أشغال وتجاهل الشركات القطرية

 

أشغال وتجاهل الشركات القطرية

تم النشر بتاريخ 22/3/2010

 

إن موظفي أشغال وللأسف على اقتناع تام بأن كل ما هو قطري لا يرقى إلى أن يكون أداة لتطوير وتنفيذ المشاريع متناسين أنهم قطريين ويعملون في جهة قطرية لمصلحة بناء المجتمع القطري

 

 

إن تجاهل مشاركة الشركات القطرية في أعمال التنمية يعتبر خطيراً جداً ويأتي ذلك مخالفاً للتوجه نحو تعزيز المشاركة المحلية كأُسلوب لتوسيع قاعدة التنمية الاقتصادية لدولة قطر، وكذلك مخالفاً للجوهر الاجتماعي للتنمية الشاملة التي تركز على أن المواطن القطري هو العنصر الأساسي في التنمية.

 

إن الحكومة الماليزية، كما حدثني معالي السيد محاضير محمد رئيس مجلس الوزراء الماليزي السابق، تتعاقد مع الشركات العالمية لتنفيذ مشاريع متنوعة داخل ماليزيا ولكن ينص في عقود المناقصات بأن التنفيذ في غالبه يجب أن يكون من خلال عقود من الباطن تمنح للشركات الماليزية وذلك بقصد:

·        أن معظم الموارد المالية المخصصة للمشاريع يجب أن يعاد تدويرها في الاقتصاد المحلي عن طريق الشركات المحلية

·        المساهمة في رفع درجة رفاهية المواطن وذلك عند صرف الموارد المالية محلياً

·        إن الشركات المحلية هي الأقدر بالحصول على المواد المطلوبة بأقل جهد وبسرعة كبيرة لمعرفتهم بالسوق المحلي

·        الحصول على الخبرة من العمل مع المقاول الأجنبي أو تلك التي حصل عليها خلال مشاركته في تنفيذ مشاريع الطفرة العمرانية

·        تعريف الشركات العالمية على قدرات الشركات المحلية مما يساهم في انطلاقها إلى العالمية

 

هذا ما يحدث في ماليزيا ولكن ما يحدث مع أشغال وبعض الشركات المساهمة والمدعومة من الحكومة فهو أمر مختلف جداً فهم يتركون للشركة الأجنبية الحق في الاستعانة بالمقاولين المحليين من عدمه (ولو كان بيدهم لأجبروا الشركات العالمية بعدم الاستعانة بالشركات المحلية كما حدث في إحدى الهيئات العامة) وبهذا فقد انقسمت الشركات العالمية إلى فئتين

 

·        فئة تأتي إلى قطر مع بضعة مهندسين بينما العمالة والآليات وباقي مستلزمات تنفيذ المشاريع موجودة ومتوفرة لدى الشركات المحلية (وهذا دليل، غير معلن، على مدى مقدرة الشركات المحلية على مقارعة الشركات الأجنبية)

·        فئة تأتي إلى قطر بجميع ما تحتاجه من عمالة ومواد وآليات من بلدها الأصلي ولا تصرف في السوق المحلي ريال واحد سوى للمحروقات (بترول وديزل) لأنها وببساطة سلع مدعومة من الحكومة

 

إن على أشغال أن تعمل على استحداث وتجريب مداخل جديدة للتنمية يكون أساسها المشاركة الوطنية الجادة والكاملة. وذلك من أجل تحقيق وتغطية احتياجات التطور والتكامل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في دولة قطر.

 

خامساً: دوراً أكبر للشركات المحلية

السؤال المطروح على الملأ هو : لماذا نستقبل الشركات الأجنبية بالورود والابتسامات ونفتح لهم الأبواب والجيوب على مصراعيها في مشاريعنا المحلية بينما يلاقي المقاول القطري العبوس وتضرب بوجهه أبواب كل الجهات الرسمية وغير الرسمية؟

 

أما السؤال الأخطر من ذلك هو : هل هناك مصالح خاصة تمنع زيادة حصة الشركات القطرية من المشاريع التي تنفذ على الأراضي القطرية؟ أم أن الأمر يتعلق بكفاءة وجودة الشركات الأجنبية وضعف أداء الشركات القطرية؟.. مع العلم بأن "الأجنبي" يستعين "بالقطري"!

 

إن الاعتماد على الشركات القطرية هو واجب قومي ولابد من أخذ العبر من الدول الأخرى مثل ماليزيا فالشركات القطرية هي التي عايشت الأزمات الاقتصادية التي مرت بها البلاد بسبب انخفاض سعر النفط في ثمانينات القرن الماضي، وتقبل المواطنون أصحاب تلك الشركات الأمر وتعاونوا مع الدولة وانتظروا فترات طويلة على الدفعات المستحقة وتكبدوا عمولات كبيرة من البنوك ومع أن جزءاً من تلك الشركات أعلنت إفلاسها بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والكل كان صابراً وعندما ارتفعت الإيرادات النفطية عشرات المرات تناست الدولة تضحيات تلك الشركات القطرية وأصحابها وتوجهت للأجانب الذين لم يتكبدوا خسائر مالية بقدر ما حصدت تلك الشركات أرباحاً غير مسبوقة لاسيما وأنهم كانوا «يفوزون» بعقود الإنشاءات ويتعاقدون بالباطن مع المقاول المحلي لتنفيذها. لقد أثبتت الشركات القطرية " أو ما يسمى بالمقاول من الباطن" أنها تستطيع إنجاز المشاريع بعد أن حصدت خبرات طويلة وأصبحت قادرة على أن تكون نداً حقيقياً لمنافسه الشركات الأجنبية "أو ما يسمى بالمقاول الرئيسي" في تنفيذ أكبر المشاريع

 

 

كلنا يعرف أن الضرورة التي أباحت وجود شركات المقاولات الأجنبية في وقت ما، لم يعد لها وجود الآن وأن الاستمرار في الاعتماد عليها من شأنه أن يهدد كيان الشركات القطرية التي لابد وأن تحظى بكل الدعم والمساندة على اعتبار أنها عصب قطاع يعد من أهم القطاعات الاقتصادية في قطر بل ويعد خياراً استراتيجياً لتنوع مصادر الدخل القومي لها

 

إن عدم وجود شركات قطرية كبرى يعتبر حقيقة على أرض الواقع وهذا الأمر نتج عنه استحواذ الشركات الأجنبية على كافة المشاريع الكبرى التي طرحت خلال الفترة السابقة بالدولة. لذلك فإن هناك حاجة لوجود تحالف بين الشركات القطرية في مجال إدارة وتنفيذ مشاريع الإنشاءات المدنية (المقاولات) والتسويق, يهدف إلى جمع خبرات وأصول وإمكانيات تلك الشركات تحت مظلة واحدة مما يجعل منهم شركة كبرى متخصصة في مجال وفروع الأعمال الإنشائية المدنية تمتلك من المعدات والآليات والعُدد ما يفوق ما تمتلكه أكبر الشركات الأجنبية وتستطيع تنفيذ أي أعمال إنشائية مدنية مهما كان حجمها أو متطلباتها.

 

إن شركات المقاولات المحلية ستجد فرصة مهمة للدخول في تحالفات من شأنها تقوية ملاءتها المالية من جهة وتعضيد خبراتها من جهة ثانية مما يقوي فرصها في الفوز بعقود تنفيذ كبيرة تتناسب مع حجمها.

 

 

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع