وزارة الداخلية وعائلات الوافدين

 

وزارة الداخلية وعائلات الوافدين

نشرت بتاريخ 15/4/2012

لقد تم في الآونة الأخيرة نقل تأشيرات أسر الوافدين من اللجنة الدائمة للاستقدام إلى وزارة الداخلية والتي بدورها حولتها لتكون من اختصاص لجنة الاستقدام بالإدارة العامة لجوازات المنافذ وشئون الوافدين. وقامت اللجنة بوضع شروطاً يتعلق بعضها بالراتب والبعض الآخر بمسمى المهنة. ونحن لا نختلف مع اللجنة بأهمية وضع معايير وشروط شديدة للحد من دخول أسر صغار الموظفين والعمال لأن هذه الأسر تتصف بأنها ذات أعداداً كبيرة مما سيزيد من النفقات العامة لتوفير الخدمات المتنوعة مثل المستشفيات والمدارس والشوارع والكهرباء والماء ولا ننسى الصرف على الجوانب الأمنية. ولكن مع ذلك يجب أن لا ننسى أن عدد المواطنين صغير، وهذا بدوره يجعلنا لا نستغني عن العمالة الوافدة في الوظائف المتنوعة التي خلقتها مسيرتنا للنمو والتنمية. ومع هذه الحقيقة فإنه يجب أن لا يغيب عن بالنا بأن الوافدين في قطر، وحتى لو كانوا متزوجين، فإنهم يصنفون من فئة العزاب لأن الكثير منهم يعيش منفرداً تاركاً أسرته في بلده الأصلي وهذا بدوره يخلق الكثير من المشاكل المجتمعية نحن في غنى عنها. فما هو الحل الأمثل يا وزارة الداخلية لننفع به دولة قطر ومجتمعها واقتصادها وننفع به في نفس الوقت العمالة الوافدة؟

 

لم تكن في قطر، قبل سبعينات القرن الماضي، سياسة واضحة للاستقدام. وعندما قامت السفارة البريطانية في 1970 بعمل إحصاء للسكان في قطر خرجت نتائج غير متوقعة وخطيرة، عندها بدأت الدولة في وضع سياسة للاستقدام مبنية على أسس ثلاث وهي: 1. السماح باستقدام العمالة لتلبية متطلبات التنمية. 2. تنويع مصادرها. 3. تطبيق سياسة أشد على دخول أسر صغار الموظفين. وكان لهذه السياسة دوراً فاعلاً في تلبية احتياجات متطلبات التنمية من القوى البشرية وخفض تكاليف مشروعات البني التحتية، وتسريع عجلة الإنتاج والتنمية، ونقل الخبرات الأجنبية إلى غيرها من الإيجابيات. ولكن قدوم الوافدين خلق جوانب سلبية عديدة من أهمها الجوانب الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية السلبية بسبب إقامة هذه العمالة ولفترات طويلة بعيدا عن أوطانهم وأسرهم. ولهذا فإن الكثير من العمالة تقوم بتحويل رواتبها بالكامل خارج الحدود لأن عدم وجود أسرهم بقربهم لا يحفزهم على الإنفاق ولذلك تجد أن تحويلات العمال السنوية تصل إلى أرقام هائلة.

 

إن هناك الكثير من القضايا التي أفرزها الوضع الحالي للاستقدام تجعل من الضروري إعادة النظر في تلك السياسات، وقد يثير هذا الأمر جدلاً بين مؤيد لذلك أو معارض له. ولكن سيتفق الجميع حتماً أن إعادة تدوير مليارات الريالات القطرية داخل الاقتصاد المحلي سوف تعود بالنفع العام للمجتمع. نحن نؤيد ما تقوم به الوزارة من التشديد على أسر صغار العمال بعدم منحهم الموافقة للإقامة ولكن هذا التأييد مقصور على من يعمل برواتب منخفضة فقط، ولكن، ومن وجهة نظري، يجب أن لا يكون هناك تشديد على الفئات التي تتمتع برواتب مناسبة، بل من الواجب تحفيز وتسهيل استقدام الرجل لزوجته العاملة مثل المعلم وزوجته المعلمة أو الفني وزوجته الممرضة أو المشرف وزوجته المحاسبة .. الخ، بدلا من أن يكون الاستقدام لكل فرد عامل على حدة. إن وجود العاملين كأسر له جوانب اجتماعية وأخلاقية واقتصادية إيجابية، حيث سيتم إنفاق جزء كبير من دخلهم داخل السوق في قطر، وليس تحويله بالكامل إلى الخارج مما سينعش السوق المحلي. كما أن ذلك سيحد من الممارسات غير الأخلاقية. وفي نفس الوقت يجب أن لا ننسى أن وجود الوافد وزوجته سيحد من حجم فاتورة الإنفاق العام للدولة فالحاجة إلى شوارع أكبر سيتقلص وتوليد حجم أكبر من الطاقة سيقل ومعدل الجريمة سينخفض .. الخ.

 

إن الشروط التي وضعتها اللجنة بوزارة الداخلية، مع احترامي لمن اقترحها ولمن يطبقها، غير واقعية ولا تشجع على تحفيز وتسهيل استقدام الرجل لزوجته العاملة فمثلاً كلمة سائق أو مندوب أو حتى فورمن .. الخ مهما كان راتب العامل تعني رفض طلب منح التأشيرة كأن هذه الوظائف لا تسمح لأصحابها الذهاب إلى المنزل. أما مستوى الرواتب والتي حددت بما يعادل 000ر10 ريال شهرياً هي غير منطقية على الإطلاق فنجد بعض القطريين، مع التزاماتهم المختلفة، لا تتعدى رواتبهم 000ر5 ريال قطري ومع ذلك فهم على قدرة في العيش الكريم. ولا ننسى إن الزوجة العاملة عند وصولها للبلاد فإنها سوف تساهم مع زوجها في تغطية نفقات المصروفات التي تتطلبها المعيشة في قطر.

 

وفي الختام نقول إن تسهيل دخول أسر العمالة الوافدة مهم جداً كونها توفر الأمان الاجتماعي والاستقرار النفسي لهم ولأفراد أسرهم مما يشكّل حافزاً مهماً لهم على العطاء والتفاني في خدمة دولة قطر، ولا يغيب عن البال بأن اقتصادنا الوطني بحاجة إلى مثل هذه العمالة، وعليه فلا بد من إعطاء العامل الوافد حقه كاملاً ومن أهم حقوقه الحق في رؤيته لأسرته بما يخدم المصلحة العامة لدولة قطر. إن تبني هذا الأمر قد يتطلب تحولاً جذرياً في البنية القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي يرتكز عليها استقدام العمالة الوافدة ونحن على يقين بقدرة وزارة الداخلية على ذلك.

***

لقد زادت الشكاوي على المدينة التعليمية وجامعاتها. ولقد كتبت فيما سبق عن زيارة قمت بها للمدينة التعليمية التي تقع على أرض قطرية وبنيت بأموال قطرية ويصرف عليها بأموال قطرية ويتم صيانتها بأموال قطرية ويتم توفير السكن لموظفيها وطلبتها بأموال قطرية حتى الحراسة على مبانيها وأصولها بأموال قطرية والجامعات التي تتواجد فيها جلبت بعقود امتياز بملايين الأموال القطرية ولو جمعنا حصيلة كل تلك الأموال وغيرها مما خصص للمدينة التعليمية نجدها بالمليارات وفي الأخير نجد الموظفين غير قطريين وأعضاء الهيئة التدريسية غير قطريين والطلبة في معظمهم غير قطريين. فالسؤال: ما هو نتيجة هذا الصرف الكبير؟ وما هو الخير الذي يعود على قطر وأهلها وشبابها من هذه المدينة التعليمية؟ وسوف نتعرض لهذا الموضوع في مقالات قادمة ..

 

والله من وراء القصد ،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع