الحديد القطري وحماية المستهلكين

 

الحديد القطري وحماية المستهلكين

تم النشر بتاريخ 9/5/2010

بتاريخ 5/4/2010 طالعتنا الصحف القطرية بخبر أذهل الناس من مواطنين وغيرهم وذلك عندما أخلى تجار الحديد والمقاولون مسؤوليتهم من رفع أسعار الحديد، وبينت جريدة الشرق بأن سعر طن الحديد قد قفز إلى 2800 ريال أي بزيادة 10 % منذ بداية شهر أبريل 2010 ولحقتها زيادة أخرى في نهاية شهر أبريل جعلت الأسعار تقفز وتتجاوز الثلاثة آلاف ريال قطري أما مع بداية شهر مايو الحالي فقد وصلت الأسعار إلى 3700 ريال قطري أي بزيادة وصلت إلى حوالي 70 % عن أسعار شهر مارس 2010.

 

الذهول الذي أصاب الناس ليس برفع أسعار الحديد عدة مرات ولكن بسبب قيام الشركة المصنعة بوضع قوائم جديدة لأسعار الحديد المحلي ونشرها على التجار بدون الإشارة إلى موافقة وزارة الأعمال والتجارة على هذه الزيادة وكأن الشركة المصنعة هي الوزارة وهي الوزير وهذا الأمر غير مستغرب لأن الحكومة قدمت للشركة المصنعة ميزات هي أكبر من حجمها مما خلق لديها الشعور بأنها أعلى من السلطة التنفيذية في البلاد

 

فعلى سبيل المثال فأن الدولة قدمت للشركة المصنعة:

·        الأرض التي أقيم عليها المصنع بإيجار رمزي لا يكاد يذكر

·        وفرت ضمانة القرض الدولي لإنشاء المصنع

·        وفرت الغاز والكهرباء والماء بأسعار مدعومة

·        إصدار القوانين لإعطائها احتكاراً لبيع الحديد في السوق المحلي

·        فرضت ضرائب ورسوم جمركية على الحديد المستورد حتى يصبح سعره أعلى من المحلي

·        الإعفاء من دفع ضريبة الدخل

 

لقد أعطت الحكومة القطرية الشركة المصنعة الكثير والكثير من الحوافز المتنوعة. وهذا يعني بأن الأرباح المحققة من عمليات الإنتاج ما كان لها أن يكتب لها النجاح سوى بالدعم الحكومي وفي الأخير تقوم الشركة المصنعة بضرب الشعب الذي تقوم الحكومة برعايته وتوفير سبل العيش الكريم له

 

إننا نعرف كما يعرف جميع المتعاملين بالسوق العالمي بأن هناك زيادة كبيرة طرأت مع بداية شهر مارس 2010 في تكاليف عناصر التصنيع الرئيسية، ومع ذلك نجد أن الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) تؤكد التزامها بتطبيق أسعار منتجات الحديد التي أعلنتها منذ بداية شهر مارس 2010 ومتابعتها الحثيثة للتأكد من التزام جميع موزعيها المعتمدين بالأسعار الرسمية في جميع نقاط البيع بمختلف المدن السعودية وذكر الرئيس التنفيذي لشركة سابك لجريدة "الوطن السعودية" أن سابك شركة وطنية، تسعى إلى المحافظة على السوق".

 

وعندما شهدت الأسواق السعودية شحاً كبيراً في الحديد المستورد وارتفع سعر طن الحديد الواحد في شهر مارس من 2100 ريال إلى 2600 ريال قامت وزارة التجارة والصناعة السعودية وفي الحال بإصدار نشرة بأسعار حديد التسليح (مقاس 8 ملم 2410 ريالات، مقاس 10 ملم 2370 ريالا، مقاس 12 ملم 2230 ريالا، مقاس 14 ملم 2210 ريالات، فيما يبلغ سعره لمقاسي 16 و 32 ملم 2200 ريال) تبع هذا الأمر قراراً أصدره وزير التجارة والصناعة السعودي بتحديد عقوبات الامتناع عن بيع حديد التسليح المصنع محلياً أو المستورد أو البيع بزيادة عن الأسعار المحددة والمعلنة.

 

أما في قطر فعندنا وزارة والحمد لله تسعى جاهدة أن تكون مغيبة عن أي قرار متعلق بحماية المستهلك وشاطره في زيادة أعباء المستهلكين برفعها لرسوم الخدمات ألمؤداه من قبلها مثل رسوم الرخص التجارية والتأشير والشطب والإضافة في السجل التجاري .. الخ. وعندما سئل سعادة وزير الأعمال والتجارة القطري في برنامج "ولكم القرار" عن أسباب عدم الموافقة على إنشاء جمعية حماية المستهلك (المغلوب على أمره) ذكر بأنه لا توجد حاجة لإنشاء الجمعية وأن الوزارة تقوم بهذا الدور بشكل فعال ولكني، من وجهة نظري الخاصة، أرى بأن وزارة‏ الأعمال والتجارة لم تفعل شيء وللأسف لن تفعل شيئاً وأن رفع الأسعار أصبح حق مشروع لكل تاجر أو منتج لأنهم وجدوا أن السكوت من الوزارة هي علامة الرضا وهذا في جميع أنواع السلع وليس الحديد فقط والدليل على ذلك وجود الاختلاف الكبير في أسعار السلعة الواحدة بين المجمعات والأسواق التجارية وموافقة الوزارة بشكل غير علني على هذا الاختلاف عن طريق قيامهم بنشر الأسعار المقارنة للسلعة الواحدة بين المجمعات والأسواق التجارية وكأنهم يروجون لهذا المجمع وذلك السوق

 

إن قيام الشركة المصنعة للحديد برفع الأسعار وكأنها شركه أجنبيه وليست وطنيه تسعى لتحقيق الربح المادي على حساب الوطن والمواطن لهو أمر خطير جداً وسيؤثر على التكلفة الإجمالية للمشاريع التي يتم تنفيذها في الوقت الحاضر وسينتج من هذا الأمر تكراراً للأحداث المؤسفة التي شهدتها شركات المقاولات منذ سنوات ليست بالبعيدة من عجز وخسارة وإفلاس وما تحمله المجتمع من جراء تلك الأحداث

 

إن الشركة المصنعة للحديد وللأسف لديها سعران تتعامل بهما في الأسواق:

·        سعر بيع للحديد في السوق المحلي وهو الأغلى لأنها هي المهيمنة عليه ولا ينافسها أي مصنع آخر من خارج الحدود بسبب الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على المستورد

·        سعر بيع للحديد في أسواق الدول المجاورة وهو الأرخص (أقل من أسعار السوق المحلي بواقع لا يقل عن 15 – 20 %) لأنها تلقى المنافسة من الأسواق العالمية ولا يوجد لها حماية من الحكومة القطرية من تلك المنافسة الشرسة

 

وعرفت الشركة المصنعة عن قيام بعض القطريين باستيراد الحديد القطري من الدول المجاورة لأنه الأرخص فقامت، بدافع الحسد والأنانية، بوضع مخلص جمركي تابع لها في مركز أبو سمرة يشرف على تصدير الحديد القطري ويمنع إعادة إدخال الحديد القطري إلى قطر لإجبار القطريين والشركات القطرية على الشراء المحلي منها فقط وبأسعار عالية

 

وفي هذا المقام فإننا نطالب الشركة المصنعة ببيع حديد التسليح بنفس الأسعار التي تفرضها في الدول المجاورة أو على الأقل قيام الحكومة بإلغاء الضرائب والرسوم الجمركية عن الحديد التركي والأوكراني والصيني أو أي حديد من المصادر المختلفة على أن تقوم وزارة البيئة القطرية بأجهزتها المتعددة بفحص هذا الحديد المستورد لتقرير مدى مطابقته للشروط والمواصفات العالمية. إن الشروط العالمية لإعطاء أي شركة احتكاراً لبيع أي سلعة في السوق المحلي هو توافر ثلاثة عناصر مجتمعة: أن يغطي إنتاج السلعة الطلب المحلي ويزيد، أن تكون السلعة بنفس جودة السلعة المستوردة أو تزيد، أن تكون أسعار السلعة بنفس أسعار السلعة المستوردة أو تقل. ونجد أن عنصرين فقط من تلك العناصر هو المتوفر وهذا في حد ذاته لا يتيح للشركة المصنعة التحكم بالسوق المحلي

 

إننا مؤمنين إيماناً يقيناً ولا نشك لحظة بأن سمو الأمير المفدى يدعم ويؤمن ويبذل كل جهد لمصلحة الوطن والمواطن يساعده في ذلك سمو ولي العهد الأمين ومعالي رئيس مجلس الوزراء وسعادة نائبه ونأمل من الله العلي القدير أن يقوموا بردع من تسول له نفسه، من قريب أو بعيد، بأذية الوطن والمواطن في بحثهم عن لقمة العيش الكريمة

 

وفي هذا المقام فأني أقترح

·        تنظيم أسعار السلع وتوحيدها في المجمعات والأسواق أو المحلات ووضع رقابة مشددة عليها

·        توقيع عقوبات رادعة تصل الي حد الإغلاق لمن يخالف قرارات حماية المستهلك ويتلاعب بالأسعار

·        تشكيل لجان دائمة من حماية المستهلك للمرور علي المحلات والأسواق ويكون لها سلطة الضبطية القضائية لضبط المخالفين واحالتهم لمحاكمة عاجلة لوضع حد لهذا الجشع واستغلال المواطنين والمقيمين

·        وضع رقابة شديدة على أعمال إدارة حماية المستهلك نفسها فالادارة، من وجهة نظري وقد أكون مخطأً، غير مفعلة بالشكل المطلوب وتحتاج الى بذل مزيد من الجهد للحد من استغلال المستهلك من قبل الجشعين

·        توعية المستهلك والجمهور لمعاونة إدارة حماية المستهلك بالإبلاغ عن كل من يعمل على زيادة الأسعار بطريقة غير شرعية

·        الاسراع في انشاء جمعية أو جمعيات لحماية المستهلك لأنها مسألة مهمة باعتبار انها آلية من آليات اقتصاد السوق الحر

 

ولنكاتف جميعنا لنجعل من كلمات سمو الأمير المفدى حقيقة على أرض الواقع حينما قال في أحدى خطبه"وستستمر الحكومة في اتخاذ الإجراءات الضرورية اللازمة .. للهبوط بمستوى الأسعار ورفع القوة الشرائية للدخل الفردي"


والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع