أبناء القطرية.. إلى أين؟

 

أبناء القطرية.. إلى أين؟

المواطن في حكم الدستور، والقوانين القطرية، يشمل، إلا فيما تم تحديده، الذكر والأنثى ممن يحمل الجنسية القطرية. وبما أن المجتمع القطري يقوم على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق (المادة 18)، وبما أن الدولة تصون تلك الدعامات وتكافؤ الفرص للمواطنين (المادة 19)، فإن المواطنين بذلك متساوون في الحقوق والواجبات العامة (المادة 34). واستناداً للمادة (41) من الدستور صدر القانون رقم (38) لسنة 2005 بشأن الجنسية، والذي فرق بين القطري الأصيل والقطري المتجنس، ولكنه نص بجواز منح الجنسية القطرية، بقرار أميري، لغير القطري على أن يكون مقيماً في قطر لمدة لا تقل عن 25 سنة، وأن يكون له وسيلة مشروعة للرزق، وأن يكون محمود السيرة، حسن السمعة، وأن يكون ملماً باللغة العربية. وتعطى الأولوية لمن كانت أمه قطرية. والحمد لله أن المشرع القطري في كل ما يتعلق بالحقوق ينص في أحد البنود على تفضيل من تكون أمه قطرية. ولكن وللأسف القوانين في واد ومعاملة أبناء القطرية في واد آخر. ولنأخذ بعض الأمثلة لذلك.
ففي المادة (14) من القانون رقم (8) لسنة 2009 بشأن قانون إدارة الموارد البشرية ذكر بالنص أنه "يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف أن يكون قطري الجنسية، فإن لم يوجد فتكون الأولوية لأبناء القطرية المتزوجة من غير قطري، ثم الزوج غير القطري المتزوج من قطرية أو قطري، ثم مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم مواطني الدول العربية، ثم الجنسيات الأخرى".
وفي هذا كتب الأخ فيصل المرزوقي (انظر العرب 3/7/2012) "البحث عن وظيفة بالنسبة لهم (أبناء القطرية) كالبحث عن المستحيل، وليتهم بحال بعض الأجانب والذين ينتقلون من جهة لأخرى ومن أعلى لأعلى في سلم الرواتب والامتيازات" وأضاف المرزوقي نقلاً عن إحدى الموظفات من أم قطرية قولها "أستغرب من وضعي الوظيفي فمعاملتي لا تختلف سواء في الراتب أو في العلاوات أو حتى في طبيعة وصيغة العقد عن الأجنبي وبه لم تضف عبارة "من أبناء القطرية" أو عبارة "من أبناء مجلس التعاون الخليجي" أي شيء في حياتي المهنية. أما في حالة الخدمات الطبية فنرى العجب فعند طلب الفحص الطبي للدخول للجامعة، أو للتقدم للوظيفة، فإنه يجب على أبناء القطرية الذهاب للقومسيون الطبي ويأخذ دوره في الطابور مع الآلاف من العمال والخدم والسائقين الوافدين ويمكن يجيه الدور أو يطلب منه الحضور في موعد آخر بشكل قاس وغير لائق. حتى المراكز الصحية يتم معاملتهم فيها كالأجانب لأن البطاقة الصحية مسجل فيها عبارة "غير قطري".
وعندما نتحدث عما يتعلق بالجواز أو وثيقة السفر ففيها أمور يشيب لها الولدان من أهوالها أقلها عندما يريد ابن القطرية الذهاب في سياحة مع أصدقائه القطريين إلى دولة من دول الخليج العربية. فلابد من التقدم لسفارة تلك الدولة بفترة طويلة للحصول على تأشيرة دخول وربما يحصل على الموافقة وربما يرفض طلبه وعند المغادرة أو الوصول فعليه أن يذهب "لكاونتر" الأجانب وليس لكاونتر أبناء مجلس التعاون. أما ما تملكه القطرية من عقار وأراض فبمجرد وفاتها فإنه لابد من قيام أبنائها ببيعها لأنه لا يحق لهم التملك في قطر لأنهم أجانب وبه ينتقلون من سكن ملك لهم إلى سكن بالإيجار وما أدراك ما الإيجار في قطر. والمحزن أنه بمجرد وفاة الأم فإن بطاقة التموين تتوقف عن ذريتها. أما الرسوم الحكومية (إقامات وكهرباء وماء .... ) فإن أبناء القطرية يدفعونها بالكامل كأنهم أجانب وليس فيهم جزء قطري.
ما عرضناه هو جانب بسيط من المعاناة التي يعاني منها أبناء القطرية في موطن والدتهم الأصلي، التي أجبرتها الظروف للزواج من أجنبي حتى ولو كان خليجيا مع العلم أن الدستور والقوانين القطرية قد عدلت بين القطريين الذكور والإناث. ونجد أن المادة (6) من قانون رقم (21) لسنة 1989 بشأن تنظيم الزواج من الأجانب أقر لهم:
1. الإقامة، بحكم المطلق، طالما ظلت أمهم القطرية موجودة في قطر. 2. وثائق سفر قطرية للأبناء القصر. 3. معاملتهم كمعاملة القطريين بالنسبة إلى التعليم والعلاج الطبي والعمل. 4. الأولوية، عند بلوغ سن الرشد، في اكتساب الجنسية القطرية.
ويجب أن لا ننسى في كل الأحوال أن القطرية هي مواطنة لها حقها في بلدها كما هو للقطري الذكر من حقوق. إن الدستور ينص، كما بينا سابقاً، على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وعليه وبما أن الأم قطرية فمن المفترض اعتبار أبنائها قطريين كما هو حاصل لنسل القطري الذكر. نحن لا نطالب بتجنيس أبناء القطرية، مع أن هذا يخالف الدستور، ولكننا نطالب بتغيير طريقة التعامل معهم، وذلك لأن نصفهم قطري.
وفي الختام نجد أن الطفل مجهول النسب "اللقيط" الذي أتى نتيجة ممارسة غير شرعية هو أفضل حالاً من ابن القطرية المتزوجة، بالقانون وعلى شرع الله ، من أجنبي، لأن القانون يمنح اللقيط الجنسية القطرية بالتجنس، فيما يحرم منها ابن المرأة القطرية. إن أبناء القطريات جزء من المجتمع ولا يجب التخلي عنهم، ويجب أن يتمتعوا بكافة حقوق المواطنة خاصة الرعاية الصحية، وحق الإقامة، والتعليم المجاني، والرسوم الحكومية، وتملك الأراضي والعقارات، والعمل وغيرها من الحقوق. إن أبناء القطرية، في الأول والأخير، هم في الحقيقة، أو جزء منهم على الأقل، من هذا الوطن، ويستحقون معاملة أفضل من الوضع الحالي.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع