باي باي المعرض المهني

 

باي باي المعرض المهني

تم طي صفحة من صفحات المعرض المهني لعام 2013 وكل مواطن على هذه الأرض الطيبة يأمل أن يقوم هذا المعرض بتحقيق أهدافه المرسومة له من ولي الأمر. وهنا نأتي لمحاولة معرفة الأهداف الحقيقية المرسومة. فقد قال سمو الأمير المفدى في افتتاح الدورة التشريعية الحادية والأربعين لمجلس الشورى بتاريخ 6 /11 /2012 "إن مجتمعنا واقتصادنا بحمد الله في نمو متسارع، ونتيجة لذلك فإن مطالب الناس تزداد وتتنوع، وتبرز معها الحاجة إلى أن يترافق النمو السريع مع تنمية بشرية تتلاءم وإيقاعه". وأضاف سموه "إننا نعمل ونصب أعيننا مصالح المجتمع والإنسان القطري والتفكير بمستقبل الأجيال القادمة انطلاقاً من رؤيتنا بأن التنمية الشاملة ينبغي ألا تقتصر على الجانب الاقتصادي". أما سمو ولي العهد الأمين فقد قال في حفل دشين انطلاقة استراتيجية التنمية الوطنية 2011 — 2016 "ان سمو الأمير المفدى رسم مسارنا نحو تحقيق أهداف رؤيتنا الوطنية التي تترجم التزامنا برفاه مواطنينا الى خطة عمل تعمق العلاقة التبادلية بين النمو الاقتصادي والتنمية الانسانية وبين مصلحة الوطن ورفاه المواطنين". وبذلك فإن مهمة المعرض المهني الأساسية، وغيره من المؤسسات الرسمية، هو السير على هذا النهج المرسوم لتحقيق الأهداف التي تؤكد عليها قيادتنا العليا وهي رفاه المواطنين. ولكن، ومن خبراتنا السابقة لمعرض قطر المهني، فقد قامت جريدة الشرق بتاريخ 9 /3 /2013 بنشر مقالتي المعنونة "المعرض المهني وكذبة أبريل" والتي ذكرت فيها أن أعداد القطريين قليلة والوظائف كثيرة إلا أننا فشلنا في قضية تقطير الوظائف أو على الأقل تعيين العاطلين من المواطنين وبينت كيف تحول المعرض المهني من توفير فرص التوظيف والتدريب والتطوير والارشاد الوظيفي واستقطاب الكوادر القطرية من الخريجين والخريجات لخوض سوق العمل، إلى معرض مهني تتبارى فيه الجهات المشاركة بتزيين مواقع عرضها أكثر من التنافس في ترجمة حب سمو الأمير المفدى وولي عهده الأمين لشعبهما. وذكرنا في المقالة أن ما يحدث في المعرض ومن المعرض، من وجهة نظري الخاصة، هو مهزلة بكل ما تعنيه الكلمة لأنه خلق وهماً من المستحيل تحقيقه.

وقد يتساءل القاريء هل نحن في قطر بحاجة إلى معرض مهني؟ وللإجابة على ذلك فإنه لابد من معرفة عدد المواطنين القطريين. وتؤكد التقديرات الأكثر وثوقاً، أن عدد الموطنين لا يتجاوز 275 ألف شخص. فلو طلبنا من أي طالب في المرحلة الإبتدائية استخراج العدد المطلوب الاهتمام به وتعيينه في الوظائف المناسبة، لقام بعملية حساب بسيطة بدءاً من الرقم الأساسي وهو 000ر275 مواطن (يشمل كل من يحمل الجنسية القطرية) منهم: 500ر137 من الأطفال وصغار السن ومن يتلقى التعليم. و250ر19 من الشياب والعجائز والمتقاعدين. و500ر27 من العاملين لأنفسهم والذين لا يرغبون بالعمل. و500ر82 من العاملين بأجر في القطاع الحكومي والخاص. وبهذا يصبح مجموع أعداد الموطنين في الفئات المذكورة أعلاه 750ر266 مواطنا وعندما نطرح هذا العدد من العدد الأصلي تبقى الحصيلة 250ر8 مواطنا عاطلا لا يعمل، أو كما خفف أحد المسئولين في دولة قطر التسمية بمسمى "الباحثين عن عمل".

وعلى الجانب الآخر، وحسب آخر الإحصائيات الرسمية المنشورة لعام 2011، نجد أن هناك حوالي 1.2 مليون وافد بين موظف وعامل (حسب أحدث التقديرات الأكثر وثوقاً وصل عددهم إلى 1.4 مليون وافد). منهم: حوالى 990 ألف وافد ممن يعمل في مهن التسويق وتشغيل الآلات والعمالة اليدوية أو من في حكمهم. وحوالي 80 ألف وافد ممن يعمل في التشريع والإدارة العليا والمديرون. وبهذا يتبقى عدد 130 ألف وافد ممن يعمل في المهن المتخصصة والمساعدة والكتابية وهذه الوظائف تناسب القطريين من حملة الثانوية والجامعية بدون تأهيل أو بتأهيل بسيط.

إننا لا نختلف بأن القيادة العليا للبلد تعمل بجد وجهد كبيرين لحصول كل مواطن على كامل حقوقه وأن همهم الكبير هو حصول كل مواطن على عمل يسد احتياجاته ليعيش حياة كريمة في بلاده ومن خير بلاده. ولكن قد يقفز في الخط أحد المسئولين، كما تعودنا دائماً، بالقول إن الحكومة لا تستطيع تشغيل كافة العاطلين نظرا للتكاليف العالية التي ستترتب على ذلك بالإضافة إلى ما قد يشكله ذلك من قلة وضعف الإنتاجية في الاقتصاد. ونقول لهذا المسئول وغيره ممن هم على شاكلته "عين خير" فنحن نعيش في بلد صغير ذي موارد اقتصادية هائلة ووصلت مساعداته، وليس استثماراته، إلى أقصى الشرق ممثلا باليابان وإلى أقصى الغرب ممثلا بأمريكا، وعليه فلن تمثل مساعدته للمواطن بالحصول على الوظيفة المناسبة عقبة تؤثر على وفورات الميزانيات وليس على الميزانيات في حد ذاتها.

وفي الختام نتساءل هل الدولة ممثلة بالحكومة تعجز عن تشغيل 8 آلاف مواطن وقد انشأت لهم معرضاً مهنياً سنوياً يكلف مئات الملايين؟ هل يد الحكومة مغلولة لدرجة أنها لا تستطيع الاستغناء عن 000ر8 وافد من مجموع 000ر130 وتعيين مواطنين بدلاً عنهم؟.. إننا نعيش في بلد الخير ولا نحتاج، من وجهة نظري الخاصة، إلى معرض مهني بل نحتاج بعضنا البعض ويجب علينا جميعاً شعباً وحكومة وشركات، العمل معا لتحقيق أهدافنا أو كما قال سمو ولي العهد الأمين "علينا جميعاً ان نلتزم التزاماً كاملاً بالاهداف الطموحة لهذه الاستراتيجية وان نبذل اقصى الجهود لتحقيقها".

والله من وراء القصد..

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع