القطريون والتنمية وتعداد 2010

القطريون والتنمية وتعداد 2010

لقد قامت دولة قطر، في عام 2010 بإجراء تعداد للسكان في دولة قطر وهذا جهد يشكر عليه جميع القائمين على هذا الأمر. وكما عهدنا من كل التعدادات السابقة أن المعلومات المتعلقة بالجنسية هي سرية للغاية لا يطلع عليها إلا فئة قليلة من البشر وذلك، كما يقال لنا دائماً، لدواع أمنية أو لعدم بث الرعب بين المواطنين لحجم كل جنسية في البلاد. وبما أننا نتكلم عن العمالة فإليكم هذا الجدول الإحصائي:

فى الجهات الحكومية والمختلطة 65.791 قطريون و118.308 غير قطريين والمجموع 184.099

والجهات الخاصة 5.636 قطريون و947.093 غير قطريين والمجموع952.729

والجهات المنزلية 60 قطريون و132.410 غير قطريين و المجموع132.470

والجهات الأخرى 86 قطريون و2.068 غير قطريين والمجموع2.154

والمجموع الاجمالى 71.573 قطريون و1.199.879غير قطريين

لقد كنا نتوقع أن تكون العمالة الوافدة أكبر من العمالة المواطنة ولكن المفاجأة التي صدمتنا هي أن القطريين كانت نسبتهم للوافدين تصل فقط إلى 5.6 % من الإجمالي. علماً بأن عدداً من القطريين الذين شملهم الإحصاء هم من المحولين للتقاعد. يعني لو أننا قمنا بطرح تلك الأعداد من المجموع العام للقطريين لأصبحت نسبتهم لا تتجاوز في أحسن حالاتها عن 4 % من الإجمالي. وللعلم فإن الجدول لم يشمل عدد العاطلين الذين لم يسبق لهم العمل والذين تبلغ أعدادهم حوالي 7.000 مواطن

وفي الجانب الآخر نجد أن تقديرات عدد السكان في جمهورية مصر العربية عام 2008 وصل إلى 72 مليون نسمة تبلغ نسبة البطالة منهم 8.9 % من إجمالي السكان (أكثر من 6 ملايين عاطل مصري) ولكن ما هو الفرق الجوهري بين الوضع في قطر والوضع في مصر؟

لقد اطلعت على قانون الموارد البشرية القطرية وعلى قانون العمل المصري وفي نفس الوقت اطلعت على قانون التقاعد القطري وقانون التقاعد المصري ووجدت أن الاختلاف الجوهري بين هذه القوانين هو احترام وتقدير العامل المصري من دولته في حين يهان العامل القطري من قبل دولته

أن القوانين في مصر سنت للحفاظ على القوة العاملة. فلا يحال أي مصري إلى التقاعد إلا بتوافر أحد هذه الشروط الثلاثة وهي: 1) بناء على رغبته أو 2) للعجز الطبي أو 3) للوفاة. وهذا في اعتقادي هو قمة الاحترام والوفاء للفرد المصري العامل مع أنه من المهم لمصر أن تحيل أكبر عدد ممكن من المصريين إلى التقاعد وذلك لإفساح المجال أمام الأعداد المليونية الغفيرة من العاطلين للولوج إلى سوق العمل.

أما في قطر، ذات العمالة المواطنة الصغيرة جداً والتي لا تكاد تذكر، فالوضع يختلف كلياً وبشكل معاكس. فعندما يحدث ما يسمى تطوير إداري بدمج بعض الجهات الحكومية أو بفصلها نضع يدينا على قلبنا لأننا نعرف أنه سوف يتم الاستغناء عن الكثير من القطريين كأن هذا التطوير عمل أساساً لتفنيشهم. وعندما يتغير الوزير أو مدير الإدارة نجد أن هذا التغيير جر الكثير من المآسي على الموظفين القطريين. وإذا المسئول مر ولم يعجبه شكل الموظف القطري أو أن هذا الموظف المسكين لم يسلم عليه بسبب عدم انتباهه للهموم التي يعاني منها قام بتحويله إلى التقاعد. إلى آخره من الأعذار التافهة التي يترتب عليها عدم تقدير واحترام المواطن العامل. والمشكلة أن تحويل المواطن إلى البند المركزي أو للتقاعد دائماً، كما يقال، لأنه عمالة فائضة وللأسف لا تمضي سوى عدة أيام حتى يتم تعيين غير قطريين بنفس الوظيفة التي كان عليها القطري أو بخلق مسمىً جديد ذراً للغبار في العين. ولقد زرت بعض الجهات الحكومية التي كانت بها نسبة عالية من المواطنين وللأسف مرة أخرى، لم أجد سوى مجموعة كبيرة من غير المواطنين متكدسين وبعضهم يقضي وقته في تصفح الإنترنت أو بالمحادثة الهاتفية. ومن الطرائف التي وجدتها أن أحد الموظفين من غير القطريين يراسل صديقه في إحدى الدول الشقيقة يبشره بأن دوار المجنون عقل وتم تحويله إلى تقاطع أما بالنسبة للقطريين فلم يصلح حالهم حتى الآن. وطبعاً، من وجهة نظري الخاصة، الوصف ينطبق علينا لأننا حتى الآن ومع أن نسبة المواطنين إلى مجموع العمالة الإجمالية لا تصل إلى 4 % فإننا حتى الآن لا نستطيع إيجاد وظائف للعاطلين عن العمل من المواطنين (يبلغ عددهم، كما قلنا سابقاً، حوالي 7.000 عاطل) بل نحيل الكثير من المواطنين العاملين الجادين إلى فئة العاطلين وهم في ريعان شبابهم لدرجة أن يخرج رئيس هيئة التقاعد معلناً أن 50 % من المتقاعدين هم من الحالات التي واجه أصحابها التقاعد المبكر، أو ما اسميه بالتقاعد القسري. والمشكلة الخطيرة أن الجهات الحكومية، وبناءً على توصية من المستشارين الأجانب أصحاب العيون الخضر والزرق، بدأت في تنفيذ خطة تحويل كل قطري بلغ من العمر 45 سنة فأكثر للتقاعد الإجباري. (بدأت في إحدى الوزارات الحكومية وأطلق على العملية "العمالة غير المنتجة" وكان يطلق، في السابق، على مثل هذه الأمور "العمالة الفائضة")

إن تحقيق التنمية الشاملة والنهضة والتقدم والرقي، يا سادة يا كرام، لا يتم إلا من خلال سياسة رشيدة وموارد بشرية مخلصة وأمينة. أي يجب أن تكون هناك مواءمة بين الجانب الاقتصادي والجانب الإنساني والاجتماعي أما إذا كانت التنمية المنشودة لا يستفيد منها المواطن فإنني أقول اللهم لا تبارك في هذا النوع من التنمية التي تبعد المواطن عنها وتجعله يعاني من عدم وجود مصدر رزق كريم لأن غالبيتهم إما عاطل أو عاطل (متقاعد). وهذا يجرنا للتساؤل البريء: لمن تقوم الدولة بتنفيذ برامج التنمية الشاملة في البلاد؟

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع