اللجنة الدائمة للاستقدام

اللجنة الدائمة للاستقدام

بعد أن تمت مناقشة أعمال وزارة العمل نأتي اليوم لمناقشة موضوع مهم خلق عقبة أمام تطوير الأعمال وبخاصة للقطاع الخاص وهو نشاط اللجنة الدائمة للاستقدام. لقد تم تشكيل لجنة الاستقدام في عام 1975 بقرار من وزير الداخلية آنذاك (تأتي اللجنة في الوقت الحاضر تحت إشراف وزير العمل) وكان الهدف منها هو:

• السماح باستقدام العمالة الوافدة لتلبية متطلبات خطط التنمية الداخلية.

• تنويع مصادر هذه العمالة.

إن دور اللجنة الدائمة للاستقدام يتمثل في دراسة طلبات استقدام العمالة للجهات الحكومية وشبه الحكومية والشركات الخاصة ولكنها ليست هي المسئولة عن تحديد الأعداد بل هي مسئولة عن تحديد جنسيات الأعداد المطلوبة للعمل بالمؤسسات والشركات، أما تأشيرة العائلات وعمالة المنازل والمزارع وسفن الصيد والرعاة فهي لا تزال من اختصاص وزارة الداخلية.

وعلى الرغم من أن لجنة الاستقدام قد وفقت، إلى حد ما، في تحسين التوازن بين الوافدين من الجنسيات المختلفة، إلا أنها لم تستطع أن تكتشف جميع حالات التزوير في الطلبات التي تقدم إليها من المؤسسات والشركات. فإنه بمجرد حصول الموافقة فإن بعض سمات الدخول (الفيز) تأخذ طريقها إلى السوق السوداء حيث تباع السمة الواحدة وبدون عناء بمبالغ كبيرة (حسب أحدث أسعار بورصة السوق السوداء للتأشيرات تبين أن: الهندي = 000ر15 ريال، الباكستاني = 000ر35 ريال، والإيراني = أكثر من 000ر70 ريال).

ومن الملاحظ أن هناك الكثير من الشكاوى على طريقة عمل اللجنة وإن سبب الشكوى، وكما عرفناه عن قرب وسمعناه من المراجعين، يتمثل في التالي:

أولاً: تحديد جنسيات العمالة الوافدة: إنه لا يوجد أي مأخذ على تحديد الجنسيات بل وتطالب به الأغلبية لما فيه صالح المجتمع ولكن المشكلة التي تأتي في المقام الأول هي أن الجنسيات المحددة من قبل اللجنة هي من دول لم نسمع عنها من قبل (على الأقل نتعلم جغرافية العالم) وللأسف أن الكثير من هذه الدول متخلف عن المستوى الذي وصلت إليه دولة قطر أو ذلك المستوى الذي تطمح للوصول إليه فبدلاً من أن يحدث تقدم تكنولوجي، يحدث، بسبب هذه العمالة، تخلف في جميع الميادين.

ثانياً: تكلفة العامل الوافد: هناك فرق بين تكلفة العامل الوافد الذي يأتي ويمارس العمل مباشرة وتكون لغة المحاورة مفهومة وبين العامل الذي لابد من القيام بتعليمه وتدريبه على العمل المطلوب فالأول يعتبر مكسبا للقطاع الخاص ولكن الثاني يكلف الشركة مصروفات كبيرة تتمثل في قيمة تذاكر السفر ورسوم الداخلية والصحة والعمل، بالإضافة إلى السكن والرواتب والمصاريف الأخرى والمصيبة الكبرى تتمثل بعدم ملائمة العامل لطبيعة العمل مما تضاف تكاليف تسفيره لبلاده. وهذه المصاريف تتكرر مع كل عامل وافد ممن ليس لهم دراية أو معرفة بأسلوب العمل في قطر وكل ما سبق يعتبر هدراً لموارد القطاع الخاص.

ثالثاً: تعديل جنسيات العاملين: في بعض عقود الشركات مع الجهات الحكومية والشركات المساهمة يتم الطلب على جنسيات معينة ولكن اللجنة لا تعير هذه الشروط أهمية كبرى. ونحن لا ننكر أن اللجنة تتيح للجهات إمكانية تعديل جنسيات هذه العمالة من خلال تنظيم مقابلات للتعرف على مدى احتياج تلك الجهات لجنسيات محددة ولكن هذا الوضع يأخذ الكثير من الجهد والوقت وتكرار التقدم وتكرار المقابلات. وتمر الأسابيع والشهور ولا تحصل تلك الجهات سوى على الجزء اليسير من تلك الطلبات وربما يتأخر تنفيذ العقود بسبب هذه الإجراءات وتدخل تلك الشركات في غرامات التأخير والتي ربما تتجاوز ما هو مؤمل من أرباح تتحقق من المناقصة نفسها.

رابعاً: المعاملة التفضيلية: تقوم اللجنة بتقسيم المتقدمين إلى ثلاث فئات

• الجهات الحكومية: وهذه الجهات تنفذ مطالبها من ناحية العدد والجنسيات بسرعة البرق وبدون تأخير وبدون رسوم.

• الجهات شبه الحكومية: وهي تشمل الشركات الكبيرة التي تنفذ مشروعات بالدولة وهي أيضاً تحظى بالمعزة والكرامة وتنفذ طلباتها ولكن تربط تلك الطلبات بمدة العقود.

• الشركات الأخرى: وهي الأكثر وتشمل الشركات الصغيرة والمحلات التجارية وهذه الفئة هي المنكوبة والتي تطبق عليها الضوابط الإجرائية والقانونية المقررة التي تحكم عمل اللجنة إلا إذا كان أصحابها من الأسماء المعروفة.

خامساً: المعايير الجديدة: لقد أصدرت اللجنة عددا من المعايير الجديدة منها تقديم كشوف تشمل صرف رواتب آخر ثلاثة شهور وتقديم تعهد لحماية حقوق العمالة عند وجود شركات تعمل من الباطن ولا ننسى تسليم تقرير خاص عن حالة سكن العمال. وهذه المعايير وغيرها ليست، كما أراها، من اختصاص اللجنة بل هي من اختصاصات إدارة الاستخدام بوزارة العمل أما أي مخالفة لبنود قانون العمل فهي من اختصاصات النيابة العامة والمحاكم القطرية.

إنني أرى بأن ما ذكر من شكاوى يعتبر أولاً وأخيراً تضييقا للخناق على الشركات والمحلات التجارية بالقطاع الخاص. ولابد، حتى نضمن تقدم الشركات وتطورها، أن تضع اللجنة في اعتبارها نوعية الجنسية المحددة للعمالة المطلوبة مع التفرقة بين فئة العمالة عند تحديد الجنسية. فعندما تريد شركة أن تجلب عمالة متخصصة في ميكانيكا السيارات، على سبيل المثال، ألا تمنح اللجنة تلك الشركة عمالة من جنسيات ما يزال أغلب سكانها يستخدمون العربات التي تجرها، أكرمكم الله، الحيوانات. أو عمالة متخصصة في صناعة الطابوق ألا تمنح اللجنة تلك الشركة عمالة من جنسيات ما يزال أغلب سكانها يستخدمون الطين في بناء مساكنهم. وفي نفس الوقت نقترح أن تضع اللجنة قائمة متجددة للجنسيات المسموح بها حتى يستطيع القطاع الخاص أن يختار من بينها مما يساهم في عدم رفض الطلبات وسرعة إنجاز المعاملات وتقليص النفقات مما سينعكس على مستوى الأسعار لدى المستهلك.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع