مشروع قانون الموارد البشرية

 

مشروع قانون الموارد البشرية

هناك تشابه كبير بين القانون المطبق حالياً ومشروع القانون. ولقد توفق القائمون عندما نقلوا التفاصيل الدقيقة القابلة للتغيير إلى اللائحة التنفيذية لأن تعديل اللائحة أسهل من تعديل القانون. والذي أسعدني أن سلم الرواتب والبدلات سوف يتعدل لصالح الموظفين الذين على رأس عملهم (طبعاً لست منهم). ومع ذلك زعلت من وجود فجوة كبيرة في الرواتب الأساسية بين القطريين وغير القطريين الذين يزاولون نفس العمل. صحيح أنني كنت أنتقد الحكومة في معاملة الوافدين ولكني لم أقصد في مقالاتي ولا في تغريداتي على شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" هضم حقوق الموظفين الجادين من الوافدين ولكني كنت أقصد أن يعطى القطري الفرصة المناسبة للإبداع والتميز كما تعطى للوافد.

ونبدأ الآن بدراسة بعض المواد والتي سوف يكون لها، من وجهة نظري الخاصة، أثر على حياة الموظفين وبالأخص المواطنين منهم. في البداية وقبل كل شيء كنت أتمنى عدم ورود مادة (2) من إصدار القانون والتي تقر مبدأ إستثناء بعض الجهات من تطبيق أحكام القانون والسبب في ذلك أن القائمة، والتي لا تتعدى 3 جهات، وبخبراتنا السابقة من القانون الحالي، سوف تزيد ويصبح عندها الإستثناء هو الأساس في حين أن الأصل يتحول إلى إستثناء. وبما أن طبيعة العمل تم إقرارها لتكون ضمن المعاش التقاعدي فمن الأفضل أن يكون الإستثناء متمثلا في إقرار طبيعة عمل خاصة لتلك الفئات وذلك أسوة بما تم إقراره في جدول الرواتب الموحد حيث تم إستثناء الوظائف الإشرافية ببدل خاص أقر بالمادة (37) من اللائحة التنفيذية للقانون.

لقد أضيفت فقرة جديدة بالمادة (7) تنص على أنه يجوز التعيين بدون الإعلان عن الوظيفة. وأقول في هذا الشأن إنه لمن المعيب على حكومة قطر أن تعتمد قانوناً فيه مخالفة صريحة للدستور القطري وبخاصة في مواده (18) و(19) و(20) و(34). إن النص القديم، مع أنه على أرض الواقع غير مطبق، أفضل من الإعلان صراحة وبشكل رسمي أنه لا يوجد تكافؤ فرص للمواطنين وأنهم غير متساوين في الحقوق والواجبات. أما مادة (13) فهي تقر مبدأ قرار الرجل الواحد في دولة المؤسسات لإستمرار الموظف تحت الاختبار في وظيفته أو فصله. وكان من المفروض قراءتها ".. وذلك بموجب تقرير تعدة لجنة التقييم المؤسسي.." والتقرير يجب أن يغطي كل الجوانب حتى علاقة الموظف مع زملائه والمراجعين. إن حرمان الشخص من الوظيفة يجب أن يخضع لرأي لجنة وليس لشخص واحد فقط.

والقانون سمح للموظف بتقديم تظلم للوزير المختص من أي قرار يمس حقوقه. ولكن المشرع ذكر في القانون، وبالأخص في المواد (32) و(71) و(72) و(78)، عبارة خطيرة جداً تهضم حقوق الموظف وهي "ويعتبر انقضاء الميعاد دون البت في التظلم بمثابة قرار بالرفض". فالقانون أعطى الموظف حق التظلم ولكنه لم يعطه حق الدفاع عن نفسه بل جعل الأمر كله بيد الوزير المختص غير القادر على مواجهة المظلوم. أما المادة (35) بنصها المثبت بالمشروع فإنها، حسب وجهة نظري، ستشجع الموظف على النفاق ومهادنة الوزير حيث إنه من حق الوزير، بدون أسس أو قواعد، منح الموظف جائزة تشجيعية نظير خدمات متميزة أو أعمال أخرى، على أن لا تزيد على راتبه الشهري الإجمالي وبحد أقصى مرتين في السنة. من المفروض ولصالح العمل ولتشجيع المنافسة الشريفة أن تضاف فقرة إلى هذه المادة لتشمل معايير معينة قابلة للقياس للتحقق بأن أي موظف يكرم يستحق التكريم.

وذكر في الواجبات الوظيفية بمادة (67) فقرة (6) أن على الموظف (ذكر وأنثى) القيام بأي أعباء وظيفية يكلف بها ولو في غير مواعيد العمل الرسمية. وهذه الجملة غير مقبولة، فلو نصت الفقرة " على الموظف الذكر فقط القيام.." أو "بحد أقصى ساعة واحدة.." لكانت الفقرة مقبولة اجتماعياً. إن المجتمع القطري له خصوصيته فهو يعارض وبقوة وجود المرأة الموظفة، وخاصة غير المتزوجة، البقاء خارج المنزل لساعات متأخرة. مع العلم بأن جميع الوظائف، ما عدا مدارس البنات، هي وظائف مختلطة حتى ولو كان للنساء مكاتب منفصلة عن الرجال. وفي المادة (95) قرن التقاعد ببلوغ السن 67. لكن القائمين على مشروع القانون أوردوا فقرة تتيح للموظف الذي تزيد مدة خدمته على 40 سنة (للنساء 35 سنة) ولم يبلغوا سن التقاعد أن يتقدموا بطلب الإحالة للتقاعد. ألا تعلمون، يا مشرعين، بأن من خدم أكثر من 40 سنة وصل عمره بالراحة فوق 60 سنة ولم يبق له سوى فترة يسيرة جداً للوصول إلى عمر 67 سنة. أرى أن تعاد صياغة هذه المادة لتتناسب مع قانون التقاعد والذي نأمل أن يتعدل لصالح المواطنين. أما مادة (96) فقد أجازت مد خدمة الموظف، بموافقته، بعد السن القانوني لمدة خمس سنوات وبقرار من رئيس مجلس الوزراء فيما يجاوز ذلك. وأعتقد أن مد خدمة المواطن يجب ألا تتحدد بما ذكر بل يترك له الخيار بالإستمرار طيلة قدرته على تلبية متطلبات الوظيفة. أما الذين يدعون أن هذا الأمر سيقلل من الفرص الوظيفية للشباب فنقول لهم بدلاً من أن تطلبوا من المواطن القادر على مغادرة وظيفته اطلبوا هذا الشيء من الوافدين الذين تتجاوز نسبتهم نسبة المواطنين في الوظائف الحكومية.

وفي الختام نقول هذا ما وجدته من قراءة مشروع قانون الموارد البشرية علماً بأني لست متخصصاً في الموارد البشرية ولكني متخصص في حب الخير لقطر وللقطريين.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع