قرب بصفته الأولى بأنه قطري أصلي حتى النخاع ويحب الخير لأهل قطر وبصفته رئيساً لمجلس الوزراء وبصفته الوزير الذي أصدر القرار الوزاري رقم (37) بشأن إنشاء وتنظيم المناطق الصناعية عندما كان وزيراً للبلدية بالتحقق والتحقيق في موضوع منطقة الدوحة الصناعية حتى لا تخرج عن كونها أداة إيجابية أنشأتها الدولة لدعم وتشجيع القطاع الصناعي والخدمي إلى أداة سلبية تتحمل الدولة والمجتمع ما قد يتمخض منها. علماً بأن القرار الوزاري يتيح لوزير الشئون البلدية والزراعة إخلاء المستأجر من الأرض المستأجرة إذا خالف أحكام وشروط هذا القرار الوزاري وفي الكثير من المواد تذكر عبارة "وينفذ الإغلاق إدارياً دون أن يحق للمستأجر المطالبة بالتعويض"

 

وكما تعلمون معاليكم بأن إنشاء وتطوير المناطق الصناعية لا يتطلب فقط التوجيهات المستمرة، بالرغم من ضرورتها بل يتطلب أيضاً اتخاذ خطوات عملية كثيرة ومستمرة من الحكومة ومن القائمين على تنفيذ هذه التوجيهات.

 

وفي الختام نقول إنه لا يرضيني ولا يرضي المجتمع أن يتم التلاعب بالقوانين والقرارات الحكومية المنظمة لحياة الفرد والجماعة واستغلالها بصورة بشعة لتحقيق كسب شخصي غير مشروع بل نريد أن ينتفع المجتمع أقصى انتفاع من الدعم الحكومي الموجه للصناعة والذي سيقود بالتالي إلى نشأة قطاع اقتصادي قطري قوي

 

*****

أخي سعادة الشيخ ناصر بن حمد آل ثاني عضو مجلس الإدارة والمدير العام لشركة قطر ستيل وكما لاحظت فإننا لم نتحدث عن نقص الكميات بل كنا نتحدث عن الحديد القطري وأسعاره المحلية التي وصلت إلى 3700 ريال قطري وكيف يتم رفع أسعاره بدون الرجوع للجهات المخولة وفي نفس الوقت مناقشة دور وزارة الأعمال والتجارة بوزيرها الذي احترمه وأقدره ووكيلها المساعد صاحب الأيادي البيضاء الذي، لأخلاقه الحميدة، يفرض احترامه على الجميع. سؤال بريء جداً: كم تصل قيمة شحن ونقل حديد التسليح من موقع المصنع في مسيعيد إلى مدينة جدة وبعد أن تصل إلى إجابة فالرجاء فتح الموقع الرسمي لوزارة التجارة والصناعة السعودية (الأمر الذي لم تقم به وزارة الأعمال والتجارة القطرية) على الرابط التالي http://www.commerce.gov.sa/iron/

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع