الحقوق السياسية للمتجنس

 

الحقوق السياسية للمتجنس

تم النشر بتاريخ 15/8/2010

بعد أن عرفنا، في الأسبوع الماضي، بعض المشكلات التي قد يواجهها المتجنس من جراء حصوله على الجنسية القطرية نأتي اليوم لمناقشة حقوق المتجنس السياسية.

 

لقد فرق المشرع القطري بين الحقوق السياسية لمن ردت إليه الجنسية القطرية وبين الذي اكتسب الجنسية القطرية فذكر في المادة (15) "لا يكون لمن ردت إلية الجنسية القطرية وفقاً لأحكام القانون حق الترشيح أو التعيين في أية هيئة تشريعية قبل انقضاء عشر سنوات على الأقل من تاريخ رد الجنسية إلية". أما فيما يتعلق بحقوق المتجنس السياسية فقد حددت المادة (16) " .. ولا يكون لمن اكتسب الجنسية القطرية حق الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية". وفي هذا الأمر لنا وقفات

 

لقد مرت على قطر، وكما يعرف الجميع، سنوات عجاف بسبب الحروب العالمية وانحسار أو تدهور حرفة صيد اللؤلؤ هاجر على أثرها العديد من المواطنين إلى الدول المجاورة وكان معظمهم قد توجه إلى البحرين والسعودية وساحل فارس. وبعد تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية رجع معظمهم ما عدا فئة قليلة ارتبطت بالأرض التي هاجرت إليها. وبعد وفاة الجد أو الوالد رجع النسل إلى منطقة جذورهم وهم على استعداد للتنازل عن الجنسية المكتسبة للحصول على الجنسية الأصلية. ولم تتوانى دولة قطر، بعد دراسة الوثائق وسؤال الشهود، من الاعتراف بهم كمواطنين، ولكن عن طريق قانون الجنسية الجديد فقد تم حرمانهم لمدة عشر سنوات من المشاركة الحقيقية في المجتمع وفي هذا الأمر، كما أراه، ظلم واضح فبما أن الدولة قد قامت برد الجنسية لهذا الشخص واعترفت بأنه قطري أصيل فكان من المنطقي أن تعود إليه كامل حقوق المواطنة مباشرة ومنها حق الانتخاب والترشيح والتعيين في أية هيئة تشريعية وذلك كما كان مثبت في القانون الملغي والذي أقصد هو قانون (2) لسنة 1961.

 

أما مادة (16) والمتعلقة بمن تجنس، وكما أراها، تقيد جزء من تفاعل المجنسين الإيجابي في المجتمع وتحد من اندماجهم وتبقيهم منعزلين. ربما هذا الأمر فيه وجهة نظر صحيحة لمن تجنس فالارتباط بأرض جديدة بعد ارتباط شديد بأرض أخرى، بحيث يحل الارتباط الثاني محل الأول ليس بالأمر السهل الذي ينساه المجنس بين ليلة وضحاها.  ولكن ما هو الحال على الأجيال القادمة وأقصد بذلك الأبناء والأحفاد للمتجنسين. إن هذه المادة تحرم المجنسين ونسلهم إلى أبد الآبدين من المشاركة في مجتمع اعترف بهم بأنهم مواطنين ولكن، وكما يبدو من الظاهر، من درجة تختلف عن المواطنين الأصليين وهذا يخلق طبقات في مجتمع صغير يصل عدد سكانه إلى بضع مئات من الألوف.

 

وقانون الجنسية لم يفرق بين المتجنسين من ناحية أصولهم والتحديد كان فقط لمن ردت إليه الجنسية ومن اكتسب الجنسية وهذا يضع نقاط استفهام لمن ترجع أصولهم لدول مجلس التعاون الخليجي. وكما أفهم شخصياً من هذا القانون فوضعهم هو وضع المتجنس وليس لمن ردت إليه الجنسية وعليه فلا يكون لهم حق الانتخاب والترشيح

 

ولنسأل السؤال البريء جداً: عندما تم منح الجنسية لهؤلاء البشر هل تم الاعتراف بهم كقطريين أم لا. فإن لم يعترف بهم المشرع بأنهم قطريين بالتجنس فعندها حكماً لا يتم منحهم الجنسية القطرية ولا يطلق عليهم بالمتجنسين بل من الممكن أن يتم منحهم لقب حملة الجواز القطري. وكما هو معروف فإن هناك فرق كبير بين حملة الجنسية وحملة الجواز. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، هناك فرق كبير بين الجواز السعودي والذي يسهل عملية التنقل والإنتقال بين السعودية والعالم الخارجي وهناك التابعية والتي بموجبها يستحق حملتها لقب المواطن السعودي

 

أما إذا المشرع يعترف بأن هؤلاء البشر هم من حملة الجنسية القطرية، فعندها ندخل في مشكلة كبيرة جداً وهي تضارب مواد القانون بمواد الدستور مع العلم بأن القانون له الصفة الدستورية. ففي المادة (19) تصون الدولة دعامات المجتمع، وتكفل الأمن والاستقرار، وتكافؤ الفرص للمواطنين. في حين أن المادة (20) تنص على أن تعمل الدولة على توطيد روح الوحدة الوطنية، والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة. أما المادة (34) فتذكر بأن المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة. والمادة (42) تكفل الدولة حق الانتخاب والترشيح للمواطنين، وفقاً للقانون. وكما هو معلوم بأن كلمة "المواطنين" تعني الجميع ممن يحملون الجنسية القطرية وليس الجواز القطري. ومن الواضح، فيما ذكر، بأن كل ما ذكر في هذه المواد لن تطبق على المتجنس. وعليه فإننا نتمنى أن تتم معالجة المواضيع التي ذكرت، والتي نعتقد بأنها قد تحدث شرخاً في بنية المجتمع القطري، ربما ليس في الوقت الحاضر ولكنها سوف تظهر على السطح بشكل قوي في المستقبل القريب و/أو البعيد.

 

إن ما ذكر في مقالة الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع لهو دعوة لغير القطريين أن يفكروا ملياً قبل التقدم للحصول على الجنسية القطرية وهو دعوة أيضاً للمشرع القطري أن يعيد تفكيره في قانون الجنسية القطري الجديد وأن يعقد مقارنة بين سلبياته وايجابياته المحتملة وإذا في الإمكان مقارنة مواد هذا القانون مع مواد قانون (2) لسنة 1961 وأن يتم اقتباس الأفضل منهما لصالح قطر حاضراً ومستقبلاً

 

 

والله من وراء القصد ،،

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع