هل ندفن الرؤوس؟

 

هل ندفن الرؤوس؟

تم نشرها بتاريخ 11/4/2010

كتب أحد الأصدقاء يهنئني على موضوع الأسبوع الماضي قائلاً:" أهنئك على المقالة وأن ما كتبته يدل على مدى حبك لهذا الوطن بقيادته وأهله والله يوفقك ويأجرك في الدنيا والآخرة". وفي نفس الوقت يعزيني بقوله:" ولكن وللأسف كل ما ذكرته من حقائق واضحة للعيان لا تودي ولا تجيب عند المسئولين بل تمر عليهم مر السحاب لان لديهم قناعه كبيرة بأن الشخص القطري كسول من الدرجة الأولى. فمهما كانت الظروف ولكي نتطور لابد أن يقودنا الأجنبي وان يكون هو الكابتن ونحن الركاب ويأخذنا إلى ما يريد حتى الهاوية. إذن أخي الدكتور محمد يحفظك الله قم بتوفير طاقتك وعنائك لأنه لن يكون هناك مجيب حقيقي لما ذكرت "

 

وأنا أقول لهذا الصديق العزيز ولغيره ممن قرأ المقالة بأنني عندما أكتب فإنني أتمثل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طيرة وخيرها الفأل. قالوا: وما الفأل يا رسول الله ؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" وكان الرسول عليه أفضل الصلوات والتسليم يعجبه الفأل الحسن؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله. أوليس ربنا عز وجل يقول: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا {5}إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا {6}" الشرح. إن الأمور إلى الله، وإن المقادير بيد الله عز وجل، وكل ما يجري مما تحب وتكره هو بقضاء الله وقدره، وأن الله لا يقدر عبثاً، وأن الله لا يقدر ظلماً، وأن الله لا يقدر إلا بتمام رحمته التي سبقت غضبه ووسعت كل شيء.

 

لقد قامت جريدة الشرق بتاريخ 10-5-2008 بنشر تقرير مطول عن العمالة الوافدة وبالأخص الآسيوية منها وأثر ذلك على نشوء البطالة بين المواطنين في الخليج العربي ومنها دولة قطر وسبق ذلك وتلاه الكثير من التقارير التي تصب في موضوع أثر العمالة الوافدة على تعيين المواطنين وكما قال صديقي لم يكن هناك مجيب لما طرح من مواضيع تهم مستقبل هذا الشعب لأن الخطط كلها منصبة على تقطير الوظائف وليس على توظيف القطريين

 

ويطرح هذا الأمر تساؤلات هامة، مثل:

·        هل نحن فعلا بحاجة ماسة لهذه العمالة في دولة قطر؟

الجواب على ذلك نعم وألف نعم وذلك لصغر الحجم السكاني لدولة قطر وكبر المشاريع الإنمائية التي تشهدها جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

·        كيف نعرف الحاجة الفعلية للعمالة الوافدة في أي قطاع؟

الجواب عندما تكون الأعداد المتوفرة محلياً من العمالة القطرية لا تغطي المطلوب

·        متى يتم إيقاف سيل العمالة الوافدة؟

عندما تكون مشاكلهم وسلبياتهم أكبر من نفعهم وأيضاً عندما نجد أحد القطرين عاطل عن العمل أو تمت تنحيته بإيعاز بأنه لا يصلح لأداء الأعمال أو بسبب زرع الفكرة بأن القطري كسول

·        هل الوافد أكفأ من المواطن في أداء الأعمال؟

الجواب على ذلك لا وألف لا والدليل على ذلك بأن من يوجه الوافد في العمل هم من القطريين الذين يرأسهم الوافد .. ويا عجبي على الدنيا !!

·        ما الذي يميز الوافد على المواطن؟

كلمة حاضر سيدي ولو كانت كلمة حاضر سيدي على حساب مصلحة العمل ومصلحة البلاد وهي التي لا يرضى قولها المواطن الذي عاش وتربى على خير هذا البلد

·        هل هناك مميزات أخرى للوافد على المواطن؟

نعم مثل العيون الخضر والزرق ولبس البدل الإفرنجية والتي هي رمز الحضارات المتقدمة وليس العيون السود والعسلية ولبس الثياب والعقل وهي على مستوى العالم رمز التخلف والإرهاب ولا ننسى طريقة كلامهم الحلوة وطريقة كلامنا الجافة التي تنم، كما يرونها، عن سوء الخلق

 

قد تكون ظاهرة استقدام العمالة الوافدة في الفترة السابقة أملتها ظروف اقتصادية واجتماعية، ولكن أن تستمر عملية استقدام العمالة الوافدة على حساب مصلحة الوطن والمواطن فهذا أمر لا نقبله بتاتاً. وربما أكون متجاوزاً حدودي بعض الشيء ولكن الاستماع إلى مشاكل المواطنين في برنامج وطني الحبيب .. صباح الخير وما لاحظته أثناء مروري في معرض قطر المهني 2010 يعطي انطباع بأن الكثير من المواطنين يعاني من البطالة بكل أنواعها ومن تدن مستوى المعيشة ومن فقر بدأ يدق على الأبواب ومن تهديد مستمر بوصولهم إلى بوابات السجون بسبب الديون وشح السيولة النقدية لديهم والكثير من الأمور الأخرى التي لا داعي لذكرها في هذه المقالة ولسبب بسيط بأن رئيس تحرير الجريدة، بارك الله فيه، كما عودنا من قبل عدة مرات، سوف يمنع المقالة من وصولها إلى صفحة الجريدة المقروءة لأنها تسيء لسمعة القطريين في الداخل والخارج وكأن رئيس التحرير، بارك الله لنا فيه، لا يعرف ما يعاني منه المجتمع

 

إننا لا ننكر بأن للعمالة الوافدة إيجابيات عديدة مثل:

·        مشاركتها في عملية البناﺀ والتنمية الاقتصادية والاجتماعية

·        تقليصها الفترة الزمنية المطلوبة لبدء مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية

·        مساهمتها في سد النقص الكلي في العمالة الوطنية

·        تحريك وإنعاش الاقتصاد والأسواق المحلية

 

ولكن سلبياتها تفوق إيجابياتها بمراحل عديدة مثل:

·        تسرب مخزون كبير من العملات الأجنبية الصعبة إلى خارج الدولة مما لا يمكن من إعادة توظيف الأموال في الدورة الاقتصادية المحلية

·        زيادة النفقات العامة على الخدمات مثل الرعاية الصحية ، والمواصلات ، والكهرباء … واستخدام المرافق العامة بدون مقابل أو بمقابل رمزي مما يؤدي إلى ارتفاع العجز في الميزانية العامة لدولة قطر مما يحد من قدرتها على توفير فرص العمل للمواطنين والخريجين الداخلين لسوق العمل

·        إعاقة برامج تنمية الموارد البشرية في ظل تزايد أعداد العمالة الوافدة التي تقبل العمل بأجور متدنية

·        مشاكل اجتماعية كثيرة ومتنوعة بسبب هذه العمالة الوافدة مثل تفاقم معدلات الجريمة الانتحار وارتكاب جرائم السرقة والتزوير وغيرها

 

ولكن من أهم وأخطر تلك السلبيات هي:

·        طمس الهوية العربية والإسلامية للشعب القطري والتخلي عن اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم (اليابان والألمان والفرنسيين وغيرهم الكثير من دول العالم يعتزون بهويتهم ولغتهم)

·        هيمنة العمالة الوافدة واستحواذها على هيكل وتركيبة سوق العمالة

·        تفاقم مشكلة البطالة بين المواطنين القطريين

 

وفي هذا المقام فإنني أتذكر كلمات أخي وصديقي سعادة الشيخ فلاح بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير الخدمة المدنية والإسكان السابق عندما سألته إذا تقدم إليكم قطري وغير قطري متساوون في المستوى التعليمي ولكن القطري ليس له خبرة سابقة في مجال الوظيفة قال من حق القطري علينا أن نوفر له الوظيفة وأن نرفع من مستواه وان نوفر له سبل النجاح الممكنة ليقوم بأعباء الوظيفة على خير وجه. وسألته وكأنني لا أعرف مدلولات إجابته: لماذا ؟ فأجاب بسرعة وعفوية لأن تعيين القطري يمكنه من الزواج ومن ثم يستطيع أن ينشئ أسرة مستقرة مما ينعكس هذا الأثر على استقرار المجتمع والاقتصاد القطري ككل .. بارك الله فيك يا أبا محمد وبارك الله في كل من يفكر في مصلحة المجتمع القطري.

 

ما هو الحل إذاً؟

الحل بسيط جداً ويمكن أن ينفذ فوراً وبدون أية مشاكل تذكر ولكن أياً كان الحل المطلوب فإنه يحتاج إلى إرادة قطرية قوية وإلى قطري صاحب قرار يستطيع مواجهة القطريين الذين يتوسطون لغير القطريين ضد مصلحة إخوانهم القطريين العاطلين في بقاء غير القطريين في وظائفهم ومناصبهم وتنحية القطريين من أي وظيفة محتملة. وإلى أن يأتي صاحب هذه الإرادة والقرار ستبقى الأمور بدون حل قابل للتطبيق

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع