دخول وخروج الوافدين

 

دخول وخروج الوافدين

ربما يجد القارئ أن مقالة اليوم هي أقصر من المقالات السابقة وهذا يرجع إلى سياسة جريدة الشرق الجديدة التي أجبرت كتاب الأعمدة على عدد معين من الحروف، وإذا زادت فإنها ستقوم بعملية قطع ولزق بالمقالات مما سيشوهها.
بعد طول انتظار من الترقب والقيل والقال لقانون الكفالات الجديد، قام سمو أمير البلاد المفدى، بتاريخ 27 /10 /2015، بإصدار القانون رقم (21) لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم. وقمت بقراءة هذا القانون، وفي نفس الوقت، قمت بمقارنته بمواد القانون رقم (4) لسنة 2009 "الملغى" لأعرف ما تم حذفه وما هي الإضافات الجديدة التي من المحتمل أن تعكر على المواطنين معيشتهم. ومواد القانون الجديد، بصفة عامة، تتشابه مع القانون القديم مع تغيير في الصياغة والترتيب، وتمت إضافة مادتين وتعديل مادة واحدة. والملاحظ أن المشرع قام بحذف كل ما له علاقة بمسئولية الكفيل عما يترتب من التزامات في ذمة مكفوله الوافد، وفي هذا وجب شكر المشرع على ذلك لأنه أزاح هماً كبيراً عن أصحاب العمل.
إن الإضافات التي حواها القانون الجديد هي إضافات خطرة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند إعداد اللائحة التنفيذية المزمع إصدارها لاحقاً. والإضافات الجديدة هي كالتالي:
أولاً: تغيير جهة العمل: اشترك القانون الجديد مع القديم في جواز قيام الوزير، أو من ينيبه، بنقل الوافد، بصفة مؤقتة أو دائمة، لجهة أخرى وذلك في حالة وجود دعاوى أو تعسف بين العامل والكفيل. ولكن القانون لجديد أضاف أنه يجوز "انتقال الوافد إلى صاحب عمل آخر فور انتهاء مدة عقد العمل المحدد المدة، أو بعد مضي خمس سنوات على اشتغاله مع صاحب العمل إذا كان العقد غير محدد المدة". ولكن المشرع، بقصد أو بدون قصد، ألغى هذه الإضافة بمجرد إيراد النص التالي: "ويجوز للوافد، بعد موافقة الجهة المختصة، العودة إلى الدولة، إذا توافرت فيه الشروط اللازمة للدخول". واستناداً على ذلك فإن الوافد يستطيع إنهاء العقد بعد وصوله وذلك بتقديمه استقالته ومن ثم مغادرته أراضي الدولة والقدوم مرة أخرى، بعد يوم من المغادرة، على كفيل جديد. وبما أن العمل أسرار، وبما أن المشرع نص على أنه "في جميع الأحوال، لا يجوز الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل المستقدم، بموجب أحكام قانون العمل، أو عقد العمل المبرم"، فإنه من الجيد أن تراعي اللائحة أنه لا يجوز للوافد المغادر الرجوع للبلاد إلا بعد انتهاء فترة التعاقد الأصلية. بمعنى أن الوافد إذا كان متعاقدا لسنتين وغادر بعد ستة أشهر فلا يعود إلا بعد سنة ونصف السنة، وهي فترة إتمام العقد الأصلي.
ثانياً: إجراءات الخروج: في القانون القديم ذكر أنه يتعين ان يكون اذن الخروج موقعاً من الكفيل، أما القانون الجديد فقد ذكر أن على الوافد للعمل إبلاغ "الجهة المختصة (ويقصد بها الوحدة الإدارية المختصة بوزارة الداخلية) عن كل واقعة خروج من الدولة قبل موعدها بثلاثة أيام عمل على الأقل". وتواصل المادة (7) القول انه "في حالة الاعتراض على الخروج من المستقدم أو الجهة المختصة، يكون للوافد للعمل اللجوء إلى لجنة تظلمات خروج الوافدين" (لجنة جديدة). والسؤال: هل المكفول يعمل لدى الوزارة أم لصاحب العمل؟ كيف يتم الاعتراض على واقعة الخروج وصاحب العمل لم يستلمها؟ هل الوزارة لديها علم بسلفيات وعهد المكفول والتزاماته؟ المفروض أن تنص اللائحة التنفيذية أنه في حالة طلب الخروج أن يتقدم أولاً لجهة عمله فإذا رفضت فعندها يرسل لها خطاب بعلم الوصول وفي حالة لم تبت جهة العمل بالموضوع خلال ثلاثة أيام عمل (أو يوم واحد في حالة حدوث ظرف طارئ للوافد) عندها فقط يتقدم لجهة الاختصاص. وبهذا سيتسنى لجميع الأطراف المحافظة على حقوقهم.
ثالثاً: العودة لقطر: حدد القانون القديم الرجوع لمن سبقت له الاقامة في الدولة للعمل بعد مرور سنتين من تاريخ المغادرة. أما القانون الجديد فلم يذكر أي شيء في هذا الخصوص (ما عدا إذا فُصل العامل تأديبياً أو صدر حكم قضائي بإبعاده). وفي هذا مشكلة على صاحب العمل فالوافد في هذه الحالة يستطيع، لإنهاء العقد المبرم مع كفيله، المغادرة والقدوم بعد يوم واحد للكفيل الجديد (انظر أولاً).
وفي الختام نقول أن القانون الجديد حوى الكثير من الأمور الجيدة، ما عدا ما ذكرناه، والتي من الممكن تقنينها باللائحة التنفيذية، وبه تحققت العدالة بين صاحب العمل والمكفول، وبه ومع نظام حماية الأجور، سيفشل مسعى بعض المتكسبين من تجار الفيز ومن محصلي الأتاوات التي كانت تفرض على الوافدين في حلهم وترحالهم..
والله من وراء القصد.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع