ديمقراطية سمو الأمير .. وموضوع بيوت البر

 

ديمقراطية سمو الأمير .. وموضوع بيوت البر

تم النشر بتاريخ 18/4/2010

كنت قد قررت، بعد كتابة خمس مقالات دسمة في موضوع بيوت البر، أن أفرمل أو أتوقف عن الكتابة في نفس الموضوع، حتى أعطي فرصة للسلطة العليا لدراسة موضوع الشكوى والبت فيها والذي أتوقع، كما عهدنا من أصحاب السلطة العليا، أن يكون توجههم يصب في صالح المواطنين. ولكني عندما بدأت بالكتابة من جديد في مواضيع تخص المجتمع ككل قابلني شخص لم أصادفه منذ مدة طويلة وبعد السلام سألني متى ستتوب من سب الحكومة؟ قلت له الرجاء إيضاح سؤالك؟ قال ألم تشبع من التوقيف وإجراءات التحقيق معك عندما قمت بسب الحكومة في موضوع بيوت البر. قلت له الحمد لله إنني لم أتوقف من قبل الحكومة ولم تجر معي أي عملية تحقيق واحدة وتعجب هذا الشخص وقال مائة في المائة أنت مسنود من قبل سمو الأمير المفدى. قلت له وأنا مغادراً: إن سمو الأمير المفدى، وكما عرفناه عن قرب، دائماً مع الحق. وتبادر إلى ذهني في هذه اللحظة كلام رئيس لجنة بيوت البر السابق عندما قال مخاطباً آلاف المواطنين القطريين وأنا منهم بأن نزع حقوقكم كمواطنين قد تم بناءً على تعليمات من السلطة العليا.

 

فكثيراً ما يهرب الموظف الحكومي، غير الواثق من نفسه، ويختفي خلف كلمة "هذه تعليمات السلطة العليا" ويستغل هذه العبارة في كبح ردود الفعل على ظلمة، أو أي خطأ يقع فيه هو أو إدارته أو لجنته. وقد تم تكريس هذا الفكر وهذا التوجه ليصبح بأن من ينتقد أي جهة حكومية فإنه ينتقد سمو الأمير وانه في هذه الحالة ضد الوطن وأن مصيره سوف يكون السجن والتعذيب والتشريد.

 

إن حرية الرأي والتعبير هو حق طبيعي لي، ولغيري من المواطنين. وأن هذا الحق مصان بموجب مواد الدستور القطري. وتشمل حرية الرأي حق انتقاد الحكومة مهما قست أو اشتدت حدة هذا النقد، كمؤسسة أو أفراد بالنسبة لقراراتهم، وسياساتهم، وتصرفاتهم، طالما توفرت شروط إباحة مثل هذا النقد، من حيث إثبات المنتقد صحة الوقائع المسندة إلى الموظف العام، أو من في حكمه، ولكن دون انتقاده شخصيا كفرد أو التعرض لحياته الخاصة أو سمعته أو عائلته.

 

وعلى هذه الأسس، قمت بكتابة انتقاداتي للجنة بيوت البر، من رئيس وأعضاء. وكان نقدنا القاسي والحاد مبني على أسس واضحة، ولم نتجنى على أي طرف، ونملك كل المعلومات الواضحة وضوح الشمس في كبد السماء (طبعاً في النهار)، ولم نتعرض لأي طرف في شخصه، أو في حياته الخاصة، أو سمعته أو عائلته. وفي نفس الوقت فإننا مؤمنين بعدالة السلطة العليا وعلى تلك الأسس فإنني والحمد لله، لم أجهز، كما يحدث للأفراد في العديد من دول العالم ومن ضمنهم الولايات المتحدة الأمريكية، أي حقيبة بها ملابس خاصة لإقامة قصيرة أو طويلة الأمد بعيداً عن الأهل.

 

ونذكر الجميع بأنه قد ذكر في المادة (1) بأن نظام دولة قطر ديمقراطياً. والديمقراطية كلمة مركبة مِن كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Demos وتعني عامة الناس ، والثانية kratia وتعني حكم. وبهذا يكون معنى الديمقراطية Demoacratia "حكم الشعب" أو "حكم الشعب لنفسه".

 

وللديمقراطية ركنان أساسيان هما:

 

الركن الأول: حكم الأكثرية

و هي تحتوي على مفاهيم ومبادئ مصممة حتى تحافظ الأكثرية علَى قدرتها على الحكم الفعال والاستقرار والسلم الداخلي والخارجي ولمنع الأقليات من تعطيل الدولة وهي تشمل:

 

·        مبدأ تداول السلطات سلمياً.

·        مبدأ حكم الأكثرية.

·        مبدأ فصل السلطات.

·        مبدأ التمثيل والانتخاب.

·        مفهوم المعارضة الوفية.

·        مفهوم سيادة القانون.

·        مفهوم اللامركزية.

 

الركن الثاني: حماية حقوق الأقليات والأفراد

و هي تحوي مفاهيم ومبادئ مصممة لمنع الأكثرية من اضطهاد الأقليّات والأفراد والطغيان عليها. وهي تشمل:

 

·        ضمان الحقوق السياسية للأقليات والأفراد وهذه الحقوق كثيرة منها: حرية الرأي وحرية التعبير وحرية التجمع وحرية التظاهر .

·        ضمان الحقوق الدينية للأقليات و الأفراد و منها: حرية الاعتقاد وحرية العبادة .

·        ضمان الحقوق الجنائِية للأقليات و الأفراد و منها: السلامة من الاعتقال الاعتباطي والتساوي أمام القانون .

·        ضمان الحقوق المدنية للأقليات و الأفراد و منها: حرية التنقل وحقوق الملكية وتحريم التميز العنصري أو الديني أو القبلي .

·        ضمان الحقوق الاقتصادية للأقليّات و الأفراد و منها: حق العمل وحقوق الاستثمار وحق الحصول على العلاج الطبي والتعليم .

 

هذه هي الديمقراطية التي يفهمها العالم الحر، وهي نفسها التي يتبعها سمو الأمير المفدى منذ أن عرفناه كولي للعهد، وهي تلك التي خطها الدستور الدائم للبلاد لتكون نهجاً أساسياً لمسيرة دولة قطر حاضراً ومستقبلاً. حتى عندما تم إعداد الدستور الدائم لدولة قطر فإنه لم تمارس على اللجنة المكلفة بإعداده أي نوع من الضغط بل هيمن على مناقشة الأعضاء ديمقراطية صرفة تصب في مصلحة دولة قطر وشعبها حتى أن المادة (8) التي تنص بأن "حكم الدولة وراثي في عائلة آل ثاني، وفي ذرية حمد بن خليفة بن حمد بن عبد الله بن جاسم من الذكور" قد وضعت بالدستور باقتناع تام من قبل الأعضاء، وذلك للدور الذي قام به سمو الأمير المفدى والأعمال التي نفذها لصالح دولة قطر وشعبها خلال المدة البسيطة من فترة توليه مقاليد الحكم. وفي نفس الوقت حباً وتقديراً من طرف الأعضاء لما تمثله شخصية سمو الأمير كقطري متشرب من الأصول الحقيقة للمجتمع القطري. ولا ننسى بأن مبدأ الشفافية التي اتبعها سمو الأمير المفدى هي التي شجعت أعضاء اللجنة بتضمين مادة في الدستور تحدد  مخصصات الأمير السنوية. ولم يعترض سمو الأمير المفدى على ذلك، وهذا الإجراء هو عكس ما هو متبع في العديد من دول العالم حيث تعتبر مخصصات رأس السلطة التنفيذية من الأسرار العسكرية الممنوع الاقتراب منها.

 

كل ذلك يعني، بأن نهج دولة قطر منذ تسلم سمو الأمير المفدى مقاليد الحكم مبني على الصراحة والشفافية. وهذا الأمر تعزز عندما أدرجت لجنة إعداد الدستور مادة (36) الخاصة بالحرية الشخصية والمادة (47) المتعلقة بحرية الرأي والمادة (48) المركزة على حرية الصحافة. وفي نفس الوقت نجد أن المادة (37) تحدد نطاق الحرية والتي تنتهي ببداية خصوصية وحرية الآخرين، فلا يجوز تعرض أي شخص، لأي تدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو أية تدخلات تمس شرفه أو سمعته.

 

إن هذه الممارسات الحميدة التي نطبقها حالياً، كانت فعلاً موجودة، في السابق، في العلاقة بين الوطن والمواطن، ولكن طغت روح المنفعة الشخصية، والتسابق على الماديات، فأخفتها مدة من الزمن حتى وصل سمو الأمير المفدى، الذي صقل النفس بالشفافية والشعور بالمسئولية، ورفع كفاءة السلوك، لخلق الروح الوطنية المستندة على أمجاد الماضي، فهو الذي أحياها وجعل لمعنى المصلحة العامة بعداً جديداً.

 

وعندما بدأت بإجراءات تسجيل أرضي وبيتي الذي هو حلالي وملكي، والذي ورثته بموجب أحكام الشريعة الإسلامية، في مجتمع يدين بالدين الإسلامي. فوجدت العجب العجاب، وهو استخدام رئيس لجنة بيوت البر السابق لصلاحياته وسلطته التي منحته إياه الوظيفة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لتحقيق الضرر لمصالح المواطنين وليحول دون حصول المواطنين على حقوقهم.

 

إننا كمواطنين قد استطعنا، بتوفيق من الله، ومن ثم بجهود صادقة من القائمين على جريدة الشرق الذين يؤمنون إيماناً مطلقاً بمبادئ الحرية، من توصيل شكوانا إلى سمو الأمير المفدى وحكومته الرشيدة وفي فترة يسيرة، والحمد لله، سمعنا كما سمع غيرنا بأنه تم إلغاء لجنة بيوت البر وقام سمو الأمير المفدى، كما نقل لنا من جهات موثوقة، بتشكيل لجنة في الديوان الأميري تتبع له مباشرة لدراسة الموضوع. ونحن وغيرنا المئات من المواطنين ننتظر قرار سمو الأمير المفدى النهائي مؤمنين إيماناً مطلقاً بأن سموه سوف ينصف كل من له حق

 

بارك الله لنا في سمو أمير الحرية المفدى وبارك الله لنا في حكومته الرشيدة وسوف نستمر، إن شاء الله، بتوجيه النقد البناء لكل من تسول له نفسه بالتعرض للوطن والمواطن والمقيم على هذه الأرض الطاهرة التي يكفيها فخر بأن حمد أميرها وتميم ولي عهدها

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع