مشكلة صعبة وحلها سهل

 

مشكلة صعبة وحلها سهل

إن السجل التجاري، كما أعرفه، هو موافقة الدولة على قيام شخص، أو مجموعة أشخاص، بمزاولة نشاط اقتصادي معين تحت مسمى خاص وهو اسم شهرة لذلك النشاط. وتختلف الرسوم المستحقة حسب نوع النشاط المطلوب ممارسته. وينقسم السجل التجاري إلى قسمين: 1. سجل تجاري رئيسي. 2. سجل تجاري فرعي. أما الرخصة التجارية فهي صدور ترخيص من الدولة بأن موقع المؤسسة أو الشركة مجهز بكامل التجهيزات من وسائل الدفاع المدني والأثاث واللوحات الخارجية، وأنه صالح لممارسة النشاط من خلاله. ولكن هذا المفهوم خالطه، في بعض جوانبه، بعض اللبس من جانب عدد من الموظفين القائمين على الترخيص. فحسب القوانين المنظمة فإن السجل التجاري لم يطلب إلزامية تحديد موقع معين للمنشأة وحتى في متطلبات الترخيص لم تحدد مساحة معينة لمكاتب الشركة أو المؤسسة أو عدد الفروع الممكن استيعابها في نفس الموقع. ومع ذلك يصر القائمون على شؤون الترخيص أن تقوم الشركة بتخصيص موقع قائم منفصل لكل فرع من الفروع. وهنا يبرز سؤال مهم: لماذا؟
إن إجبار الشركات وفروعها على الحصول على مكاتب بشكل منفصل، وعلى شوارع تجارية فقط، بهدف ترخيصها ترخيصاً تجارياً أدى إلى: 1. ضعف الرقابة الإدارية والمالية لتشتت مكاتب الشركة وفروعها. 2. ضياع وقت صاحب الشركة في التنقل ما بين المكاتب وبالأخص في وقت الذروة، وكما هو معروف، أن الوقت مال. 3. كثرة الطلب على المكاتب التجارية وقلة المعروض. 4. زيادة غير مبررة في القيمة التأجيرية بسبب قلة المعروض. 5. زيادة التكاليف على الشركات مما يؤدي إلى زيادة أسعار المنتج أو الخدمة على المستهلك. إن الإجراءات المعمول بها الآن، وبحسب معطيات عصرنا الحالي، قد عفا عليها الزمن وأصبح موقع المكتب له أهمية قليلة بالمقارنة مع أنشطة الشركة. ففي دبي، على سبيل المثال لا الحصر، يحق لأي مواطن لديه رخصة إضافة فرع أو فروع جديدة إلى نفس الموقع طالما أن المساحة تتجاوز 500 قدم مربعة (حوالي 48 متراً مربعاً) أو بمعنى آخر مكتب يبلغ حجمه 6 أمتار × 8 أمتار). وأيضاً من حق المواطن تسجيل عدة رخص تجارية (لعدة شركات أخرى) لموقع واحد، وكل المطلوب هو إرفاق موافقة الشركاء الذين يشغلون المكتب حالياً. وهذا يعني أن كل شركة أو فرع يحق لها إشغال غرفة واحدة من العقار المرخص. ونجد أيضاً أن الشركات تستطيع تسجيل نفسها من خلال وكيل رسمي في نفس موقع الوكيل، بل ان الشركات تستطيع أن تحصل على سجل ورخصة تجارية من خلال مكتب من مكاتب مراكز الأعمال حيث مساحة المكاتب لا تزيد على 9 أمتار مربعة (3 أمتار × 3 أمتار). ولا ننسى أن الكثير من الأنشطة التجارية لا تحتاج إلى مكاتب بل تكتفي بمركز ممثل يتسلم البريد والمخاطبات ويشعر صاحب الشركة بذلك ليأتي لاستلامها، أو يتم إرسالها عبر مراسل خاص أو بالبريد الإلكتروني.
إن تغيير أنماط الموقع ليتلاءم مع المعطيات الحديثة أمر مهم، فبهذه الطريقة سيزيد المعروض على المطلوب مما سيقلل من الإيجارات، والتي بدورها ستخفض أسعار السلع والخدمات على المستهلك. فعلى سبيل المثال لو أن شركة لديها سجل تجاري ومسجل فيه 3 فروع فإنها تحتاج إلى أربعة مبان منفصلة، كل مكتب لا يقل عن 100 متر مربع، بمعدل إيجار لا يقل عن 000ر10 ريال شهرياً. وهذا يعني أن الشركة تصرف على إيجارات المكاتب 000ر40 ريال شهرياً بالإضافة إلى الكهرباء والماء والتليفون وشبكة الإنترنت. في حين أنه لو طبق النظام المعمول به في دبي أو في بعض الدول الأخرى فإن الحاجة تصبح لمكتب واحد فقط. وهذا يعني توفير مبلغ 000ر30 ريال قطري إيجارا شهريا وما يتبع ذلك من مصروفات على الخدمات، بالإضافة إلى الاستغناء عن ثلاثة مكاتب. إن هذا الإجراء وهذا الوفر في المصروفات سينعكس إيجابياً على أسعار المنتجات والخدمات للمستهلك العادي.
ونأتي لموافقة الدفاع المدني التي تعتبر جزءاً من الترخيص التجاري. فبعد حريق "فيلاجو" صدرت عدة تصريحات بعضها يدين الترخيص التجاري الذي تهاون وأصدر ترخيصاً تجارياً لحضانة في المجمع المذكور بدون التحقق من إجراءات السلامة، فما كان منهم إلا أن أجبروا كل صاحب عمل بالحصول مسبقاً على موافقة الدفاع المدني. كأن كل مكاتب الشركات في حجم "فيلاجو"، أو أن المترددين على كل مكتب آلاف الزبائن. يا جماعة الخير نحن نتكلم عن مكتب لا تزيد مساحته على بضعة أمتار مربعة وفي بناية تم ترخيصها مسبقاً من الدفاع المدني ولا يتردد على هذا المكتب سوى الموظفين، وربما زبون أو زبونان في نفس الوقت. إن الإصرار على موافقة الدفاع المدني هو: 1. هروب من موظفي الترخيص من تحمل المسؤولية برميها على غيرهم. 2. تضييع موارد الشركة المالية والبشرية في ملاحقة الموافقة المطلوبة. ولا ننسى أيضاً، 3. الضغط الكبير على الإدارة العامة للدفاع المدني وأشغالهم بأمور، هم في غنى عنها.
وفي الختام نقول إن تشتيت مكاتب أصحاب الأعمال خلق ضغطاً على الوحدات العقارية المحدودة وبالتالي أدى هذا الأمر إلى رفع القيمة الإيجارية الذي ولد زيادة في مصروف الشركات والتي بدورها تم تحميلها على الزبائن. ولكن إذا كان هذا الإجراء الرسمي قد تم لصالح أو منفعة بعض أصحاب النفوذ والمتسلطين من مالكي العقارات على حساب التنمية الاقتصادية وعلى حساب المواطنين فهذا شيء آخر ونطلب منهم "السموحة" أن تحدثنا في الموضوع.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع