قطر ومؤشرات الأداء

 

قطر ومؤشرات الأداء

قال سمو الأمير المفدى: "رسمنا في عام 2008 خريطة طريق لمستقبل البلاد تحت رؤية قطر 2030 ترمي إلى تحويل قطر بحلول عام 2030 إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وتأمين استمرار العيش الكريم لشعبها.. وسوف نواصل الاستثمار في القطاعات ولكننا سوف نكون أكثر صرامة ووضوحا بشأن النتائج والمخرجات". وكنت أعتقد أن كلام سموه واضح للمسؤولين في الحكومة وأن إيقاع النمو في قطر سيزيد بعد هذا الخطاب. ولكن، وللأسف، كل توقعاتي باءت بالفشل، لسبب بسيط، أن كبار المسؤولين أمنوا العقوبة فأصبح لا يهمهم سوى المنافع التي تأتي من مناصبهم وما أكثرها. وعندما تسأل أحد المسؤولين عما أنجز من الخطط ومدى تلبيتها للحاجة الفعلية بالمقارنة مع زيادة حجم السكان تضيع علومه ولا يستطيع الإجابة. إن الإدارة الواعية هي التي تستخدم مقاييس الاداء للتعرف على مدى النجاح في تحقيق الأهداف المرسومة في استراتيجيتها. وتتمثل مؤشرات الأداء من خلال تحديد: 1. هل التنفيذ حقق الأهداف؟ 2. ما الخطوات التي تم الانتهاء منها فعلياً وتلك التي لم يتم إنجازها؟ 3. ما الحد الأدنى من المهام التي لابد من الانتهاء منها؟ إن مؤشرات الأداء هي مؤشرات كمية (بيانات رقمية) وتطبيقية (نوع النشاط) وتوجيهية (مدى التقدم والتخلف) وعملية (مدى الرضا) وهذه المؤشرات تبين قوة النجاح أو الإخفاق التنظيمي لأي جهة في تحقيق الأهداف. إنني أتحدى أن تقوم أي جهة بنشر مؤشرات الاداء لديها أو على الأقل أن يكون لديها من يعرف كيف يحلل المؤشرات. وحتى نكون على وضوح لنأخذ حالتين فقط لنعرف وضع الاداء فيهما، ويجب ألا ننسى أن مناقشة الحالتين تتعلق فقط بحوالي 2.4 مليون نسمة من السكان، فتخيلوا ما سيكون عليه الوضع عندما يصل عدد السكان إلى 4 ملايين نسمة.

أولاً: المرور: إن جهاز الإحصاء يقوم بنشر معلومات هائلة بشكل بيانات إحصائية. وللأسف الجهات المختصة لم تأخذ هذه الإحصائيات كمؤشر تبني عليه خططها. سكان قطر، حسب الإحصائيات، يرتفعون سنوياً بمعدل 200.000 نسمة، ومن المتوقع وصول السكان في 10 سنوات إلى 4 ملايين نسمة. ومع التشدد في صرف رخص السياقة سنجد أن أقل زيادة سنوية محتملة لرخص القيادة في حدود 10.000 رخصة أو ما يعادل 5 % من الزيادة السنوية. وهنا نقول هل وضع المخططون في وزارة البلدية والتخطيط العمراني ووزارة الداخلية (ممثلة بإدارة المرور) والهيئة العامة للأشغال في حسابهم زيادة الطرق والشوارع بتلك النسبة لتعادل الضغط المحتمل من الأعداد الإضافية؟ إن ما نشاهده من تخطيط، فلتة زمانهم، لم يتعد سوى إغلاق مداخل ومخارج شارع 22 فبراير، أو تحويل الدوارات، بدون خطة، إلى إشارات، مثلما حدث على الكورنيش، وكانت النتيجة فشلاً ذريعاً لأننا وجدنا نفس رجال الأمن الذين كانوا يتواجدون في السابق على الدوارات لتنظيم الحركة يتواجدون الآن على الإشارات، والزحمة كانت تمتد من مبنى الداخلية إلى الديوان، أصبحت الآن، تبارك الله، من الشيراتون إلى الديوان.

ثانياً: الأمن الغذائي: تقول حصاد ان "انعدام الأمن الغذائي يؤثر سلبيا على مجتمعنا واقتصادنا وأنظمتنا السياسية". والسؤال: هل نسقت وزارة المالية وحصاد والميرة ومخازن جهودهم لتحقيق جزء يسير من الأمن الغذائي لشعب يتزايد سنوياً بمعدل 200.000 نسمة؟ وها هو رئيس مجلس إدارة حصاد يعلن في جريدة العرب أن 90 % من غذاء قطر يأتي من الخارج. وقبل ذلك أعلن في 2009 أن قطر سوف تكتفي ذاتيا من إنتاج الدواجن خلال 3 أعوام. والآن، وبعد مرور 4 سنوات، لا يزال السوق المحلي يعاني من نقص شديد في الدواجن والبيض، وعندما يتم حظر استيرادهما من الخارج لأسباب صحية، تتزايد وطأة الأمر من ندرة المعروض. إن السبب الرئيسي لهذا الأمر أنهم لم يقرأوا المؤشرات الإحصائية بشكل سليم، فهم يخططون على رقم ثابت بينما عدد السكان يزيد بشكل جنوني. وحتى لو سلمنا بقدرتهم على تلبية الحاجات ففي قطر لا توجد مخازن كافية للأغذية وما هو موجود لا يتعدى استهلاك قطر، في أحسن الظروف، لشهرين فقط.

إن هناك قاعدة مهمة في قياس الأداء تقول "ما نستطيع قياسه نستطيع تعديله وتطويره والتحكم فيه" والقياس هو أشبه ما يكون بالفحص الطبي لصحة عمل هذه الجهات، ومن خلال الفحص والتشخيص يتم علاج المشكلات والأمراض التي قد تظهر على السطح. وبالمؤشرات نستطيع استشراف المستقبل من اجل تجنب الحدث قبل وقوعه وليس دراسته وتحليله بعد فوات الأوان، الأمر الذي مكن الأمم الأخرى أن تقفز سريعا نحو الأمام. أما نحن، والحمد لله، فإننا لا نستطيع أن نخطط لأبعد من شهر من الزمان، حتى المطار لا نعرف متى سينتهي. إن قطر الآن مثل السلحفاة الكل راكب على ظهرها وهم مطمئنون بعدم الوقوع منها لأن السلحفاة تسير ببطء. أما ولي الأمر حفظه الله فيريد من قطر أن تكون فرس سباق ولن يستطيع أن يبقى على ظهر هذه الفرس إلا الفارس الحقيقي.

وفي الختام نقول ان النهوض لا يمكن ان يحدث إلا من خلال الانتقال من حالة السبات أو القعود إلى حالة اخرى فعلياً، وليس إعلامياً، وهذا لا يمكن ان يحدث إلا من خلال عملية محاسبة الذات. وأرغب حقيقة أن أسمع عن محاسبة مسؤول واحد عن الإخفاق في تنفيذ الخطط وليس فقط تحويله لبيته ومعه راتبه وامتيازاته ومنافعه التي حصل عليها.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع